حرب الأفكار الحوثية


منذر فؤاد

 
  بخطى متسارعة، يواصل الحوثيون فرض منهجهم ورؤيتهم على القطاع التعليمي في اليمن، بالتوازي مع إكمال سيطرتهم على المؤسسات التعليمية المنضوية في القطاع الخاص، في إطار خطة خبيثة ذات تأثير بعيد المدى.
 
خلال الفترة القليلة الماضية، برزت ثلاثة أحداث، تكشف خطورة التوغل الحوثي المتسارع لتدمير قطاع التعليم، وحرصها على أن يكون لها دور في صناعة تفكير وثقافة الأجيال القادمة، وهذه الأحداث تندرج ضمن سلسلة أحداث سابقة تصب في نفس المجرى.
 
الحدث الأول، كان سيطرة الحوثيين على جامعة العلوم والتكنولوجيا بعد اختطاف رئيسها، والحدث الثاني كان فرض شعار الصرخة في الطابور الصباحي في مدارس العاصمة صنعاء ومعاقبة المخالفين، أما الحدث الثالث، فهو استحداث مادة جديدة تحوي محاضرات عبدالملك الحوثي وتدريسها لطلاب الثانوية في صعدة على أن تعمم لاحقا في بقية المناطق.
 
يدرك الحوثيون أن بقاء عصابتهم، مرهون ببقاء الفكرة والمنهج، وهم بذلك إنما ينفذون توصيات مؤسس الجماعة الهالك حسين الحوثي، الذي كان كثيرا ما يتحدث عن ضرورة حضور أفكار الجماعة وشعار الصرخة في المناهج الدراسية والفعاليات الثقافية، لاستنهاض الهمم ورفع المعنويات!
 
وبينما أصبح الملايين من طلاب المدارس والجامعات، يدورون في الفلك التعليمي الحوثي، غصبا عنهم، يستكثر بعض اليساريين وجود أنشطة إسلامية في مناطق سيطرة الشرعية، ويهاجمها بكل صلافة بينما يغض الطرف عما يجري في صعدة وصنعاء، وكمثال على ذلك، ما شهدته تعز الأسبوع الماضي من حفل تخريج 300 من حفظة القرآن الكريم، في خطوة تثير الاعتزاز والأنفة في ظل واقع غاب فيه الحضور الإسلامي، وحضر فيه التوجه المناهض لكل ماهو إسلامي.
 
إن حرب الأفكار التي تشنها العصابة الحوثية للتأثير على الأدمغة واستهداف العقيدة والأرواح، أخطر بكثير من الحرب العسكرية التي تطال الأرض والأجساد، فنجاح الحرب الأولى يعني استمرار الحرب الثانية، ومن لايؤمن بفكرة ما لا يمكنه أن يحمل السلاح دفاعا عنها!
 
والحرب الفكرية، تمنح الحوثيون فرصا كبيرة لتعويض خسائرهم البشرية، كون هذه الحرب يصل تأثيرها لمعظم اليمنيين، الذين يقطنون في مناطق الحوثيين، وإذا أضفنا إلى ذلك نسبة الأمية المتفشية، فذلك مما يرفع أسهم نجاح الحوثيين في هذ الحرب.
 
في الوقت الذي تخوض فيه العصابة الحوثية الحرب الفكرية بكل ما تملك من إمكانيات، نجد أن الحكومة الشرعية لا تبدي أهمية لخطورة ما يقوم به الحوثيون مع معرفتها التامة بما يجري، وحتى مكاتبها وأجهزتها في المحافظات لا تتعدى أنشطتها مجال الترفيه ومهرجانات التراث والرقص والغناء، وهي أنشطة لا تتناسب وطبيعة مرحلة الحرب المليئة بالتحديات والمؤامرات المهددة لوحدة واستقرار البلد.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر