كان ينبغي على السلطات السعودية، أن تستفيد من درس الرئيس المصري الأسبق جمال عبدالناصر في اليمن، لكن ذلك لم يحدث، السعودية تسير على خطاه، وتستخدم نفس الأساليب التي كان يستخدمها الرجل، ومثلما كان عبدالناصر يكذب، فالسعودية تكذب أيضا.
 
كان الهدف المعلن لعبدالناصر من تدخله في اليمن عقب ثورة سبتمبر 1962، هو حماية الثورة ودعم اليمنيين، لكن الهدف الحقيقي لم يكن كذلك، ثمة مصالح خاصة كان عبدالناصر يرغب في تحقيقها، وعندما تعارضت هذه المصالح مع تطلعات اليمنيين، اعتقل الرجل أعضاء الحكومة اليمنية في القاهرة، كان يريدهم أن يصبحوا مجرد دمى يحركهم كيفما يريد، وكانوا يريدون منه أن يتعامل معهم بندية لا كمجرد أتباع.
 
قالت السعودية أن تدخلها في اليمن يأتي لحماية المؤسسات الشرعية ودعم اليمنيين في مواجهة الانقلاب الحوثي، لكن أفعالها وسياستها على الأرض تثبت العكس، تقويض للحكومة الشرعية، ومصادرة قراراتها العسكرية والسياسية.
 
 
"كنا نبحث عن حرية القول، أما الآن فنبحث عن حرية البول" بهذه العبارة لخص أحمد النعمان -في مذكراته- حال أعضاء الحكومة داخل سجون عبدالناصر، بعد اعتقال دام لقرابة عام، والسعودية اليوم تفرض إقامة جبرية على بعض المسؤولين منذ قرابة خمس سنوات، وتمنعهم من إيضاح الحقائق التي لا ترغب بسماعها.
 
ما الفرق بين ما فعله عبدالناصر فيما مضى وما يفعله آل سعود اليوم؟ تريد السعودية من المسؤولين اليمنيين أن يتحولوا إلى دمى، وتستخدم وكالة سبأ اليمنية لمهاجمة كل من يعارض أو ينتقد خطواتها في اليمن.
 
وزيرا الداخلية والنقل، أصبحا في المعسكر القطري، وفقا لصحيفة الوطن السعودية، لمجرد أن الوزيرين لم يقفا متفرجين كبقية المسؤولين وهما يشاهدون العبث السعودي الإماراتي في أكثر من منطقة يمنية.
 
الوصاية السعودية على الرئاسة والحكومة اليمنية، تتشابه مع وصاية عبدالناصر عليهما، مع فارق أن المسؤولين فيما مضى كان لهم مواقف في التصدي لعبد الناصر، على عكس التبعية والانبطاح، الصفتان الملازمتان لمسؤولي الحكومة في الوقت الراهن.
 
فشل عبدالناصر فشلا ذريعا، عندما أراد تحويل اليمنيين إلى بيادق تحت إمرته، واليوم السعودية تمارس نفس الأمر، ولن تختلف النتيجة التي ستحصل عليها، عن تلك التي حصل عليها عبدالناصر.
 
وحتى لا نظلم السعودية، تتحمل السلطة اليمنية، المسؤولية الكبرى في كل ما تقوم به السعودية من وصاية علنية وتدخل في القرار اليمني، إذ لولا خضوعها وانقيادها لما تجرأ آل سعود على الإمساك بزمامها وقيادتها.
 
قال مارتن لوثر كينج ذات مرة: "لا يستطيع أحد أن يركب ظهرك إلا إذا كنت منحنيا" وقد طال انحناء السلطة الشرعية، ولم يبق لها من طريق ليمنعها من السقوط إلى الأرض، إلا رفع رأسها عاليا، وأظنه لن يرتفع !
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر