خيبات العام 2019


منذر فؤاد

  كم كان نصيب العام 2019 من الخيبات التي تلقيناها؟ هذا سؤال يجب أن يطرح بدلا عن سؤال: كيف سنستقبل العام الجديد 2020؟ ما عشناه في الماضي لا يمكن نسيانه ونحن نتطلع إلى عام جديد لن يختلف عن سابقيه إلا في طريقة نطقه وكتابته، وما السنين والأيام إلا أعمار تمر، وتاريخ يسطّره الإنسان خيرا وشرا.
 
لعل أهم قصة مبهجة في العام 2019، هي قصة الثورة التي عادت مجددا ضد الأنظمة الوظيفية، في إطار الموجة الثانية للربيع العربي، وهذه الموجة حملت معها آمال الموجة الأولى للثورة، واستبشر الناس بها بعد أن ظنوا أن الأنظمة حالت بينهم وبين أن يثوروا لانتزاع حقوقهم، ونحن إذ نبتهج بكل ثورة ضد كل طاغية، فإننا نحزن لكل قطرة دم تسال في هذا الطريق؛ طريق الحرية الطويل.
 
أما الخيبات وما أكثرها، فلا تتسع لها الصدور ولا مآقي الأعين؛ أوطان تدمّر، وشعوب ترزح تحت عباءة الظلم مرغمة، وأعراض تنتهك، وسجون تفيض بآلاف القصص، وهي المشترك الوحيد بين الأعوام في منطقة العالم الإسلامي أو منطقة الشرق الأوسط كما يسميها الغرب.
 
وأنت ترى وطنا كاليمن، يتناوب الجيران على نهشه، ومن قبلهم إيران، فيصبح الإنقلاب انقلابين، وتتوه الدولة في طرائق متعددة، ويعتمل سكين الجلاد موغلا في دماء الخلائق دون حساب أو عقاب، فأنت ترى خيبة تجترها أنفاسك كل لحظة، ولا تملك حيالها شيئا.
 
هناك خيبات أخرى في غير اليمن، ويكفي أن تفرش خريطة العالم أمامك لترى بعضا منها:الصين وقد سجنت مليون مسلم، الروس ونظام الأسد وقد دكّت طائراتهم المنازل في مناطق الشمال السوري، حفتر وقد أطلق العنان لعصابته لاقتحام طرابلس، الهند وهي تعبث بمستقبل ملايين المسلمين في كشمير وآسام، وغيرها من الخيبات التي يشتد عودها وتستطيل كلما تقادم الزمن.
 
إن العام جديدا كان أو قديما، ليس له ذنب في خيباتنا ولكنه اقترن بها، الذنب هو ذنب الإنسان وقد تجرد من إنسانيته، وأصبح طاغية ينظر متعاليا فلا يرى نفسه إلا فرعون وهو يعلن نفسه للقوم ربا، يستحيي نساءهم ويقتل أبناءهم ويسومهم سوء العذاب.
 
لم تعد تهمنا قصة العام الجديد، فتلك نغمة ألفناها فيما مضى، هل يمكن للعام الجديد أن يوقف نزيف الدم؟ أو يفك قيد مختطف؟ أو يعيد منزل هدم؟ أو يلبي تطلعات أمة؟ فإن كان الجواب لا وهو كذلك، فهذا عام لا يعنينا، وما يعنينا هو عام فيه يغاث الناس فيه يعصرون، سواء جاء بداية العام الميلادي أو منتصفه أو حتى آخره.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر