"يا ما في السجن مظاليم"


فكرية شحرة

  تستوقفك نظرته المستسلمة الحزينة ..!!
 
قصته مجرد عينة طفت على سطح حكاياتنا الغزيرة، وكلها على ذات الوتر المؤلم وإن تغيرت فصولها..
 
في مرة من المرات، في أحد أحياء القاهرة، صادفت مع رفيقتي عائلة يمنية تسوق كرسيا متحركا لفتاة شابة مشلولة.. فترَحَمت لحالها رفيقتي ولشبابها وتعبها..
 
فقلت لها (بصدق): مع ذلك هي محظوظة.. لقد وجَدَتْ من يهتم لعلاجها ويسافر بها أيضا. هناك المئات ممن لا يجدون هذه الفرصة.
 
لهذا أراه- رغم غصة قصته- محظوظا؛ عشرات الأقلام تكتب لمناشدة أسرة القتيل أن تعفو عن الشاب محمد سموم وانقاذ ما تبقى من عمره، بعد أن قتل عن طريق الخطأ رفيقه حين كان طفلا في الثالثة عشرة!!
 
لقد دفع عشرون عاما من عمره خلف القضبان!! عشرون عاما تعّلّم كيف يستسلم لقدره الذي فرضه البشر بعد خطأ غير مقصود ذهب ضحيته صديق له!!
 
لا أحد يمكنه التكهن بحال طفل قضى عشرون عاما خلف قضبان السجن، بدلا من رعاية والديه أو صفوف الدراسة..!!
 
لا أحد يعلم كم واجه من عذابات وأحزان..!!
 
إنما يمكن لنظرته تلك أن تخبرنا كم عانى في دولة لا تعترف بأي حق للإنسان.
 
مع كل هذا ما زال محظوظا..!!
 
مئات القصص تدفنها جدران السجون، وسطوة النافذين وجبروت الغريم، وإهمال القضاء والأمن والدولة..!!
 
"يا ما في السجن مظاليم"، وقصص قهر واستباحة حق، لا تجد لها طريقا لتُروى أو تُعرف..!!
 
لا يجد أصحابها من يزيح جبال الظلم عن كواهلهم؛ أو يحشد من أجلهم فاعلي الخير لدفع ربما مبالغ تافهة قضوا بسببها أعمارهم خلف القضبان..!!
 
في الحروب، وضياع الدول وسيادتها، يصبح الحديث عن قصص الظلم الفردية، كالجنايات، هامشيا كثيرا بجوار نكبات عظمى تشمل المجتمع بأكمله؛ لكنها تظل نواقيس تدق ضمائرنا جميعا..
 
فالسكوت عن ظلم صغير، يجر للخنوع لظلم أكبر.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر