كأنك في وطنك


فكرية شحرة

 
جروبات مواقع التواصل (المجموعات) في حياة المغترب تقوم بعمل السفارات والقنصليات وتوصل رعايا الدولة الواحدة إلى إجابة لكل الأسئلة والاستفسارات المطروحة.
 
حتى وأنت تشعر بعداء أزلي لهذه المجموعات ستجد نفسك في نهاية الأمر تختصر تخبطك وتجاربك الفاشلة في تفاعل بني وطنك بمدك بتجاربهم الفاشلة والناجحة، وتتمنى في نفسك لو اشتملت هذه الخدمة المجتمعية على الأختام الرسمية لتنتهي مأساتك.
 
بخلاف تلك "الجروبات" التي تحرص على جمع شتات الجالية في رحلات أو مناسبات عامة لتظل تلك الخصوصية اليمنية ماثلة لليمنيين.
 
السفارة في المجعاثة
هي قطعة من الوطن فعلا في تفاصيل بؤسه وشقائه؛ في شتاته واهماله؛ في ذلك الارتباط به قسرا؛ فعندما تتاح الهجرة لا يلتفت اليمني كأنما كان آخر الناجين.
 
وقياسا لو استطاع اليمنيون إنهاء معاملاتهم في سفارة أخرى لكان أحب إليهم وأجمل.
 
في القنصلية ترى وجه اليمن كما قدر الله له أن يتجلى مؤخرا؛ منهكا ومعذبا ونادرا منعما مطيبا.
 
ما أن تطل على حجرة القنصل اليمني حتى تشعر أنك دخلت سوق قات بفرزة عامة إلى كل الاتجاهات.. القنصل ببذلته الأنيقة غارق في ركام الأيدي الممدودة إليه بالورق والرجاءات والاحتجاجات، لكن أظرفها وقعا كان لمواطنة مصرية نكبها سوء حظها أن يكون لها معاملة مرتبطة بسوق بني قشيش.
 
خرجت وهي تشوح بيدها أمام القنصل هاتفة : بلا قنصلية بلا نيلة أنتم بتحطوا مواعيد كلام فاضي.
 
سألت المرأة الواقفة إلى جواري: هل هناك أرقام توزع على أصحاب المعاملات أو كيف؟
 
فردت باختصار: بالبركة بس.
 
القنصلية مزدحمة والنظام والترتيب مفقودان تشعر كأنك في وطنك فعلا.
 
رغم أن الفوضى سمة عربية عند الجميع لكنني خلال معاملة امتدت لأكثر من مصلحة حكومية مصرية لم أجد هذا المظهر المألوف في قنصليتنا.
 
أحيانا تحدث مبادرات من الناس أنفسهم لعمل طابور وتسلسل أرقام بأريحية كبيرة لتسهيل الأمر وتوفير الوقت وكذلك من أجل أن يسود الهدوء.
 
لماذا لا تستفيد السفارات والقنصليات من نظام المعاملات في الدول التي يعملون بها؟
 
لا أحد يدري لماذا نخشى مظاهر الترتيب والنظام؟!
 
نحن ننقل فوضانا  كما هي كأحد معالم الشخصية اليمنية والتراث الشعبي؛ الجميع يكتظ في ذات الغرفة والجميع يدخل بلا ترتيب ولا نظام والجميع تتأخر معاملته، ثم نشكو من فشلنا في كل شيء.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر