قبل أيام، سلمت إيران السفارة اليمنية للحوثيين، باعتبارهم الممثل الشرعي لليمن، وهذه الخطوة أثارت غضب السلطة الشرعية التي أصدرت بيانا طالبت فيه مجلس الأمن بإدانة الخطوة الإيرانية.
 
على أرض الواقع، الجميع يعرف أن إيران تعتبر الحوثيين يدها في اليمن، ولولا الدعم الإيراني لما استطاع الحوثيون الصمود طوال الفترة الماضية، وبنفس القدر فالجميع يعرف أيضا، أن الحكومة الشرعية أضحت مسلوبة الإرادة وتخضع للقرار السعودي، ووفقا لذلك فسيبدو مدهشا، أن تستنكر الشرعية خطوة إيرانية ترى فيها انتقاص من سيادتها، بينما لاتحرّك ساكنا إزاء مئات الخطوات السعودية الإماراتية التي جرّدتها من سيادتها وقرارها وحولتها إلى دمى تحركها متى شاءت.
 
إن الرد على الخطوة الإيرانية لا يكون ببيانات الشجب والاستنكار المثيرة للتقيؤ، ولكن بعمل عسكري يوجع أذنابها في اليمن، لكن المفارقة المخجلة أن هذا العمل العسكري الذي نريد له أن يكون، لا تملك الشرعية قرار اتخاذه مالم تأذن السعودية بذلك!
 
وبذلك تتشكل المعادلة التالية: لدينا سفارة مختطفة في طهران، ولدينا وطن مختطف من أتباع طهران في اليمن، وتحرير السفارة لن يكون إلا بتحرير الوطن أولا، وتحرير الوطن لن يحدث إلا باستقلال القرارين السياسي والعسكري اللذين تتحكم بهما الشقيقة الكبرى؛ واستمرار هذه المعادلة يعني أن استمرار الاحتلال الإيراني للأرض والاحتلال السعودي لمنظومة القرار اليمني.
 
ومما يؤسف له، أن البعض يحصر المشكلة فقط في التدخل الإيراني ويتغاضى عن التدخل السعودي الإماراتي، بعد أن أصبحت هذه التدخلات كلها تتناقض ومصلحة اليمنيين، وتصب إما في المصلحة الإيرانية أو السعودية أو الاماراتية.
 
والمتابع لوجهة نظر الخارج تجاه ما يجري في اليمن، يدرك أنها باتت مقتنعة بأن ما يجري في اليمن هو صراع إيراني سعودي، وليس صراعا بين الشرعية الممثلة للشعب والانقلاب المدعوم إيرانيا، كما كان سائدا عند انطلاق عاصفة الحزم، والذي رسّخ لهذه النظرة هي الإدارة السعودية التي تعاملت مع الشرعية كتابع لها لا كسلطة حليفة تتمتع باستقلالية تامة في اتخاذ قرارتها السياسية والعسكرية.
 
واختزال المعركة اليمنية بين طرفين خارجيين، فيه ظلما كبيرا لليمنيين الذين عانوا من بطش الانقلاب الحوثي، وقرروا مواجهته عسكريا، إذ إن بطولاتهم وتضحياتهم ستصبح وفقا لهذا الاختزال مقترنة بالخارج، بعيدا عن أي دافع ديني أو وطني أو أخلاقي، وبتعبير أدق فالاختزال يمنحهم صفة "التبعية" لا "البطولة".
 
لقد بدأت الحرب بين انقلاب نفذته عصابة إجرامية وبين شعب مضطهد تمثله شرعية هشّة، لكن هناك من يريد لها أن تنتهي على هيئة صراع إيراني سعودي، وهذه الصيغة تضمن مصالح الطرفين لكنها لا تضمن مصلحة الشعب؛ الطرف الرئيس في هذه الحرب، وأكثر من اكتوى بنيرانها.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر