نضال أصحاب الدراجات


سلمان الحميدي

 هل فعلًا امتلك جيفارا دراجة نارية وألهمته كتابة سيرة المشاوير عليها؟ ألم يفكر أحد بسرقة دراجة المناضل ليطفئ جذوة الثورة؟

مع انتشار الظلم وتفكك الدولة تنتشر العصابات، حين تسيطر جماعة ما على مقاليد الفوضى، جماعة دموية لا يهمها مصالح الناس، يهمها كيف تحكم القبضة على رقاب غير الراغبين بها كجماعة متربعة على سدة النار.
لا علاقة لهذا بدراجة جيفارا، على أن هناك صلة مؤكدة مع الدراجات بشكل عام.

ومؤخرًا، تبدو اليمن كسوق رائج للدراجات، الحرب وانقطاع الطرقات وكذلك غلاء المشتقات النفطية، جعلت الكثيرين يستخدمون الدراجات لقضاء مشاويرهم، منهم من ترك سيارته ومنهم من باعها ليستبدلها بدراجة، حتى أن قياديًا في جماعة الحوثي ظهر وهو يتنقل على دراجة نارية في محافظة الحديدة، هذا التنقل ليس تواضعًا وقد يكون من قبيل التمويه أو من ضيق الطريق التي مزقها الحوثيون أنفسهم.

 لن يكتب محمد علي الحوثي مذكراته كمناضل على الدراجة لإيمانه العميق أنه منتم لمليشيا طاغية مسؤولة على الفوضى والنكال، كما أنه لا يعرف شيئًا عن جيفارا ولا يؤمن بنضال القبعات، إنهم يقصون أصحاب الشعر الطويل بتهمة الإفساد، وربما كان جيفارا الآن سجينًا في مدينة الصالح،  وتم تفعيل دراجته "مع ربي" لإيصال التموين إلى مواقع المقاتلين.

هناك صنف آخر ممن امتلكوا الدراجات، وهذا الصنف هو المستحق للقب النضال في اليمن، وهم الذين حاصرتهم الظروف وفقدوا أعمالهم بسبب الحرب، من أعوزتهم الحرب، وحين رأوها "وسحت" أقدامها غير مبالية بهم، تدبروا أمر الحصول على دراجات للعمل عليها وإعالة أسرهم، بشكل ما؛ هؤلاء يحملون روح جيفارا وإن لم يعرفوه، مناضلون وإن لم يدركوا قيم النضال، ثوار وإن صارت الثورة تهمة يدفعونها عن أنفسهم خشية الضياع..

وهؤلاء لا يعرفهم أحد، ولن يكتبوا مذكرات، ومن غير المهم أن يفعلوا ذلك.

المهم، أن لهؤلاء قصص لم تلفت أحد، وتفاصيل لم ترو، وأشياء يبتلعونها مرغمين.

مؤخرًا، بدأت ظاهرة سرقة الدراجات تنتشر بشكل كبير، من أمام المنازل أو من مواقفها في السوق، غير أن الأغرب هي السرقة عن طريق الاستدراج، السرقة مع ضرب مالك الدراجة..

قبل يومين، صرخ أحدهم في الطريق بالريف، بعد المغرب، صرخ مستنجدًا بالناس، خرج أحدهم وأطلق عيارًا ناريًا في الهواء، بعدها انطلقت دراجة نارية مثل الريح.

حين وصل الناس إلى الفتى الصارخ، كان مدّمى على الإسفلت، لقد تعرض للضرب المبرح بأعقاب البنادق وتم سلبه الدراجة.

مسلحان اثنان اكتروه بمشوار، فوافق وهو يحسب "الكروة"، وبمجرد قطع ما يقارب من ثلاثة كيلو، قام المسلحان بضربه ومصادرة الدراجة، استأجروه من الرمدة، شارع الستين بتعز، ومروا من عدة نقاط تتبع الحوثيين، المسلحان متحوثان لا شك في ذلك وإلى الآن لم يعرفهم أحد..

هذه ليست المرة الأولى..

إذا كنت تفكر أن تناضل لتحقيق أدنى مستويات المعيشة، وامتلكت دراجة نارية، فإياك أن تعمل بعد المغرب، لا تفرح بالمشاوير الغالية إذا كنت لا تعرف الركاب، أبلغ أصحابك أين ستذهب ودعهم يصورونهم، تفرس ملامح من يستأجرك، بقدر جمال الدراجة وشكلها يكون حسك الأمني، اللصوص يبحثون عن الأغلى، ومن يسرق يستسهل القتل، إنهم لا يخافون الله وأنت توكل عليه..
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر