الإمارات: عدو في ثياب صديق


د. علي الذهب

منذ العام الأول للحرب 2015، والإمارات تسعى إلى تغليب مصالحهما، على مصالح اليمنيين، الذين استنجدوا بها في إطار التحالف العربي، ومع سبق إصرار وترصد وتعدٍ سافر، داومت على تصفية أبرز قادة ومقاتلي الجيش الوطني، عبر عمليات اغتيال غامضة قُيدت ضمن حوادث الحرب المجهولة، علاوة على استهدافها للجيش تحت مسمى "النيران الصديقة"، وقد سبق أن أثرنا ذلك عبر هذا المنبر "يمن شباب"، في سياق المقال الموسوم بـ" من العَبْر إلى العروس: نيران صديقة أم نيران غادرة؟".
 
في هذا المقام سيتذكر الكثير استهداف معسكر العَبْر، في يوليو/ تموز 2015، واستهداف مواقع للجيش في "جبل العروس" بمدينة تعز، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2017، وأخيرا استهداف 300 مقاتل من قوات الجيش، بمنطقة دوفس، بزنجبار محافظة أبين، في 29 أغسطس/ آب 2019، وفيها لقي المئات من الجنود والضباط حتفهم، بضربات مزدوجة (ضربتان فأكثر) من قبل الطيران الحربي الإماراتي، دون قيام الحكومة الشرعية، باتخاذ أي إجراء صارم ورادع إزاء هذه الجرائم ونحوها.
 
فما الذي بقي بعد هذا الغدر من صبر على هذا الحليف، الذي يدعي دعم السلطة الشرعية، وما هو إلا عدو في ثياب صديق؟! لقد كشفت الإمارات، بكل وضوح، أنها الداعم الأول للانفصال، والمساند السياسي والعسكري والمادي لنشاط المجلس الانتقالي الجنوبي (الانفصالي)، ولتشكيلاته العسكرية المنتشرة في مختلف محافظات الجنوب، والتشكيلات المسلحة الأخرى المرابطة في الساحل الغربي، التي كان القصد الحقيقي منها تمكين الإمارات من السيطرة على ميناء الحديدة، فلما وجدت أن الميناء سيؤول إلى الحكومة الشرعية، تواطأت مع بريطانيا وعدد من دول الاتحاد الأوروبي، على دفع الحكومة إلى إبرام اتفاق سياسي يبقي الميناء، بطريقة خادعة، بأيدي الحوثيين.
 
عبء الإمارات لم يعد على السلطة الشرعية فحسب، بل على السعودية كذلك؛ فمن الواضح أنها تتبنى سياسة نقيضة للسياسة السعودية إزاء غاية الحرب ومآلها، في ظل سعيها الحثيث والخبيث لإعادة ترتيب القوى السياسية اليمنية المتحالفة مع السعودية؛ بحيث تكون أضعف من القوى، التي تتحكم فيها، مع الإبقاء على الحوثيين كمصدر تهديد مزمن للسعودية، ولنجاح مشروع انفصال الجنوب.
 
لقد تمكنت الإمارات، عمليا، من خداع الجميع، وحفزت المجلس الانتقالي على الانسلاخ عن السلطة الشرعية، وتقديم نفسه كندٍّ فاعلٍ على الأرض، مع إصراره على المشاركة المستقلة في أي مفاوضات سلام تقودها الأمم المتحدة، والآن تحاول إنهاء الأزمة الناشئة عن سيطرة قواته على عدن، بخدعة الحوار السياسي، الذي سيعزز قوة المجلس ومشروعه الانفصالي، من خلال المشاركة الواسعة في الحكومة والسيطرة التدريجية على كل محافظات الجنوب، والارتنماء في حضن استعمار مخملي، وجهه إماراتي وجوهره بريطاني.
 
لا شك أن السلطة الشرعية تعي بأنها أمام تحد كبير؛ لأن قرارها مقيد؛ بفعل عوامل كثيرة، أبرزها التأثير السعودي، ولذلك قد تتريث قليلا إلى أن تتهيأ الظروف للخلاص مع هذا الحليف الغادر، وقد تتخذ قرارا بطرده من التحالف، وليكن بعد ذلك ما يكون.
 
ولا شك كذلك، أن السعودية باتت على قناعة كاملة بضرورة الخلاص من الشراكة الإماراتية، لكنها تعدم البديل، وهنا يمكن القول إن إبرام اتفاقيات شراكة استراتيجية مع السعودية، كفيلة بتجاوز أغلب التحديات.

 

حقوق النشر محفوظة "يمن شباب نت"©2019  

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر