عندما أعلنت السعودية بدء "عاصفة الحزم" لدعم الشرعية في اليمن، بمشاركة دول خليجية وعربية أبرزها الإمارات، سادت قناعة مبدئية لدى كثيرين، أن العهد الجديد في السعودية جاء حاملا معه مشروعا حقيقيا لمواجهة المشروع الإيراني في المنطقة.
 
توالت الدعوات في حينها لإطلاق عاصفة حزم أخرى في سورية، في حين ذهب بعض المبالغين إلى أن ذلك أصبح مسألة وقت، خاصة مع تكرر تصريحات خارجية المملكة عن ضرورة رحيل نظام الأسد عسكريا أو سياسيا، لكن الخيبة الكبرى سرعان مابددت الآمال، وتبيّن أن السعودية لم تكن تملك مشروعا وإنما تمارس دورا معينا ضمن المسموح به أمريكيا في مربع اللعبة الدولية.
 
الدور الوظيفي للإمارات في اليمن، انكشف سريعا منذ اللحظات الأولى بعد تحرير عدن من الحوثيين، أما الدور الوظيفي السعودي فقد عرفه البعض باكرا، أما الأغلبية فعرفته بعد إسقاط عدن بيد ميليشيات المجلس الانتقالي، ضمن تفاهمات إماراتية سعودية تشبه تلك التي حدثت قبل سقوط صنعاء.
 
الانقلاب الأخير للمجلس الانتقالي في عدن، جاء لتأكيد حقيقة التنسيق والتعاون بين الإمارات والسعودية، بعد أن كان هناك اعتقاد بوجود خلاف بين الجانبين، لكن الوقائع أظهرت تواطؤ سعودي ودعم إماراتي لإسقاط عدن، ليس حبا في الانفصال والمجلس الانتقالي، وإنما تعزيزا لحالة الفوضى في معسكر الشرعية للتمهيد لمرحلة جديدة قد تؤول إلى حل سياسي يعزز من حضور الانتقالي والحوثيين والنظام القديم، ويقلص من حضور المكون الثوري، بما يبقي البلاد أسيرة المنظومة الوظيفية التي صنعها الاحتلال الغربي.
 
لو عدنا ثمان سنوات إلى الخلف، لوجدنا دورا وظيفيا واضحا قامت به السعودية ومن خلفها الإمارات لمواجهة الثورة الشعبية، من خلال المبادرة الخليجية التي نجحت في احتواء الثورة الشعبية، وتحويلها إلى خلاف سياسي بين السلطة والمعارضة يبحث عن حل، ثم الانتقال إلى مرحلة مواجهة الثورة من خلال دعم الحوثيين وتسهيل سيطرتهم على العاصمة صنعاء، ثم الانتقال إلى مرحلة المواجهة معهم بهدف قصقصة أجنحتهم وليس القضاء عليهم، وكلها أدوار وظيفية جرت برعاية ومباركة الولايات المتحدة الأمريكية.
 
الدور الوظيفي السعودي الإماراتي في اليمن، اعتمد على سياسة الاحتواء، التي تحتوي الغضب الشعبي ابتداءً وتعمل على امتصاصه، ثم تتحكم في تصريفه بما يخدم سياسة معينة ليست بالضرورة أن تكون محل إجماع شعبي.
 
وسياسة الاحتواء تتيح للسعودية والإمارات قدر من الوصاية والتأثير على القرار اليمني والمطالب الشعبية، وهذا يفسّر سر العداء الشديد للثورة الشعبية التي كان من جملة أهدافها الخلاص من ربقة الوصاية الخارجية واستقلال القرار الداخلي.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر