مناصب من ورق


منذر فؤاد

 لدينا في اليمن، رئيس دولة وحكومة تضم عشرات الوزراء، وأضعافهم من السفراء والوكلاء والمستشارين، لكن المناصب التي يشغلها هؤلاء الشخوص ليس لها أي تأثير على أرض الواقع، الشيء الثابت هو أن هذه المناصب الشكلية عجزت عن خدمة المواطن أو حتى المحاولة في تقديم الخدمة.
 
منصب رئيس الجمهورية الذي يملك صلاحيات واسعة في العزل والتعيين، أصبح من يتولاه لا يملك القدرة على اتخاذ أي قرار دون رضا السعودية والإمارات على ذلك، وأصبح من يتولى المنصب عاجزا بشكل كبير عن القيام بأي دور وطني يحمي السيادة المستباحة، أو يتخذ قرارات مصيرية في حسم المعركة مع المتمردين.
 
وهنا أجد نفسي مستغربا، ممن يضعون كل ثقتهم في شخص عاجز عن القيام بما تتطلبه ظروف المرحلة، وارتضى أن يصبح مجرد دمية سياسية يستخدمها التحالف كلما احتاج إلى تبرير جريمة أو خروج من مأزق، ومع ذلك لا يعدم الحالمون حيلة في تلميع صورة الرجل وإظهار بطولاته التي توزع على شكل تسريبات هي أقرب ما تكون حقن تخدير لإيهام الناس كلما ضاقت بهم الأرض وارتفعت أصواتهم.
 
وما ينطبق على منصب الرئيس، ينطبق أيضا على منصب رئيس الحكومة وما يصغرها من المناصب، ولن نذهب إلى أبعد من الصور الأخيرة التي التقطت للوزير المسكين وهو يتلقى الإهانة بصبغة التكريم، داخل خيمة تزينها صور قيادات الإمارات، حتى يخيّل للناظر أن التكريم المزعوم جرى في أبو ظبي وليس في اليمن.
 
وإذا نظرنا إلى أهم ثلاث وزارت يفترض أن تكون فاعلة أكثر من بقية الوزارات خاصة في هذا الظرف الحرج، نجدها ليست كذلك؛ فوزير الدفاع الذي شغل المنصب الشاغر منذ ثلاث سنوات لا يملك استقلالية في اتخاذ القرار العسكري بقدر ما يمتلك قابلية للإذعان للقرار العسكري للتحالف، وسبق له أن أطلق كذبة كبيرة بتحرير البلد خلال ستة أشهر عام 2015. أما وزير الداخلية فلا يمتلك من أمره شيئا وليس لديه سلطة في المناطق المحررة إلا بقدر ما تسمح به الإمارات. وأما وزير الخارجية فكان كسابقيه في المنصب ولم يجر أي تحرك فعلي لهيكلة البعثات الدبلوماسية في الخارج، خاصة وأنها أضحت فشلت في حل مشاكل المواطن اليمني المقيم خارج اليمن، كما أنه_أي الوزير_ إلى جانب فشله في التفاوض مع الحوثيين فقد منحهم دفعة معنوية بظهوره المخزي إلى جانب نتنياهو.
 
يخوض اليمنيون صراعا مريرا من أجل البقاء، مع الحوثيين من جهة ومع الأمراض والأوبئة من جهة ثانية ومع التآمر والخذلان الرسمي من جهة ثالثة، أما المخجل في قصة الصراع هذه، أن يتحدث الرئيس أو يكتب مسؤول تغريدة عن الوضع البائس في اليمن، وهو يعاني التخمة في فنادق المملكة، موهما نفسه بأنه يمارس مهام عظيمة يقتضيها منصبه الشكلي.
 
كيف يمكن لمواطن أن يصدق أن مسؤول في الدولة يعيش معاناته ويهتم لأمره، وهو يعيش بعيدا عنه آلاف الأميال؟ وكيف لعاقل أن يصدق مزاعم السلطة الشرعية بأنها تسيطر على مساحة واسعة من الأرض في حين أنها لا تملك حق الإقامة في العاصمة عدن إلا بإذن من الكفيلين الإماراتي والسعودي؟ وكيف لعاقل أن يصدق رئيسا يعد مواطنيه بالتحرر والقضاء على الانقلاب وهو لا يستطيع بمفرده اتخاذ قرار بإقالة مسؤول صغير دون رضا أبو ظبي والرياض؟
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر