بل كانت حربا على الحياة برمتها


همدان الحقب

 ثار اليمنيون يوم ال11 من فبراير وكلهم أمل مفتوح وحب جياش لم يتنازلوا عنه في الوقت الذي كانت رصاصات النظام تنال من قلوبهم البيضاء..
 
لقد ناضلوا سلميا كملائكة مفعمة بالحب والرحمة تجاه الجميع، بمن فيهم سافكي دمائهم وقامعيهم بشتى صنوف الإرهاب والوحشية .
 
لم تكن حرب الانقلابيين مقتصرة على الثورة وأهدافها، بل كانت حربا على كل جميل ونفيس زخرت به حياة اليمنيين، كانت حربا حاقدة على ما يمدهم بما تبقى لهم من أطلال بهجة وسكينة..
 
دُون الحرب، يسعى الإنسان دوما للبحث عن سعادته وراء كل جميل في الحياة، كون الجمال بمعناه ومجازه سعادة وبهجة تُخْلَقُ في داخل كل من  يراه على حقيقته.
 
في واقعنا هذا تبدو السعادة ضرب من خبال ،كون معالم الجمال معدومة ، وإن ظهرت فبصورة باهتة تحمل سعادة لحظية مصاحبة شعور نقص واحتمالية زوال وشيك .
 
بهذا الواقع يسقط المحبطون في متاهة الضجر اللا نهائي ،ودوامة الكآبة التي تملأ قلوبهم، حيث أن نظرة الجمال تلاشت في مخيلتهم وبات القبح الذي يفرضه الظرف العصي والمتأزم بفعل الحرب، هو مجاز نظرتهم للحياة بشتى نواحيها؛
 
هذا ما يفعله بهم الواقع المتأزم والظرف المادي الصعب والمؤلم، وانعكاسه عليهم بثقل نفسي وحالة مُرهقة تُجردهم من روحهم بكل معانيها الجميلة، بهذا تنعدم السعادة ويختفي الجمال من عالمهم تماما ، وهل تحمل الحرب في صورتها شيئا جميلا ؟ بكل تأكيد لا.
 وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم... دماء ودموع ودمار .
 
المحبطون الذين لا يرون في أنفسهم طائل لتقبل واقعهم كما هو ، ولا يخلقون لأنفسهم عالما فسيحا يحتويهم بكل ما يحملونه من شعور يحصرون أرواحهم بعالم ضيق ينأى عن بواعث الراحة والبهجة ، ليسوا وحدهم !
 
حتى المُؤملون بالفرج والحالمون بالحياة وإن تماشوا مع طبيعة الحياة بشكلها الذي فرضته وقائع الأحداث ومتغيرات الواقع المحيط ، لا يمكنهم النجاة من سأم الحرب الكارثية وضجر الأيام المليئة بويلات ومخاوف الموت وكارثة التشرد .
 
الحرب لم تترك لنا مساحة كافية للالتقاء بحلم أو معايشة طموح ، فإذا ما انتهت الحرب عاش هذا الحالم من جديد ، ورأى حلمهُ على عتبات الخيال ، يُخلق مرة أخرى وقد تلاشت مآسي حرب حالت بينه وبين حلمه إذ لم يكن قد تبقى لديه حلم آنذاك سوى انتهاء الحرب .
 
قد تكون الطفولة هي المهد الأول للسعادة والبهجة ، فكيف وقد بلغت الحرب ذاك المهد ، أي شيء يبقى لنا لنسعد به ،ليس ثمة من أمر أشد مواساة لنا من ضحكات الأطفال الصغار الذين لا يدركون ماهية الحرب ، ولا يحلمون بشيء فإذا ما بلغتهم الحرب فلا شيء يبقى.
 
الحرب أشد مأساة على كل قلب يحمل الإنسان في نبضه بقضاياه ومآسيه ، وليس ثمة من مأساة أشد من مآسي الحرب، لا الكتابة تسعف الروح ولا الطفل يضحك ، فكيف لبريء محبط أن يداري جرح هذه الحرب وقد غربته في أرضه ؟

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر