الدبلوماسية الفاشلة


ياسر عقيل

خلال ثلاثة أيام التقى متحدث الحوثيين محمد عبد السلام في بروكسل بعدد من مسؤولي الإتحاد الأوروبي بدعوة رسمية من البرلمان الأوروبي، لمناقشة الأزمة اليمنية، في توجه جديد من قبل أوروبا للتعامل مع الحوثيين مباشرة بعد أربع سنوات من هشاشة وفشل دبلوماسية الحكومة الشرعية. التي عملت على النقيض تماماً في إيصال صورة سيئة للعالم من كل الجوانب.
 
في الواقع فشلت الدبلوماسية اليمنية في إيصال صورة واضحة للمجتمع الدولي عن سبب اندلاع الحرب وآثار الانقلاب وسقوط الدولة، في المقابل يعمل الحوثيين كل يوم على كسر حاجز جديد للتعامل مع دول العالم بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال المنظمات الدولية التي تستضيفهم  ما بين الحين والآخر، في ظل حالة فشل حكومية انعكست بشكل سلبي على مسار التعامل الدولي مع القضية اليمنية.
 
لم يتوقف فشل الدبلوماسية عند عدم مقدرتها على القيام بمهامها في التعريف بالقضية اليمنية للخارج والحرب التي تقوم بها من أجل استعادة الدولة، بل وصل الفشل إلى ممارسات غبية تحرض المواطنين بالداخل ضد الحكومة وتستفز مشاعرهم، من خلال ما حدث من خلال ظهور وزير الخارجية خالد اليماني بجوار رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والتي أيضا أعطت الحوثيون مادة إعلامية ضخمة سيعملون عن استغلالها إلى مالا نهاية.
 
ظهور الوزير "اليماني" بشكل بائس ومستفز بجوار نتنياهو واستطاع أن يلحق غضب واسع في أوساط اليمنيين الذين يرفضون أي شكل من التعامل او التعاون مع الاحتلال، هذا لا يعني ان ما فعله اليماني ضمن توجه حكومي يسير نحو التطبيع فهذا مستبعد، لكن سوء التقدير والغباء في الدبلوماسية يجعلها تقع في فخ الغباء الذي يتسبب بردة فعل شعبية غاضبة إلى جانب استغلال الخصم المتربص.
 
عدم مراعاة ردة فعل الشارع في التعامل الدبلوماسي وخاصة فيما يتعلق بفلسطين والتي تعد قضية وجدانية ومبدأ ترسخ في عقول عامة الشعب منذ عشرات السنين، والتعامل مع هذا الملف بخفة سياسية يجعل من الخسائر الشعبية المساندة للحكومة كبيرة وخاصة أنها تعاني نزيف في هذا الجانب في ظل الأداء الهش لها واستمرار بقائها خارج البلاد.
 
في الجانب الآخر تلقى الحوثيين ذلك الظهور باستغلال كبير لا يزال مستمر إلى حد الآن سواء بوسائل الإعلام او من خلال التحشيد للقتال وضم انصار جدد إلى صفوفهم، وتلك المبررات التي يسردها الحوثيين تبدو أكثر منطقية للمواطن العادي وخاصة في تلك المناطق النائية، هذا التجاهل لردة فعل الشعب يجعل من اقالة وزير الخارجية أمر ضروري، لأنه ارتكب خطأ فادح، بالإضافة إلى الإخفاق في عمل الدبلوماسية اليمنية بشكل عام.
 
في عمل الخارجية نرى بيانات استنكار ضد دول لا تتعامل معها، كما حدث سابقاً في مؤتمر دولي ببرلين عقد لبحث وضع اليمن، دون أن تدعى الخارجية اليمنية والتي أدانت عدم دعوتها وقبلها اجتماعات للاتحاد الأوربي وزيارات دبلوماسية تمت إلى صنعاء للقاء الحوثيين من قبل سفراء لعدد من الدول الأوروبية، كل ذلك كان يتم دون معرفة الخارجية اليمنية.
 
بيانات الاستنكار ليست الا اسقاط واجب المسؤولية فقط. ففي الوقت التي يجب على الخارجية أن تسعى لتجاوز القصور في عملها والذي تسبب بكل هذا التجاهل لها. ومنذ تعيين الوزير اليماني والذي وعد بإعادة هيكلة عمل السفارات اليمنية في الخارج، لكنه لم يصنع شيء حيث استمرت تلك التعيينات لمقربين من الوزراء والمسؤولين في السلك الدبلوماسي الذي أصبح فائض بالموظفين ويشكل عبئ على ميزانية الدولة.
 
بقاء الخارجية وكل طاقمها بهذا الضعف والفشل ستلحق الضرر بالقضية اليمنية، أكثر مما تفيده مع استمرار عجزها وتفاقم حالة الفساد فيها وعدم مقدرتها احداث تغيير حقيقي في مواقف الدول عن  ما يجري في اليمن من أزمة إنسانية وانتهاكات مستمرة وضرورة مساندة عودة الدولة والوقوف مع الشعب اليمني.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر