الافتراء على ثورة فبراير


منذر فؤاد

تواجه ثورة فبراير المباركة، منذ اندلاعها حملة تشويه ممنهجة، من جانب قوى الثورة المضادة، الداخلية منها والخارجية، وهذه الحملة الشرسة تشتد وتيرتها عند كل ذكرى سنوية للثورة.
 
يزعم أعداء ثورة فبراير، أنها كانت السبب في إيصال اليمن إلى هذا الوضع البائس، وهذا أبرز تهمة تتكرر على ألسنتهم، وأدلتهم التي يسوقونها لتعزيز هذه التهمة، هو أن الحوثيين كانوا جزءا من مكونات الثورة، وبالتالي فإن انقلابهم على مؤسسات الدولة وحربهم على اليمنيين، يحسب على ثورة فبراير التي شاركوا فيها، وليس عليهم كمكوّن انسلخ عن أهداف وقيم الثورة، ولايزال يستخدم ذكراها كقماش يغطي بها عورته.
 
هذه الكذبة الكبيرة، يراد لها أن تتحول إلى حقيقة في أذهان العامة، في محاولة للقفز على حقائق التاريخ، وطمس معالمها، بما يخدم قوى الثورة المضادة التي تقف خلف هذا الادعاء، وتسوّقه في خطابها الإعلامي والشعبوي، لوأد واستئصال رمزية الثورة في نفوس اليمنيين.
 
بالنظر إلى الأحداث التاريخية بكل تجرد، فإن الحوثيين كانوا جزءا من ثورة فبراير التي خرجت ضد نظام صالح. وبصرف النظر عما إذا كان مشاركتهم تلك لأجل الثورة نفسها، أو لحاجة في أنفسهم، فإن الثورة خلال تلك الفترة، فتحت أبوابها لجميع اليمنيين للمشاركة فيها، بما في ذلك أتباع نظام صالح الذين أعلنوا انشقاقهم عنه وتأييدهم للثورة، ومن غير الطبيعي خلال تلك الفترة، أن تحصر الثورة نفسها في مربعات ضيقة، في وقت هي أحوج ما تكون إلى التمدد والانتشار، ولذلك لم يكن وارد في توجه الثورة أن تغوص في نوايا المشاركين أو أهدافهم من المشاركة، بقدر ما كانت تسعى لاحتضان الجميع، ومنحهم شرف صناعة التاريخ.
 
بعد تنحي صالح شكليا، وتسليم السلطة لنائبه منصور هادي، بدأ الحوثيون تنفيذ مشروعهم الخاص بهم في التمدد والسيطرة في المناطق المتاخمة لصعدة، واندلعت اشتباكات بين الحوثيين، وبين أبناء هذه المناطق، وهذا كان إعلانا حوثيا بالتنصل من مشروع ثورة فبراير والتفرغ لمشروعهم التوسعي.
 
التقاء المصالح بين صالح والحوثيين، مهد لبناء أرضية مشتركة جمعت بين رغبة صالح في الانتقام من الثورة، ورغبة الحوثيين في التوسع والسيطرة على الأرض، وترجم الجانبان هاتين الرغبتين، باصطفافهما ضد حكومة الوفاق الوطني، واستغلال أزمة المشتقات النفطية لتنفيذ الانقلاب على مؤسسات الدولة، وهو ما كان في سبتمبر 2014.
 
لقد خلع الحوثيون عباءة ثورة فبراير، بمجرد تحالفهم مع نظام صالح، الذي قامت عليه الثورة، وهو التحالف الذي كان سببا في تدمير مؤسسات الدولة ومن بعدها المدن والممتلكات الخاصة والعامة، وإزهاق أرواح آلاف اليمنيين، وتشريد وإصابة مئات الآلاف، أما ثوار فبراير الذين يتعرضون للافتراء من أتباع صالح، فقد كانوا أول الرافضين للانقلاب منذ وقوعه، وتظاهروا في صنعاء وتعز ومدن أخرى رفضا للخطوة، ثم حملوا السلاح عندما استدعى الموقف خوض المعركة.
 
هذه هي الحقيقة التاريخية، التي يحاول أنصار صالح القفز عليها، وتزويرها لمجرد رغبة دفينة في الانتقام من الثورة. إن من أوصل البلد إلى هذه المرحلة المأساوية هو تحالف صالح والحوثيين، أما ثوار فبراير فقد كانوا خارج اللعبة السياسية، ولو كان لديهم سلطة لسعوا إلى وأد هذا التحالف مبكرا، ولكن معروف أن من كان على سدة الحكم هو الرئيس هادي وكان محسوب على نظام صالح، وإن أيدته بعض قوى الثورة عند تنصيبه، وقبل ذلك من كان يملك السلطة الفعلية هو صالح نفسه.
 
إنه لمن المعيب لأتباع المخلوع الراحل صالح، الاستمرار في الكذب والافتراء على أنقى ثورة يمنية، وهؤلاء كان يجب عليهم التبرؤ من جريمة صالح في التآمر على البلد، بدل إلصاقها على ثورة فبراير وثائريها، لكن أنصار صالح ينطبق عليهم المثل القائل: رمتني بدائها وانسلّت.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر