يمنيات في الغربة (2)


فكرية شحرة

عندما يكون المهجر الذي يستقبل الفتاة اليمنية للدراسة بلدا عربيا، يشعر الأهل بنوع من الراحة والثقة أن الفتاة، التي سافرت وحدها، في مأمن من ضياع المجتمعات الغربية.

هناك ثقة بتشارك العرب لذات العادات في الحرص على الأنثى ووضعها تحت مجهر الملاحظة الرادعة.

رغم أن لا رادع حقيقي سوى الأخلاق والضمير إذا توفر الوعي بهما؛ فأحيانا لا يصل بالمرء الوعي إلى ما يمسهما وتنسى الفتاة في غمرة الحق المفترض التقيد بحق الخلق. 

لكن الأمر مختلف بالنسبة للمجتمعات الغربية المنفتحة.

وبسبب ظروف الحرب صار الكثير من الشباب بمختلف الجنسين يسعي لفرص التعليم خارج اليمن ولم يعد الأمر ترفا مقصوراً على فئة معينة بل حلم للجميع من استطاع إليه سبيلا فقد نجا.

شتات آخر لكن بصيغة طلب العلم أو الهروب من مصير أسود.

أتذكر أن أحد الأخوة قبل فترة طلب مني كتابة نصوص كرسائل لفتيات المهجر تنبيه لبعض التصرفات الصادمة من الكثيرات.

فتيات غابت عنهن رقابة الأهل وتسلطت عليهن عادات المجتمع الذي يعشن فيه.

وانصرفن وراء أحلام الحب ومغريات الانفتاح ودعاوى الحرية الشخصية.

ورغم قناعتي بفكرة الحرية الشخصية وبأن لكل امرئ ما كسب ولا أحد وصي على أخلاق أحد.

إلا أن خيبة أمل الأهل هي ما تؤلم فعلا.

الكثير من الأهالي يتحملون فوق طاقتهم من أجل ابتعاث أبنائهم للدراسة وتحدث الكثير من التنازلات من أجل فتيات حصلن على فرص تحلم بها الكثيرات ومع ذلك مثلن صورة سيئة لطالبة ذهبت للدراسة. 

 كان يتحدث بحرقة عن غيرته الشديدة على بنات موطنه وما يرى من تصرفات لا تمت لأخلاق اليمنيات بصلة.

حتى أن ألسنه الرجال في جلساتهم تتناولنهن بالقدح والذم على تفلتهن بعيدا عن رقابة الأهل.

في خلسة من الضمير تخلين عن أمانة الحفظ لأنفسهن وعهود الثقة من الأهل وانخرطن في ممارسات أقل ما توصف بنظر عاداتنا وأخلاقنا بالسيئة.

هؤلاء جنايتهن تتعدى ذواتهن إلى غيرهن ممن تتمنى التعليم خارج الوطن فكن صورة مشوهة لمآل الفتيات في المهجر.

نحن تلقائيا نتطبع بعادات أي مجتمع نعيش فيه شئنا أم أبينا؛ تدريجيا أو دفعة واحدة نجد أنفسنا نقوم بما يقوم به ذلك المجتمع.

لكن المرء ليس مجبراً على التنازل عن مبادئه إلا إذا كان بلا مبادئ أو غير مؤمن بما هو عليه؛ فقط يتبع الناس حيث شدّوا شدّ رحال أفعاله.

ملامح اليمن لا ينقصها الضياع والتسابق للتخلي عن كل ما يميزها بين ملامح الأمم أمر صادم ومحزن.

فقدان الهوية الأصيلة ليس بضياع الدولة أو بيع آثارنا أو كل هذا الذي يعصف بنا.

ضياع الهوية هو التخلي عن الروح اليمنية وأصالتها والتهافت على زيف التمدن والتقليد الأعمى لمظاهر زائفة بحجة التحضر. فالتحضر الحقيقي أخلاق فقط.
 

حقوق النشر محفوظة "يمن شباب نت" ©2018  

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر