مراقب أفواه اليمنيين!


سلمان الحميدي

تكاثر حال المترصدين لمشاعر اليمني وأحاسيسه، بالرغم من خروج اليمن من قوائم السعادة واعتبارها من البلدان الأكثر بؤساً في السنوات الأخيرة، إلا أن بعض الانتهازيين وهم يقومون بأدوار تجسسية، قد جندوا أنفسهم كمراقبين على أفواه الناس.

ألْأَم مهنة في التاريخ، فضلاً عن الصراع الداخلي بين اللؤماء أنفسهم وما تقتضيه المصالح من نهايات سيئة في عوالم التجسس والتخابر، ما هو ألْأَم من ذلك أن تقتصر مهمتك على مراقبة مواطن بائس في اليمن، أما اللؤم المتربع على قمة الدناءة فعندما تكون متزمتًا وتغالي في الزهد والورع، وفجأة تقوم بهذه المهمة دون أن يطلب منك أحد.

مجاراة مع تقدم التكنولوجيا وازدهار الدسائس بين الدول واتساع سوق الناقلين، فيمكن للإنسان أن يقبلها على مضض عندما تتعلق المهمة لصالح الوطن الذي ينتمي إليه، أما إذا كان الغرض هي إلحاق الضرر بمواطني الدولة التي ينتمي إليها، فالموضوع لا يصدق.

الثلاثاء الفائت، وفي إطار نهائيات كأس آسيا، احتضنت أبو ظبي مباراة نصف النهائي بين الإمارات وقطر، وبما أن الوضع السياسي حساس ومعركة اليمن موضع خلاف بين البلدين الخليجيين، فقد كانت المباراة مهمة بالنسبة للجمهور اليمني، هذا الجمهور الذي انقسم بين الإمارات وقطر رغم ميل أكثرية المتابعين مع المنتخب القطري الذي فاز برباعية نظيفة.

بعد الفوز، اندلع الجدل بين اليمنيين أنفسهم في العالم الافتراضي، كما اندلع أيضًا بين الخليجيين أنفسهم في تويتر ووسائل الإعلام. إلى الآن والأمور عادية وغالبًا ما تتلاشى هذه المعارك عقب يوم يتسيد فيه هاشتاج جديد وقضية أخرى. لكن الموازين لا بد أن تنقلب حين يحشر شيخ دين سابق رأيه في الموضوع، ويضفي على المشاعر بعدًا مناطقيًا إضافة إلى بعد أيديولوجي.

الترويج للآخرة والاعتصام بحبل الله، فجأة ضاعت من خطاب شيخ الدين هاني بن بريك، من يصدق أن هذا التحول الهائل لأجل "عرض من الدنيا" كما كان يقول في دنيا لا تعدل عند الله جناح بعوضة، كل هذا ليس انفتاحًا مع العصر والايمان بأن "الإسلام صالح لكل عصر وزمان" وإنما تقربًا من داعم خارجي أو بحثًا عن ممول.

كتب السلفي السابق، الذي كان يعتقد أن الدعوة لانفصام عرى الأخوة خروجًا عن الدين، ولم نكن نعرف له صورة، وكان يبقي جزء من ساقه مكشوفة بلباس قصير كي لا يعذب الله أعقاب قدمه إن غطاها بقماش، كتب وقد ارتدى ربطة العنق وعوض ماضيه بمستقبل مزحوم بصوره: «لم أتابع مباراة منتخبنا الإماراتي ومنتخب العالم لانشغالي بالعمل الميداني والعسكري، وتابعت الآن الردود ووجدت أمرًا مفيدا لنا، وهو فرحة الاخونج بخسارتنا وتجلت الفرحة في تعز ومأرب والتي تحميها الإمارات بالباتريوت، ومنهم من قال هاني انهزم، نعم انهزمت بلعبة رياضية ولم انهزم في حرب»..

هذا ما غرد به الرجل، ولو حللنا مضمونه لوجدنا باختصار "السخرية والهزء والمعايرة" من منتخب قطر، وادعاء بانشغال بعمل ميداني، وتحريش على محافظتين يمنيتين بتصوريهما كمقاطعتين تابعتين للإخوان، ودعوة للتمييز والتشطير لانتقاء المحافظتين الشماليتين لذلك التصور! في الأولى تصرف جاهلي من وجهة نظر دينية، وفي الثانية صفة مقيتة أشنع من الجبن وأبشع من البخل، وفي الثالثة إضافة إلى التلفيق مخالفة لأوامر الله التي كان يدعونا للامتثال بها بن بريك، وفي الثالثة تجلى المهم: الانقسام والجهوية المقيتة، حيث تغاضى عن فرحة أبناء يافع بفوز منتخب قطر ونشر مقاطع الفيديو ليومئ لمن يظن أنهم يتابعونه ويظنونه مهمًا: انا مسيطر على الجنوب.. ما تخافوش!.

الجملة الأخيرة من الفقرة كانت جيدة "لعبة رياضية وليست حرب".. نعم هكذا يجب أن يتعامل معها أبناء الخليج.. هي كرة قدم، وأخوتكم أبقى، كان على بن بريك أن يكتفي بها. لا أن يستمر في الهرولة بلا بريك حتى يصل إلى أين؟ خاف الله وأنت تراقب أي يمني "يشخس" وترفع به تقرير!.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر