المرأة اليمنية في الزمن الحوثي


منذر فؤاد

 توالت الأخبار عن اختطاف العصابة الحوثية لأكثر من 120 امرأة يمنية من مختلف الفئات العمرية، لازلن يتعرضن للتعذيب الوحشي والإذلال النفسي في السجون.
 
حتى اللحظة لا يوجد تفسير حوثي لسبب الإختطاف، لكن وفقا لشهادات مختطفات أفرج عنهن بعد ابتزازهن ماليا، فإن الاختطاف كان تحت ذريعة العمالة للسعودية أو البغاء، وكلتا التهمتين تطعنان في شرف المرأة اليمنية، فهي إما جاسوسة وإما عاهرة، ومهما حاول الحوثيون إظهار احترامهم للمرأة، إلا أن الوقائع تثبت زيف ادعاءاتهم.
 
ينظر الحوثيون للمرأة اليمنية، نظرة دونية مغلفة بالاحتقار والعدمية، ووفقا لذلك تضيق الخيارات أمامها، فهي إما مقتولة بقذائفهم التي لا تميّز بين ما هو مدني وعسكري، وإما معتدى عليها إذا فكرت في الخروج للتظاهر ضد مشروعهم الطائفي البغيض، وإما مفجوعة بفقدان أقاربها أو اعتقالهم في سجونهم، وإما مختطفة في معتقلاتهم دون اعتبار لمكانتها في المجتمع، وإما مؤيدة لمشروعهم تبذل المال والولد والنفس فداء لقائد الجماعة المحتجب عن الظهور أمام أتباعه إلا من شاشة التلفاز.
 
جريمة الحوثيين في الاختطاف والإخفاء لليمنيات، لم تتكشف كل تفاصيلها حتى الآن. هناك قصص مأساوية تحتاج إلى شجاعة لروايتها ودعم وحماية مجتمعية وأمان حقيقي، وذلك ما تفتقده الكثير من المختطفات ممن أفرج عنهن، وما ظهر من القصص يعد شيئا ضئيلا أمام ما سيكشفه الزمن القادم.
 
من القصص التي رويت مؤخرا، اختطاف الحوثيين لامرأة جاوزت الخمسين عاما، بتهمة الفعل الفاضح، ولطفلة في ربيعها ال14 بذات التهمة، والمثير للسخرية أن الاختطاف جرى في أماكن عامة، ولكن إذا عرف السبب بطل العجب كما قيل، فالهدف من وراء عدد من جرائم الاختطاف، كان الابتزاز المالي لأقاربهن، مقابل إخلاء السبيل. هل هناك أسوأ من هذا الابتزاز؟ وهل هناك ما هو أسوأ من اتهام المرأة في عفتها وشرفها لغرض جمع المال دون النظر إلى ماتجرّه هذه التهم من عوقب وخيمة على المرأة وأسرتها؟ إنها الحوثية عندما تتحول إلى مشروع لتدمير أواصر العائلة، وتحطيم ما تبقى من سكينة في البيت اليمني.
 
ذات مرة، أحرقت أم مختطف في سجون الحوثي غطاء رأسها وجزء من شعر زوجة ابنها، في محاولة منها لاستثارة بقية نخوة في الوسط الحوثي، وصرخت متوسلة بكل ما أوتيت من قوة الكلمات، علّها تلامس شغاف من رأفة، لكنها كانت كمن ينفخ قربة مثقوبة؛ الحوثيون كانوا هم القربة المثقوبة!.
 
وذات مرة، أشهر جبان حوثي لسانه بلغة سوقية ضد كل امرأة يمنية، تخرج للتظاهر في مناطق سيطرتهم، وهدد بضربهن ودعسهن. كان يتكلم بلسان من هو أكبر منه، ممن بصقوا الكلمات فتلقفاها فمه، وأفرغها على الملأ.
 
لم تعاني المرأة اليمنية من الظلم والإذلال، مثلما عانت في الزمن الحوثي الرديء، ففي هذا الزمن أضحت المرأة اليمنية هدفا مرصودا يجب التعامل معه إن اقتضى الأمر، وأنشاؤا لهذه المهمة جهازا أمنيا نسويا، يعرف "بالزينبيات"، ويتكفل هذا الجهاز بقمع أي تحركات نسوية مناهضة للحوثيين، باستخدام وسائل وحشية كالعصي الكهربائية والهراوات، وبلغ القمع أشده في أكتوبر الماضي، عندما اعتدى هذا الجهاز، على مظاهرات لمواطنات خرجن ضد التجويع، وجرى اعتقال أكثر من 50 امرأة، والتحقيق معهن، كانت تلك رسالة واضحة لكل امرأة يمنية تفكر في التحرك ضدهم؛ لا مكان للمظاهرات المناوئة ولو تطلب الأمر استخدام القوة والعنف والاختطاف لمنع ذلك.
 
تحتاج المرأة اليمنية، إلى تحركات فعلية لحمايتها من البطش الحوثي، والانتصار لكرامتها المهدورة في مناطق سيطرتهم، وعدم الاكتفاء فقط بإصدار بيانات الشجب والاستنكار وإطلاق المناشدات التي أصبحت ظاهرة صوتية لا جدوى منها، ورحم الله من قال: لا يفل الحديد إلا الحديد!.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر