الرّهان الفاشل


ياسر عقيل

منذ صعود الرئيس هادي إلى السلطة عقب ثورة 11 فبراير 2011 بعد التوقيع على المبادرة الخليجية بين الأحزاب السياسية في تسوية أفضت على المناصفة في السلطة بين حزب المؤتمر وبقية الأحزاب السياسية، ظل هادي يدير الدولة بضعف شديد واعتماد كلي على المجتمع الدولي حيث يسعى دائما لتجنب سخطه عليه وهو ما أظهر حالة الضعف في طريقة إدارة الأزمات.

وهكذا مضت البلاد مهرولة إلى الخارج لحل القضايا المختلفة، وتلك العقدة التي لازالت تتشابك إلى الآن في الأمل الخاسر بالخارج بالأمم المتحدة، في أنهم من الممكن أن يضعوا حلول لمشاكلنا الكثيرة، لكن الواقع يشير إلى العكس تماماً، إلى حد الآن ثلاثة مبعوثين أمميين لا أحد منهم تقدم خطوة في أي قضية كلهم يسير نحو الفشل ضمن حلول تبقى البلاد في حالة من الفوضى واليمنيين بلا دولة.

يعتمد هادي كلياً على الإقليم والمجتمع الدولي للحسم في القضايا الوطنية المصيرية وهذا جوهر الأزمة اليمنية والمتاهة التي نعيشيها والتي أفقدت اليمنيين الدولة في العام 2014، والآن تسير بهم الحرب إلى المجهول دون أفق أو مسار وطني يرشد طريقها بندية مع الحلفاء الذين يساندون الحكومة الشرعية ويسعون لاستعادة الشرعية.

حصل الرئيس هادي على دعم مطلق من جميع الأحزاب السياسية ومساندة واسعة عند توليه الرئاسة، بالإضافة إلى دعم شعبي واضح والذي كان متحمس للانتقال إلى مرحلة الاستقرار. لكن هادي خذل الجميع من خلال سلسلة من الإخفاقات والأخطاء الكارثية وأبرزها سقوط الدولة بيد الميلشيات وكانت الخذلان واضح للجميع من الرئاسة والحكومة، وبعد سيطرة الحوثيين على محافظة عمران زارها هادي وقال "إنها عادت لحضن الدولة".

سوء التقدير وحالة الخداع بالحوثيين وثقة هادي بالمقترحات التي كانت تأتي من خارج منظومة الدولة سواء من السفارات أو من المبعوث الأممي حينها "بنعمر"، أوصلت الحوثيين إلى صنعاء ومن ذلك الحين والعاصمة تحت سيطرتهم، وبالتالي أصحت تدار عملية استعادتها بنفس الطريقة التي سقطت من خلال الاعتماد كلياً على الخارج لإدارة الحرب وعودة الشرعية وتلك أزمتنا حالياً.

حالة التردي والفشل في عمل الشرعية سواء من الجانب العسكري فيما يخص الجبهات، والجانب الخدمي وتطبيع الحياة في مناطق سيطرتها وتحسين الوضع المعيشي للناس، بالإضافة إلى إدارة المشاورات مع الحوثيين، كل هذه تُركت لإدارة الخارج بطريقة ما، حتى ان الرئيس هادي لم يستقر بعدن رغم مرور ثلاث سنوات على تحريرها في سياق التنازل والضعف وعدم القدرة على الإمساك بزمام القرار الوطني المنزوع.

لا أحد راضي عن الأداء الهزيل للشرعية وحالة النقد المتواصل لم تغير شيء، ولا يوجد مبرر سوى أن القرار اليمني أصبح شبه معدوم ضمن حالة الثقة والتسليم الكلي للخارج، وهو مسار اعتمده الرئيس هادي في طريقة ادارته ولم يثق بالقضية العادلة التي يحملها مما أظهر بشكل واضح طريقة الفشل في الدفاع عنها.

والأسوأ من ذلك طريقة التسليم للأمم المتحدة والتي استطاعت انتهاز الأزمة اليمنية لتتحول إلى صاحبة اليد الطُولى في إدارة السلم والحرب ضمن التحكم في مسار الأزمة الإنسانية بطريقة في مجملها لم تخدم اليمنيين في استعادة دولتهم، وتحمل فقط أجندات للحصول على مزيد من الأموال من خلال تقارير ابتزاز للسعودية الذي ينظر اليها الصيد السهل للمنظمات الأممية للحصول على الأموال لتغطية النفقات الكبيرة للموظفين الامميين.

وتعمل منظمات الأمم المتحدة في اليمن حاليا كطرف وحيد يقدم خدمات مجانية للمواطنين، حتى أن موظفي الدولة تحولوا إلى محتاجين وينتظرون إغاثة الأمم المتحدة وما الذي يمكن ان تتخذه من أجل صرف رواتبهم، وحلم الشباب اقتصر على الحصول على وظائف لدى الأمم المتحدة، هذا التوجه الكلي مقلق وغير صحي لمستقبل الدولة اليمنية.

الرهان على الخارج والمجتمع الدولي رهان خاسر وفاشل حتماً ولا يمكن أن يعيد لليمنيين دولتهم واستقرارهم المنشود، سيصنع لنا هذا الرهان دوله هشة ومفككه وضعيفة تنخرها الصراعات، بلادنا بحاجة لمسؤولين يمتلكون شجاعة كبيرة لاستعادة زمام القرار الوطني والتعامل مع الخارج بندية وأسس واضحة.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر