اعملوا صالحا حزب "صالح"


أحمد عبد التواب

  هل علينا أن نغفر لـ"صالح"، كي نستدعي حزبه وأنصاره الى صف الوطن؟
 
هل مطلوب منا الاعتراف له بالشهادة وبالختام المجيد وشرف النهاية، من أجل أن يعترفوا بنا شركاء في محاربة خطاياهم؟! 
 
هذه المقايضة لا تؤسس لمسار حقيقي جامع ومتجاوز.   
 
علينا ابقاء "صالح" في الثلاجة بدون تقليب. لسنا مجبرين على تمليس جثته، ولا دهنه بمرطبات بلاغية، كي نهضمه ميتا، لنرضي الضمير المؤتمري الجريح، ولنقنعهم بواجب الدفاع عن كل ما ضاع ودُمّر؟
 
دعونا من "صالح" الآن.. فلسنا في حال تسمح بالغفران ولا بالسلوان. نحن مجروحون وقتلى ومشردون بلا وطن. نحارب من اجل قضية كبيرة، هي ما يجمعنا الآن إن كانت فعلا هي قضيتكم كذلك.
 
لن ننكر عليكم الطواف حوله، وذرف الدموع وابداء الحسرة، بشرط عدم تقديمنا نحن الضحايا كقرابين.  
 
الاشتغال على تكريس عقدة الذنب لدينا ومطالبتنا بإنكار ما فعلناه كي نستحق منكم الغفران، قلب لموازين القسط..! هذا ما يبدو عليه الأمر بيننا وبينكم. وهو وضع غريب ومربك، ويستحيل أن يفضي الى حالة تقارب أو اجماع مشترك بدوافع وطنية واخلاقية، تبدأ من مراجعات حقيقية وصادقة، وعمل وطني عام، يشكل اعتذارا فعليا عن عقود من الاصطفاف مع الخطيئة وصناعة الخراب.
 
من حقي الإبقاء على "صالح" كخصم. وأشعر هنا أني خسرته في تلك النهاية كعدو قوي يستحق المباهاة. لم اكن أريد له أن ينتهي على ذلك النحو الباعث على الرثاء؛ مخدوعا؛ وحيدا؛ أعزلا؛ محاطا بأوهامه وبسوء تدبيره؛  محاصرا من كل اتجاه؛ مرتبكا يخاطب الموت والفراغ  المحدقين به؛ يطلب الانتفاضة من شعب أسلمه للإذلال  والخذلان والقتل والدمار؛ ويستجدي ضحاياه المهانين، وثبة مستحيلة..
 
 مقتله على يد حليف نقمته، على ذلك النحو، لا يجعلني مجبرا على تقديم اية تنازلات تجاهه، ولا ملزما بمنحه أي إشفاق، ولا أجد شخصيا في هذه الخاتمة البشعة، ما يجده أنصاره ومواليه.
 
 حسنا؛ اذا كان صالح اكتشف أخيرا الوجه القبيح للحوثيين الذين تحالف معهم وسلمهم مصير اليمن قبل مصيره؛ واذا كان قد قرر اعلان الانتفاضة عليهم، قبل أيام من مقتله، وتصحيح خطأه القاتل والتكفير عن كل ما حدث، غير انهم لم يمهلوه...؛ فلتواصلوا اذا ما كان بدأه، ولتسيروا على ما كان اختطه، ودعا اليه في وصاياه العشر الأخيرة.  
 
نحن نقاتل ونواجه حلفكم معا منذ البداية، وننتظر منكم أن تكونوا أكثر حرصا على الاصطفاف في مواجهة الحوثيين، والبدء في تبني موقف آخر تجاه الشرعية، وكل القوى الوطنية المنضوية تحت الشرعية. توجُهٌ ينطلق من وصايا "صالح"، يُصلح ما تم إفساده. توجهٌ يقول صالحا، ويعمل صالحا يرضاه الوطن.
 
 ثمة حكامٌ وقادة لا ينتهي وبالهم على الأرض، ولا تزول شرورهم بمجرد انتهاء حكمهم وزوال سلطانهم؛
 
يرحلون، ويبقى فسادهم مقيما في النفوس والعقول، معرشا في كل اتجاه..؛ يموتون، وتبقى أوزارهم وآثامهم حية ممتدة، تواصل النماء والانتشار..
 
الغفران السهل لهؤلاء، يمنح مواريثهم اعفاءات سهلة، وتصاريح بقاء إضافية، وفرصا أخرى للتكاثر والتناسل..
  
لنعد الى القران الكريم، ولنستعرض صورا من نهايات الطواغيت والظلمة المستبدين والمجرمين.. وكيف شُيّعوا من قبل المولى عز وجل ..
 
تسقط العبرة؛ ويتشوش الموقف من الظلم والظلام؛ وتغيم الرؤية؛ ويتلاشى الدرس الأخلاقي؛ وتموت القيمة، حين يحظى القاهر بإشفاق المقهور، حيا وميتا، على هذا النحو. 
 
الغفران قيمة. لكنه قد يصير جريمة تستدعي الزجر

نحن ازاء ما ترك "صالح" من الشر، في مقام المقاومة، لا في مقام الغفران
 
هو اختار ميتته المنكرة، ولم يتركنا في مقام الاعتراف بما ترك من الخير.
 
هذه فتنته حية باقية، تقتلنا ليل نهار، وتسلبنا الوطن والأمان، وتسحق الحاضر والمستقبل. لم يعمل صالحا فيما ترك كي يستحق الصفح والترحم
 
"صالح" ليس مجرد رجل مات.. إنه عهد يصعب دفنه واهالة التراب عليه بسهولة
 

مشاركة الصفحة:

اقراء أيضاً

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر