ذرائع أنقذت الحوثي في الحديدة


همدان الحقب

 كان حديث المجتمع الدولي عن الأزمة الإنسانية في اليمن يتصاعد بشكل مطرد كلما اقتربت معركة الجيش الوطني والمقاومة من مدينة الحديدة ومينائها، وكأنه لا منفذ لوصولها سوى الموانئ الواقعة تحت نفوذ الحوثي.
 
لم يكن ذلك الصوت المرفوع سوى تعبير حمل موقف المجتمع الدولي الرافض لأي انتصارات جديدة يحققها الجيش، وانحياز مموه بيافطة الوضع الإنساني الكارثي. لكن هذا الصوت طالما غاب عن ألسن ممثليهم وصحفهم ومؤسساتهم كلما دخلت الجبهة حالة من الخمول أو حقق الانقلابيون أبسط تقدم.
 
وفي اللحظة التي حسم فيها التحالف العربي، لاستعادة الشرعية، قراره بتقدم الجيش والإطاحة بالحوثي في الحديدة، أدرك داعمو الانقلاب الحوثي أنه لابد من الضغط على كل من الشرعية والحوثيين لحضور جولة جديدة من المفاوضات تنقذ الحوثيين وتجهض انتصار الجيش، الذي كان على وشك الاكتمال.
 
 ويبدو أنهم تحدثوا لطرفي التفاوض أنهم يشعرون بخطورة كبيرة على أمن الملاحة الدولية جراء معركة الحديدة، وهو الأمر الذي لن يسمحوا به، وإن دفعهم ذلك إلى خيارات صعبة قد لا تراعي إطلاقا موقف اليمنيين ومصالحهم.
 
لقد راقبوا المعركة عن قرب، ويأسوا من إمكانية صد مليشيا الانقلاب تقدم المقاومة مدعومة بالتحالف. وفي الوقت نفسه الذي بدى لهم ملف الوضع الإنساني الكارثي غير مجد لتفويت النصر، حضر إلى جانبه هذه المرة موضوع أمن الملاحة الدولية ليفي بالغرض.
 
حضرت مصالح المجتمع الدولي وغابت مصلحة أطراف الحوار اليمني في حوار السويد، حسب وصف أحد الأكاديميين اليمنيين. وأنا أضيف: تم إنقاذ الحوثي بإجهاض انتصار حققه الجيش الوطني. انتصار كان سيمثل إضافة فارقة لرصيد الشرعية، تدفع الانقلابيين نحو حوار جاد يفضي إلى توقف الحرب واستعادة الدولة، بالاستناد إلى قرار مجلس الأمن (2216)، الذي قضى بانسحاب الانقلابيين من مختلف مؤسسات الدولة والمدن التي سيطروا عليها بقوة السلاح.
 
ما الذي كسبته الشرعية من اتفاق السويد بشأن تسليم الحديدة للقوات المحلية؟ في تقديري، أنها لم تكسب شيئا من تسليم الحديدة للقوات المحلية، والتي تبدو لي وكأنها إعادة سيطرة ناعمة للحوثيين على الحديدة تحت هذه التسمية.
الحوثي ألتهم مؤسسات دولة ما قبل 2014م، وأعاد إنتاجها بطريقة تتوافق ومشروعه، وعززها بمصالح فساد جديدة تضمن استمرارية سيطرته عليها.
 
والسؤال نفسه أيضا: ما الذي كسبه الحوثيون من الاتفاق نفسه؟ فلنقل إنه لم يكسب شئيا، لكنه أيضا فوت انتصار الشرعية الذي وصل جولته الأخيرة.
 
إذا ما سارت الأحداث، في بند خروج القوات المسلحة من الحديدة وموانئها وإعادة الانتشار، وفق ما جاء في الاتفاق، فإن ملف الأوضاع الإنسانية المأساوية التي خلفتها الحرب لن يعود إلى الواجهة بتلك القوة التي برز فيها منذ انطلاق معركة تحرير الحديدة، وإنما سيكون باهتا وثانويا...
 
بعد الآن، من وجهة نظر المجتمع الدولي، لا يهم أن نتقاتل في الجبال أربعين عاما.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر