سنكون هناك في يناير!


سلمان الحميدي

عام 2002، تألق المنتخب اليمني للناشئين على أرض الإمارات، ووصل إلى المباراة النهائية في كأس آسيا. لن ينسى اليمنيون تلك المشاركة المبهجة ولا الأسماء الذين شاركوا في البطولة ووصلوا إلى نهائيات كأس العالم.

كان "جمال العولقي" من اللاعبين المهاريين الذين تألقوا، وتنبأ له المتابعين بمستقبل واعد، غير أن سوء الإدارة جثمت على مستقبل اليمنيين وليس جمال وحده، وفي نهاية المطاف استشهد جمال العولقي، وأصبح خبرًا لم يتأكد أحد منه، لقد حمل البندقية كما قيل واستشهد اللاعب الرشيق وهو يدافع عن وطنه ضد المليشيات..

من يصدق هذه الحقيقة المُرة!؟

حسنًا.. صدقوها لتتأملوا حال اليمني وكيف يعيش؟

في ظروف الحرب الراهنة، التي أودت بجمال العولقي وحولت الملاعب الرياضية إلى ثكنات، وصل المنتخب الوطني إلى نهائيات كأس آسيا لأول مرة في تاريخه، البطولة التي ستقام في الإمارات في يناير المقبل، الإمارات شهدت بزوغ نجوم الناشئين عام 2002، والمشاركة في التحالف العربي الذي أتى لإنقاذ الشرعية والشعب اليمني أيضًا من بطش المليشيا الحوثية المدعومة من إيران.. في الإمارات إلتمع نجوم الأمل لتأتي هي إلى اليمن بطلعات جوية تحت اسم "إعادة الأمل". هناك سنكون في يناير. ومن سخرية القدر أن منتخبنا في مجموعة واحدة مع المنتخب الإيراني.

نحن مقبلون على بطولة مهمة، وعلى الأقل كان على الاتحاد أن يعد برنامج "ابتعاث"، إرسال اللاعبين للتدرب في الأندية الخليجية. اتحاد، مثل الاتحاد السعودي ـ يديره تركي ال الشيخ ينفق مالًا وفيرًا لن يطلب مالاً مقابل ذلك.

استعدادًا لكأس العالم كان للسعودية برنامج ابتعاث المواهب لأوروبا، أرسلت لاعبين إلى أندية أوروبية ليتدربوا ودفعوا أموالًا طائلة مقابل جلوس المواهب على دكاك الاحتياط هناك، ومع ذلك لم يقدم المنتخب السعودي شيئًا يليق بضخامة الإعداد.

كنا نريد شيئاً من التحالف العربي الذي يحارب معنا الحوثيين الممولين من طهران، أن يعدوا اليمن جيدًا لهزيمة الفرس على أرض الإمارات!.

بما أن الرياضة غالبًا ما تنعكس على الواقعين السياسي والعسكري، فقد انعكست الأزمة الخليجية على المنتخب اليمني فيما يبدو، والظاهر أيضًا أن سياسة اتحاد كرة القدم الذي يديره العيسي سكرتير الرئيس هادي يسير بخطى ثابتة مقتديًا آثار حكومة الشرعية ومسؤوليها: التبعية!.

مطلع 2018، اتخذ اتحاد كرة القدم في قطر قرارًا قضى بمعاملة اللاعب اليمني كالقطري، وسمح لأندية الدرجتين الأولى والثانية بالتعاقد مع لاعب يمني واحد واعتباره قطريًا، نظرًا للظروف حسب القرار، في يناير 2018 كان عدد اللاعبين اليمنيين في الأندية القطرية ثمانية لاعبين، كانت خطوة إيجابية، على الأقل حتى لا ينسى لاعبونا كرة القدم في هذه الظروف الطاحنة، ويفترض أن يستغل الاتحاد المقيم في الرياض هذه المناسبة، لمخاطبة الاتحادات الخليجية الأخرى، وخاصة الاتحاد السعودي؛ وبما أن هناك أزمة بين قطر من جهة والسعودية والإمارات من جهة أخرى، فليتنافسوا في تقديم الخدمات لليمني، ولتتعاقد أندية الإمارات والسعودية على لاعبين يمنيين تأكيدًا على مصداقية المساعدة من جهة ولهزيمة إيران رياضيًا من جهة أخرى!.

من يصدق أن ما حدث هو العكس تمامًا؟ إذ كان مقررًا أن يقيم المنتخب اليمني معسكره التدريبي في قطر وإقامة بعض المباريات الودية مع منتخبات مشاركة في البطولة، وفجأة تم إلغاء المعسكر هناك واستبداله ببرنامج تدريبي في ماليزيا. لا يمكن أن تتدخل دول التحالف ـ السعودية والإمارات ـ في تفاصيل رياضية كهذه إلا إذا فهموا أن المعسكر التدريبي يشبه موقعًا عسكريًا للمليشيا ـ وعليه، يبدو استبدال المعسكر في قطر من أفكار اتحاد الكرة ظنًا منه أن ذلك يرضي التحالف لا أكثر، وهذه المصيبة البلهاء إحدى المظاهر البسيطة لانعكاسات الأزمة الخليجية على القرار اليمني.

كان يكفي أن يقولوا أننا مع "إيران" في مجموعة واحدة.. أنتم في اليمن تحاربون الحوثي الممول من طهران، أنتم التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، نريد إعدادًا قويًا لليمنيين الموهوبين بالفطرة، كي يعكس الواقع الرياضي الكثير على الواقع السياسي والعسكري، وكما هزم "يهرعش" الفرس وطردهم من أرض العرب، أعدوا المنتخب اليمني ليهزم إيران على أرض الإمارات.. يعني استغلال الدبلوماسية لجني فوائد رياضية.. لكن لا فائدة.

كان المنتخب قد قام بمباراتين وديتين أمام المنتخب السعودي، وفاز بها الأخير بهدف يتيم وبشق الأنفس، ومباراة أخرى مع المنتخب الإماراتي وفاز بها منتخب الإمارات بهدفين. كان الأداء جيدًا ومبشرًا، وكان اللافت تواجد الجماهير اليمنية بكثافة في المدرجات. تلك الحناجر اليمنية غلبت هتافات الآخرين، تلك الوجوه المزينة بالأعلام الوطنية تختزل حال اليمنيين المنهوكين الذين يبحثون عن شهقة فرح، ولا يفتقدون الأمل حتى وإن كانوا في الرمق الأخير.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر