سبتمبر المصير المتجدد


همدان الحقب

   شدني استبشار الناس بقدوم عيد ثورة اليمن الخالدة 26 سبتمبر في مواقع التواصل الاجتماعي على تنوعها.
 
 غرقنا في لجة الإمامة الجديدة القديمة بعد انقلاب 21 سبتمبر المشؤوم على الشرعية- وما ترتب عليه من أثار كارثية حتى اليوم استهدفت حياة الإنسان اليمني على مختلف الصعد- جعل منا أكثر إحساسا بأهمية سبتمبر وعظمته وضرورة التمسك ولو بقشة تبقت منه ..
 
الناس في صدمة كبيرة ومزلزلة. فكل ما سمعوه عن المجاعة والأمراض وسلسة الحروب اللامتناهية والجهل والظلم، الذي طبع تاريخ الإمامة، لم يكن مبالغة عما كانت عليه أعراض مرض الإمامة، أو من قبيل نكاية الخصوم الجمهوريين بالإمام وسلالته، بل كان كل ذلك حقيقة، عاشوا تفاصيلها الكارثية خلال أربع سنوات فقط من عودة شبحها.
 
 أربع سنوات فقط، جعلت من الناس جوعى على شفير الموت، بعد اجتياح المجاعة لطول اليمن وعرضة. كما عادت الأمراض الحصرية على ماركة الأئمة. أما الحروب فتناسلت بشكل يصعب احتوائها وتبيان معالمها.
 
 كل هذا جعل اليمنيين وكأنهم يفيقون فجأة، ليعضّوا بالنواجذ- داخل أسيجة الحصار والدمار- على ما تبقى من طلل لسبتمبر في الواقع المهشم والتعيس.
 
الكثير من تلك الوجوه المحسوبة على النخب- التي هللت لقدوم الحوثي تحت مبررات عدة؛ كالقضاء على أشخاص معينين أو قوى بعينها وتمهيد الطريق نحو بناء دولة أدمنوا نهبها- أدركت مؤخرا أننا لن تخرج بسهولة من مألات الخفة والخيانة التي شكلت مواقفها حينها، وأن الغرق لم يستثنيهم، بل نال منهم وبقسوة في نهاية المطاف.
 
 نال منهم جميعا؛ سواء هؤلاء الذين هللوا من داخل صف الثورة، أم أولئك الذين ظلوا بجانب زعيمهم يحثونه ألا يدع اليمن بسلام وأن يقتفي الخيار الذي اقتفاه بشار الأسد ومعمر القذافي: خيار الحرب على الشعب ونسف كل شيء.
 
 المشكلة، أن كثير من هؤلاء اليوم يتقافزون من قوارب نجاتهم إلى مركب الشرعية، ولا يكتفون في الأمل الذي أشرق أمامهم بفعل ركوبهم معنا، بل أنهم الآن يصرون بوقاحة منقطعة النظير على أن يزاحموا الثوار في قيادته، وسط هذا المحيط متلاطم الأمواج..! يريدون أن يقودون المركب رغم فشلهم في نصح قبطانهم الزعيم الذي انتهت به الرحلة- بفعل بواصلهم- إلى قتيل، لم ينل حقه الآدمي بموارات جثمانه الثرى .. !
 
المشكلة لا تتوقف عند هذا الحد، بل أنها تزداد سوداوية حين نرى قيادة الشرعية تفسح لهم مجالا غير محسوب العواقب، وذلك إما نتيجة لضغط الأحداث وضعف خيالها، أو بفعل ضغوطا يتلقونها من حلفائهم الذين يجبرونهم على أن يضعوا هذه الجيف في صدارة صف الشرعية ..!
 
بالنسبة لي؛ سيبقى هؤلاء هم الموت القادم، ليس بما يملكونه من إمكانات وخبرات، ولكن بما سيضعه بين أيديهم حلفاؤهم المترفين عند محطة ما، يشعرون عندها بأوان دفن آخر ما تبقى من نتاج فبراير شخوصا وأهدافا ..!
 
 هكذا جرى الأمر في سبتمبر. فقد صفوا رجالاتها- بدعم من قفزوا من قوارب نجاتهم- إلى مركب الثورة. صفوا الثوار بالإمامين الذي تسللوا إلى صفوف الثورة، ثم تحالفوا داخلها مع الذين لم يكونوا ينظرون إليها سوى كمغنم تبرر غاية نهبه كل وسيلة مقتفاه.
 
سنظل نحتفل بسبتمبر، بصفتها حدث الأحداث في اليمن، وملهم الحرية والخطوة الأولى في طريق المجد. وأيّ بلغت نكسة اليمنيين بتمكن الإمامة في بعض مناطق اليمن، إلا أنها على موعد مع السقوط كعادتها باستفاقة المارد من سباته.
 
 ومادامت هناك سبتمبر، فلن تكون- لا الإمامة ولا غيرها من المشاريع الضيقة- بمأمن. بل لن يكون تواجدها سوى عابر في مسارات تطور وتحولات اليمن.
 
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر