التخاطر الأخير


سلمان الحميدي

أن يساعدك شخص ما بما تنوي فعله أو قوله، مفاجأة، قراءة أفكار دون أجهزة يستدعي الذهول من أمر التخاطر. التخاطر موضوع دراسات علمية سرية وجدل لا ينتهي في العلن: خرافة، شعوذة، وسحر، علم، قدرات خارقة وحقيقة.

يؤمن به ماركيز، ويفرغ له العقاد الصفحات باسم التلباثية وهو يبرع في أدب العبقريات.

قرأت في إحدى المجلات العلمية أن التخاطر قد يكون أفتك الأسلحة مستقبلًا إن عُرف سره.. ماذا لو وقع السر بيد الحوثيين وأبادوا الحضارة الإنسانية من على وجه البسيطة.

قبل أيام وجدت البخيتي علي، يغرد في تويتر فيما معناه، بأن مشاورات جنيف لن تخرج اليمنيين إلى حل، الحوثيون لن يرضخوا لأي اتفاق، لا مفر من الحرب حتى النهاية مع تجنيب الأبرياء القصف للخروج بأقل الخسائر، هذا علي يتحدث عن همجية المليشيا كما يصفها، في المقابل وجدت البخيتي محمد أمامي في فيسبوك، محمد شقيق علي يتحدث عن بعد الطريق إلى جنيف ولماذا "لا يأتي المرتزقة إلى صنعاء لنتحاور".

هل ما قاله علي من عمان، وما قاله محمد من صنعاء، يعد تخاطرًا بين الشقيقين!.

حين شرعت بالكتابة حول التخاطر؛ هبت الريح. كانت في رأسي ذكريات نقاشات الطفولة حول تفاهم الحيوانات فيما بينها.

كان لدينا تفسيرات لكل شيء، بما في ذلك الظواهر الخارقة والخرافية والمبهمة. الغريب هو أن يتفق اثنان على تفسير واحد دون تنسيق، وصل بنا الأمر إلى توضيح مقتل سيف بن ذي يزن. قلت للطلاب أن أستاذ التاريخ يخفي الحقيقة خوفًا من الجن، لقد فكر أن يستغل "أخته الجنية" عاقصة، ليتاجر بجسدها مع الملوك لتأمين ملكه. كان الجن يعلمون ما يجول برأس سيف، يسألني زميل باستغراب صادق: سيف قائد وإلا سيف سعيد؟ يقطع متعة الشرح قبل أن أرد: سيف بن ذي يزن.

لإضفاء التشويق على القصة كنا نقول أن الملك عندما يتعرض لمؤامرة كان يفكر بما سيفعله، فيتسارع أقاربه الجان للتنفيذ، لم نجد وصفًا للعملية التي تحدث، ولم نكن نعرف شيئًا عن التخاطر والتلباثية، ولم نطلع على السيرة الشعبية لسيف بن ذي يزن، كان الأولون يروسون لنا خيط الحكاية الأسطورية ونحن نفصل الأحداث كما نشاء.

كان سيف.. ويقاطعني الزميل، سيف قائد وإلا... وأفقد شغف المواصلة. صديق لي كان يأخذ التكملة من رأسي ويروي ما تبقى: الجن قاطعوا سيف، ورئيس الجن أقسم فوق أولاده السبعة أنه لن يساعده بعدما طلب منهم استنساخ ثلاث جنيات على شكل عاقصة لإرسالها إلى الروم وفارس والحبشة، وهنا يضيف الزميل المولع بالمقاطعة: والسعودية!.

انفردت بالصديق الذي يساعدني في تفسير خاتمة سيف وسألته ما إذا كنت قد رويت له الحكاية من قبل، يستهزئ ضاحكًا: كله خرط.. استدار وتوقف بعد خطوات ليقول: قريني قابل قرينك وقلي موتشتي تقول.

أحياناً تريد شيئًا بعيدًا عنك، فتتفاجأ بمجيء صديق يحمل ما تريد، في الريف تحدث دائمًا ودائمًا ما نسمع جملة "ليت كُنكْ أدعوك لي برزق/ ليتني دعوت الله أن يرزقني" إذ يظن هذا الشخص الذي تمنى أن تأتي دراجة نارية لتأخذه إلى السوق فجاءت الدراجة، يظن أنه في الوقت الذي تمنى كانت السماء مفتوحة فأعطته ما أراد.

ماركيز، ذكر في مقال له، أن صديقًا هاتفه وقال بأنه سيزوره هو وزوجته بعد ساعات، مرسيدس زوجة ماركيز أخبرته بأنهم بحاجة لبعض الأغراض؛ تحرج أن يطلب من صديقه، فقام بكتابة الأغراض على ورقة، عندما وصل الصديق وزوجته، كان يحملان الأغراض ذاتها المدونة في ورقة ماركيز، من بينها شراب، وعلبة صابون على ما أعتقد.

إلى الآن لم نجسد تفسيرًا لآلية عمل الأدمغة في عملية التخاطر، يمكن أخذ "البخيتي إخوان" إلى معمل التطوير التابع للمليشيا التي صنعت الطائرات وطورت من قدرة الصواريخ، لنشرح لماركيز التخاطر من زاوية علمية، وبالمرة يتخفف علينا عبء تصفح فيسبوك وتويتر.


*المقال خاص بموقع "يمن شباب نت"

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر