ظهر مجموعة من الناشطين والناشطات يتداولون صورا قائلين إنهم في رحلات كونية ضمن جهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن من أجل جلسات للعصف الذهني لبلورة أفكار حول الحلول الممكنة للأزمة اليمنية وانهاء الحرب.
 
وأنا أقرأ عن اللقاء في ويستن هاوس بإحدى ضواحي لندن، تمنيت أن المشكلة اليمنية بهذه البساطة حتى يتم التعامل معها بهكذا خفة. ككل مرة يفشل المبعوث الدولي في الضغط على الأطراف وتسمية المتسببين في العرقلة دون تفعيل المسار السياسي، تتجه الأمم المتحدة ومبعوثيها إلى حلقات العصف الذهني وتمكين المرأة في صناعة السلام، ثم الشعور بالرضا والانجاز.
 
تتعامل الأمم المتحدة مع حرب اليمن كأنها حملة انتخابية حيث تعرض تصوراتها في قضايا النوع الاجتماعي "الجندر" وتمكين المرأة في صناعة الحلول وإحلال السلام وإنهاء هذه الحرب التي أشعلها الذكور ويقودها الذكور ووحدهم من يستطيعون إنهاءها لكن بكل تأكيد ليس على طريقة ورش للناشطين والناشطات وجلسات العصف الذهني.
 
يمكن أن نتفهم أن للأمم المتحدة رؤى ورسائل واستراتيجيات في صناعة التحولات الكونية كأهداف الآلفية وغيرها. غير أن لكل دولة أولويات ووضع راهن خاص ينبغي النظر إليه أولاً، فأولوية دولة تعيش في حالة حرب تختلف عن الأولوية لدولة تعيش في حالة من السلام والاستقرار.
 
مثلا تركيز المبعوث الدولي للأمين للأمم المتحدة الخاص إلى اليمن، بداية على ضرورة مشاركة المرأة في التحضيرات لمباحثات بين أطراف الصراع في اليمن يبدو شكلياً أكثر من أنه خطوة مهمة وحقيقية في صناعة السلام. تظهر هذه الخطوة متكلفة ومثقلة بقضايا الأمم المتحدة في العالم الآخر الذي يعيش قضايا تختلف عن قضايانا على الأقل من حيث الحدة.
 
بداية المبعوث الخاص إلى اليمن، البريطاني مارتن غريفيث، في حشد ناشطين وناشطات وعقد حلقات يعرضون فيها تصوراتهم تنصب في اهتمام الأمم المتحدة دائما في الشكليات على حساب المضامين، لذلك لا نلمس لها فعالية على مستوى الأزمات والصراعات الدولية والأهلية.
 
فالأمم المتحدة، مثلا، تركز كيف يتم إشراك المرأة في المفاوضات أكثر من اهتمامها ب "كيف تنجح المفاوضات". والمبعوث غريفيت ليس الأول الذي يجعل تمكين المرأة في المفاوضات أولوية فهو يسير خلف المبعوث السابق، ولد الشيخ الذي قام أيضا بعقد جلسات لناشطات يمنيات لوضع تصوراتهن حول الحرب والمفاوضات وفرص السلام وكلها تنتهي بمجموعة صور وموازنة ختامية باهظة للفعالية، وليست للنشر.
 
من المهم التشديد على أهمية قضايا العدالة بين الجنسين وتمكين المرأة في نهضة وتنمية المجتمعات لكننا لسنا في اليمن في صدد البحث عن نهضة ولا تنمية في الوقت الراهن بل بصدد إيقاف الحرب التي عطلت حياة الملايين وإحالتهم إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
 
 إن توفرت النية الصادقة للأمم المتحدة والمجتمع الدولي في حل الأزمة اليمنية وإيقاف الحرب فهم يستطيعون عمل الكثير في هذا السياق لكن لن يكون ذلك عبر تحويل ملف الحرب في اليمن إلى ميدان لتسويق مفاهيم -ليس بالضرورة أننا نختلف معهما أو لا نراها مفيدة في كل وقت- بل لأننا نرى أن لا الزمان ولا المكان الحالي يجعلها مفيدة ولا حتى عملية.
 
أحيانا تشعر أن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية لا تفكر في المساعدة على إنهاء الأزمات الإنسانية بقدر ما تجد فيها بيئة خصبة لنشر قيمها ومفاهيمها الخاصة التي تعبر عن المجتمعات الناشئة فيها وليس عن المجتمعات المستهدفة بنشاطاتها.
 

*المقال خاص بـ "يمن شباب نت"

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر