"يمن شباب نت" يكشف هوية قيادات حوثية مارست التعذيب ضد المختطفين المدنيين في اليمن (حصري)

[ تمارس ميلشيات التعذيب المنهج ضد المختطفين المدنيين بسجونها في اليمن (رويترز) ]

خلال السنوات الماضية تظهر قيادات مليشيات الحوثي على وسائل الإعلام ويتحدثون وكأنهم يقومون دون وظيفي عادي في سلطة الجماعة، الا انهم يمارسون عمليات التعذيب الممنهجة خلف الأبواب المغلقة ضد المدنيين المختطفين بسجونهم في صنعاء التي يسيطرون عليها منذ 21 سبتمبر/ أيلول 2014.
 
موقع "يمن شباب نت"، أجرى سلسلة لقاءات مع عدد من المختطفين المفرج عنهم من سجون ميلشيات الحوثي، وكشفوا هوية القيادات الحوثية التي مارست ضدهم التعذيب وكانوا شهوداً وضحايا لتلك الجرائم التي مورست وبعض تلك القيادات برزت ضمن وفود التفاوض الحوثي بقضية الاسرى، والتي يثير ظهورهم بوسائل الاعلام حالة من الاستفزاز واستعادة لذاكرة قاسية من المعاناة.
 
وفق شهادات المختطفين، فإن القيادات المذكورة أسمائهم هم من عرفوا هويتهم خلال سنوات الاختطاف في سجون ميلشيات الحوثي، وآخرين غير معروفة هويتهم حيث كانوا يحققون معهم ويعذبونهم وهم ملثمين في معظم جلسات التحقيق الرئيسية التي يحاولون خلالها انتزاع اعترافات تريدها قيادة الميلشيات لتحقيق هدفها من الاختطاف.
 
وخلال المفاوضات الأخيرة في سويسرا التي انتهت في 20 مارس الماضي، كان وفد الحوثيين غالبيتهم من المتورطين بعمليات التعذيب، وفي هذا الملف يتحدث الضحايا عن معاناتهم مع التعذيب الذي مورس ضدهم.
 

"المرتضى" يأمر السجانين بممارسة التعذيب
 
البداية مع رئيس لجنة الأسرى التابعة لمليشيا الحوثي عبد القادر المرتضى، ويعرف في أوساط المختطفين بكنيته "أبو هلال"، والذي يرأس وفد ميلشيات الحوثي في الجولات السابقة من مفاوضات الأسرى التي ترعاها الأمم المتحدة منذ اتفاق ستوكهولم في ديسمبر/ كانون أول 2018، وتعد المفاوضات الأخيرة في سويسرا هي السابعة والتي انتهت في 20 مارس/ آذار الجاري باتفاق جزئي.
 
وحسب شهادات عدد من المختطفين المفرج عنهم الذين تحدثوا لـ"يمن شباب نت"، فإن المرتضى هو المسؤول الأول عن كافة المختطفين في سجون الحوثيين هو من يصدر الأوامر عن طريقة التعامل معهم ويشرف على كل التعذيب الذي يتعرضون له. بمعنى انه ليس مسؤول عن ملف انساني بالإفراج عن أسرى الحوثيين، بل أحد الجناة والمتورطين بجرائم التعذيب.
 
الشاب "عارف البيل" أحد المختطفين المفرج عنهم من سجون مليشيا الحوثي، وقال "أن القيادي الحوثي المرتضى مارس التعذيب الجسدي والنفسي بحق المختطفين بشكل مباشر وغير مباشر، بداية بإصداره توجيهات صارمة للسجانين بكيفية التعامل المختطفين التي كانت مروعة، إضافة إلى حضوره جلسات التعذيب الوحشية التي يتعرض لها المختطفين من قبل السجانين في السجون السرية".
 
ويسرد قصته في السجن لـ"يمن شباب نت"، بالقول "في أحد الايام اتى الينا نائب المرتضى مراد حنين (المكنى أبو حسين) إلينا ملثمون وقاموا بتعذيبنا بشكل وحشي لكي نعترف أننا خلية في المعتقل، وعندما كنا ننفي كانوا يعذبوننا، وبينما أشتد علينا التعذيب فضلا عن السب والشتم الإهانة، حينها كنا في زنزانة انفرادية، وكانوا يضربونا بالهراوات فضلا عن اللطم والركل، حينها قلت لهم سأعترف فأخرجوني من الزنزانة".                                                                                                                              
وأضاف: "عندما خرجت تفاجئت بوجود عبد القادر المرتضى خلف الباب، وبحسن نية بدأت اشكو له مما نتعرض لها كونه رئيس لجنة الأسرى أشكو له ما نتعرض له وكلي أمل أنه سيجد لنا حلا"، لكن وللأسف لم يعر كلامي أي اهتمام وبعد أن أكملت شكواي قال لي: "تدري إن نهم سقطت في أيدينا". في إشارة لسيطرة ميلشيات الحوثي على جبهة نهم شرق صنعاء في العام 2020.
 
"احمد" (اسم مستعار) مختطف آخر تحدث لـ"يمن شباب نت" – طلب عدم ذكر اسمه – قال "في إحدى المرات بعد نقلنا من إحدى السجون السرية إلى سجن الأمن المركزي، حضر إلينا عبدالقادر المرتضى واثناء خروجه من عندنا أشار إلى السجانين وقال لهم: تعاملوا معهم، في اشارة الى تعذيبنا".
 
وأضاف: "وبعدها قاموا بتعذيبنا بشكل وحشي ضرب وركل ولطم وإهانات"، وأكد: "أنهم في مرات عدة كان يتم تعذيبهم بوجود رئيس لجنة الأسرى الحوثيين المرتضى".
 

"يحيى سريع" أشد قساوة
 
ومن بين القيادات الحوثية الأكثر وحشية وفضاضة هو مدير سجن الأمن السياسي بصنعاء سيء الصيت المدعو يحيى محمد حمادي سريع ينتمي إلى عزلة بني حشيش بصنعاء، وهو أحد أبرز المسؤولين عن تعذيب الصحفيين المختطفين سواء أولئك الذين تم الافراج عنهم، او المتبقين في السجون.
 
القيادي الحوثي يحيى سريع (شخص مختلف عن الناطق العسكري للحوثي الذي يحمل ذات الاسم) يعد أحد أبرز القيادات الحوثية الذين انضموا إلى ميلشيات الحوثي في وقت مبكر، وكان من سجناء حروب صعدة قبل نحو 15 عاماً، في ذات السجن الذي يتولى إدارته. ووفق أحد المختطفين المفرج عنهم "لا يزال اسمه مكتوبا على جدران إحدى الزنزانات في سجن الأمن السياسي بصنعاء، وكان يتحدث بحقد انه فقد إثنين من أعمامه في حروب صعده".
 

للمزيد إقرأ..
الحوثي "مراد حنين".. جلاد المختطفين "المُجرم" على طاولة المفاوضات في سويسرا


وكشف الصحفي، حسن عناب، وهو أحد الصحفيين المفرج عنهم صفقة التبادل الكبيرة في منتصف أكتوبر/ تشرين أول 2020، في شهادته على التعذيب الذي تعرض له على يد القيادي يحيى سريع، وقال: "ذات ليلة عثر الحوثيين على قلم فارغ من المداد، في زنزانة الصحفيين، فما كان من "سريع" إلا أن أخرجنا نحن العشرة الصحفيين المختطفين، وأحضر سجانيه وأمرهم لينهالوا علينا بالضرب المبرح بمختلف العصي وعلى مدى ليلة كاملة".
 
وأضاف: "حينها كنا نتوسل له (يحيى سريع) ونقول له: بجاه الله يا منعاه ارحمنا، ليرد بالقول: تعرفون الكلب الذي في الشارع، عنده رحمه ومروءة لن تجدونها عندي"، وتابع الصحفي عناب: "وبعد ليلة كاملة من التعذيب، وضعنا في زنزانة يطلق عليه "الضغاطة" لمدة 23 يوماً وهي غرفة صغيرة جدا مظلمة لا نستطيع الوقوف فيها ولا النوم بشكل كامل لضيقها"، وقال: "لم أرى النور بكل تلك الأيام وكنت بملابسي المليئة بالدم".
 



إهانة وتعذيب المختطفين امام اطفالهم
 
يمعن القيادي الحوثي يحيى سريع، في التلذذ بتعذيب المختطفين، ليس فقط التعذيب الجسدي والنفسي، بل حتى فيما يخص الاحتياج الأساسي للبقاء على قيد الحياة، ومنها الحرمان من النوم ومن دخول الحمام وعدم التعرض للشمس بالإضافة إلى المنع من الطعام والماء والعلاج، حيث تعرض عشرات من المختطفين للموت تحت أساليب التعذيب المتنوعة في سجون الحوثيين.
 
يتحدث "عبده الزيادي" وهو أحد المفرج عنهم من سجون الحوثيين "أن أحد المختطفين ممن كانوا يعملوا في سجن الامن السياسي، احدى جلسات المحاكمة تحدث امام القضاة الحوثيين تحدث عن الانتهاكات التي يرتكبها القيادي الحوثي "سريع" وتعرض بعدها لتعذيب قاسي".
 
وأضاف في حديث لـ"يمن شباب نت"، "بعد ان انتشر ما قاله المختطف في وسائل الاعلام حينها، جاء يحي سريع بنفسه وقيده وسحبه إلى البدروم (طابق سفلي معتم) في حبس انفرادي وتم تعذيبه والتضييق عليه، وفي ذات ليلة سحبة من قدمية بينما كان يصلي".
 
ويسرد الشاب "الزيادي" قصته، مع القيادي الحوثي "يحيى سريع" بالقول: "ذات يوم توسلت لسريع بالسماح لي بمكالمة هاتفية لأبارك لأخي زفافه له بأن يسمح لي بمكالمة ووعدني بذلك، وبعد لم أستطع الوصول اليه فأخذت قلم من أحد السجناء المصرح له باقتنائه وكتبت طلبي ليصل اليه، الا انني اتفاجأ الساعة 11 ليلا يأتي الى "يحيى سريع" ومعه 20 شخص للتحقيق معي حول القلم الذي كتبت به".
 
وتابع: "فتشوا الزنزانة، وطلب مني "سريع" بأن اجلس عند قدميه سألته ماذا يريدون مني؟ حينها سألني وهو يشير إلى الورقة المكتوبة هل هذا خطك؟ أجبته: نعم، فسألني كيف حصلت على القلم الذي كتبت به وقد تم تفتيش جميع الزنزانة، أخبرته انه لفلان وهو مصرح له بذلك، وبعد شد وجذب أمرني بأن اعود إلى الزنزانة".
 
وقال الزيادي: "ما كان يؤلم المختطفين كثيراً هو إمعان "سريع" في إهانتهم عندما يزورهم أقاربهم، حيث يتعمد أن يهين المختطف ويسبه ويضربه أمام أطفاله ووالديه عند زيارتهم، ما يزيد من معاناة المختطف النفسية، فتتحول الزيارة إلى وجع أقسى".


قيادات حوثية متورطة
 
إلى جانب تلك القيادات يعتبر القيادي الحوثي عبد الله شرف الدين، ويعرف بكنيته ابو تراب، وينحدر من محافظة صعدة (شمال اليمن) ومعقل زعيم الجماعة، ويعتبر المنسق في عملية إطلاق أي مختطف حيث لا تتم عملية الافراج عن أي مختطف في سجون الحوثيين الا عن طريقة.
 
وأفاد المختطفين المفرج عنهم لـ"يمن شباب نت"، "إن القيادي شرف الدين كان يمارس عليهم شتى صنوف العذاب بشكل شخصي وبيده يقوم بالتعذيب، فضلاً عن بذاءة لسانه في السب والشتم للمختطفين وأسرهم".
 
ومن بين القيادات الحوثية التي حصلنا على هويتهم المعروفة منها والسرية المدعو عبد الرحمن الفائق يعرف بـ "أبو صخر" ينتمي لمديرية همدان (غربي صنعاء) وشقيقه الذي يعرف بكنيته "أبو ربيش" وهو مسؤول في لجنة التفاوض الحوثية، وكان يعمل مديراً لسجن الأمن المركزي، وقبلها مشرفاً لاحد السجون السرية الكائنة بمنطقة حدة وسط العاصمة صنعاء.
 
وبحسب المختطف المفرج عنه "عارف البيل" والذي سجن بأربع سجون سرية، قال: "أن بعض السجون التي كان فيها هي منازل لمعارضين لميلشيات الحوثي من القيادات اليمنية، فيما هناك سجون سرية انشأت خصيصا لذلك من خلال الزنزانات الفردية والجماعية وكذا ملحقاتها".
 
وكشف عارف لـ"يمن شباب نت"، "أن القيادي الحوثي "الفائق" كان يقوم بتعذيب المختطفين بشكل مباشر وبنفسه، حيث كان يقوم بوضع مادة الشمة والفلفل الحار على جروح المختطفين بعد تعذيبهم لمزيداً من التعذيب، وكان رجل مخمور ويتباهى بذلك امام المختطفين".
 



غرف مظلمة وحرمان من العبادات
 
وحتى الصلاة الجهرية وقراءة القرآن الكريم بالصوت كان المختطفون يمنعون من ذلك، ولأنهم في السجن السري في غرف مظلمة تحت الأرض، تمنع عنهم حتى الساعات فكان يمر عليهم اليوم ولا يعرفون الليل من النهار، ولا يعرفون أوقات الصلاة.
 
ومن القيادات الحوثية الذين يقومون بتلك الأصناف من التعذيب المدعو هائل جمعان المعروف بكنيته "أبو سجاد"، والذي كان يقوم بتعذيب المختطفين في سجن الامن المركزي وسجون سرية أخرى في صنعاء، في السجون السرية بصنعاء، وينحدر من "منطقة مُسيك" ينتمي بالعاصمة صنعاء، وهو نائب مدير سجن الامن المركزي.
 
"محمد" اسم مستعار لمختطف مفرج عنه من سجون الحوثيين، قال في حديث لـ"يمن شباب نت"، "أن المدعو أبو سجاد في أحد الأيام طلب منا في أحد السجون السرية الاعتراف بأنهم خلية داخل المعتقل ويعملون لصالح الشرعية، واستمر بتعذيبنا لأكثر من 45 يوماً وهو يطلب منا الاعتراف بذلك".
 
وأضاف: "كان يقول لنا أثناء التعذيب، أنا مطلوب مني إثبات قضية عليكم، وضروري تخارجوني وتخارجوا أنفسكم وتعترفوا وتكتبوا أنكم خلية وإلا سأستمر بتعذيبكم حتى الموت".
 
وفي سجن الأمن السياسي بصنعاء يعد المدعو "أبو سيف المطري" ومن بين السجانين الحوثيين، ومن بين المواقف الأليمة التي يسردها الشاب "عبده الزيادي"، بالقول: "في صبيحة أول عيد يقضونه في السجن قاموا بترديد شعيرة التكبير، لكن "المطري" منعهم وكان ويسبهم ويشتمهم وبدا بمعاقبتهم".
 
وتابع: "عقب ذلك قام بتقييدنا وسكب علينا الماء وأمرنا بالزحف على بطوننا في ممر السجن حتى الوصول إلى كرسي الحمام، ويقول فيه، عيد مبارك، ومن ثم يعود إلى زنزانته زاحفاً على بطنه، وكل ذلك بسبب تكبيرات العيد".
 
ومن بين القيادات الحوثية التي تتلذذ بتعذيب المختطفين وتحرم اسرهم من زيارتهم، المدعو علي صالح هميل ينحدر من محافظة صعدة ويعمل مشرفاً لسجن هبرة بالعاصمة صنعاء. وفي ذات السجن يوجد المدعو هاني السريحي، حيث يقوم بدور التعذيب الجسدي والنفسي على المختطفين واسرهم.
 
ما ذكره المختطفين الذي تحدثوا لـ"يمن شباب نت"، هو جانب من القيادات الحوثية التي استطاعوا التعرف عليهم أثناء السجن وبرزوا كمفاوضين، لكن في اغلب تأكيدات المختطفين كانت غالبية عمليات التعذيب الشديدة تتم عن طريق أشخاص ملثمون لا تعرف هوياتهم.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر