وول ستريت: إيران تتعهد بوقف الهجمات ضد السعودية بما فيها التي يشينها الحوثيون من اليمن

تعهدت إيران بوقف الهجمات ضد المملكة العربية السعودية بما في ذلك الهجمات التي يشنها المتمردون الحوثيون الذين تدعمهم في اليمن، وفق صحيفة وول ستريت الأمريكية.
 
وأشارت الصحيفة في تقرير لها، إلى أن اتفاق إيران والمملكة العربية السعودية على إعادة العلاقات الدبلوماسية -في صفقة توسطت فيها الصين- يُنهي سبع سنوات من القطيعة، ويهز الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط.
 
وأوضحت أن الاتفاق يشير إلى زيادة نفوذ بكين في منطقة طالما كانت الولايات المتحدة الوسيط المهيمن فيها، ما يُمكن أن يعقد جهود الولايات المتحدة وإسرائيل لتعزيز تحالف إقليمي لمواجهة طهران مع توسيع برنامجها النووي.
 
يأتي الاتفاق، في الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة، التوسط في اتفاق سلام بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، وهو جهد يكتنفه الغموض، بعد الاتفاق السعودي الإيراني، وفق الصحيفة.
 
وأشارت الصحيفة إلى أن الصين أقامت -في السنوات الأخيرة- علاقات اقتصادية أوثق مع إيران والمملكة العربية السعودية، وكلاهما مورد مهم للنفط لثاني أكبر اقتصاد في العالم، لكن جهود بناء الجسور هذه، المرة الأولى التي تتدخل فيها بكين -بشكل مباشر- في الخصومات السياسية بالشرق الأوسط.
 
تأتي الاتفاقية، في وقت توترت فيه العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، بسبب تراجع الضمانات الأمنية الأمريكية للرياض، وقرار المملكة بخفض إنتاج النفط للحفاظ على أسعاره مرتفعة خلال الحرب الروسية الأوكرانية.
 
وحسب بيان مشترك، كان التوصل إلى الاتفاق بين إيران والسعودية خلف أبواب مغلقة في بكين، بين كبار المسؤولين في البلدين. ووفقًا لمطلعين، فإن الرئيس الصيني شي جين بينغ كان قد أثار فكرة المحادثات، خلال زيارته للرياض في ديسمبر الماضي.
 
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين سعوديين وإيرانيين وأمريكيين قولهم إن إيران تعهدت كجزء من الاتفاق، بوقف الهجمات ضد المملكة العربية السعودية، بما في ذلك الهجمات التي يشنها المتمردون الحوثيون، الذين تدعمهم في الحرب الأهلية اليمنية، بينما تعيد إيران والسعودية فتح سفارتيهما وبعثاتهما، في غضون شهرين، واتفقا أيضًا على أن يعقد وزيرا خارجيتهما قمة قريبًا للتوصل إلى تفاصيل أخرى.
 
وعن المكاسب التي حققتها الدولتان، ترى "وول ستريت جورنال" أنه بالنسبة لطهران، يخفف الاتفاق العزلة الدولية، التي واجهتها منذ الاحتجاجات المناهضة للحكومة، الخريف الماضي، وبعد أن بدد انهيار المحادثات الهادفة إلى استعادة الاتفاق النووي الدولي لعام 2015 آمالها بتخفيف العقوبات الاقتصادية.
 
بالنسبة للرياض، فإنها تمنح المملكة مزيدًا من النفوذ، في الوقت الذي تسعى فيه للحصول على ضمانات أمنية أمريكية جديدة من إدارة جو بايدن. أما بالنسبة للصين، يتعلق الأمر بتعميق مشاركتها في المنطقة، وإظهار أنها ليست مجرد مستهلك للطاقة.
 
وفي ذلك، نقلت الصحيفة عن راي تاكيه، الخبير الإيراني في مجلس العلاقات الخارجية، المسؤول السابق في وزارة الخارجية والدبلوماسي الأمريكي السابق: "بالنسبة للسعوديين فإن الأمر يتعلق بالضغط على الأمريكيين".
 
لكن محللين قالوا إن إعادة العلاقات الدبلوماسية، من غير المرجح أن تقلل -على الفور- التوترات الأمنية والطائفية طويلة الأمد، التي قسمت الرياض وطهران لعقود، وأثارت تنافسهما على الهيمنة الإقليمية.
 
وانقطعت العلاقات بين البلدين عام 2016 بعد اجتياح السفارة السعودية في طهران، وسط احتجاجات على إعدام الحكومة السعودية لرجل دين شيعي بارز.
 
منذ ذلك الحين، مثّل الخلاف الإيراني السعودي، الانقسام العنيف في كثير من الأحيان، بين المسلمين الشيعة والسُّنة الذي هيمن على الشرق الأوسط لعقود، إذ دعم السعوديون والإيرانيون أطرافًا متعارضة، في صراعات تمتد من سوريا إلى اليمن، لما يقرب من عقد من الزمان.
 
عام 2019، كانوا على شفا الحرب، عند إلقاء اللوم على إيران، في هجمات صاروخية وطائرات مُسيرة، على حقل نفط سعودي.
 
بينما يأتي التقارب الحالي، في أعقاب مؤشرات على أن الحروب بالوكالة، التي شنتها الرياض وطهران، تراجعت حدتها وتأثيرها في الفترة الأخيرة، حيث صمدت الهدنة التي تدعمها الأمم المتحدة بين الجانبين المدعومين من السعودية وإيران في حرب اليمن منذ ما يقرب من عام، وانتهت الحرب في سوريا إلى حد كبير.
 
وعن تأثير الاتفاقية في البرنامج النووي الإيراني، رأت "وول ستريت جورنال" أن الاتفاق ترك البرنامج النووي الإيراني بلا معالجة، الذي كان مصدر احتكاك بين طهران وكثير من الدول، بما في ذلك الصين، على مدى عقدين.
 
ولفتت إلى أن العقوبات الأمريكية على إيران تركت اقتصادها في حالة خراب، بخلاف أزمة العملة التي عصفت بالبلاد خلال الأسابيع الأخيرة.
 
وكشف مسؤولون أمريكيون -تحدثوا للصحيفة- أن الحكومة السعودية أبقت المسؤولين الأمريكيين على اطلاع بمحادثاتها مع إيران لاستئناف العلاقات الدبلوماسية، على أمل أن تحل بعض التوترات المتزايدة في الخليج، إلا أنهم أكدوا أن الولايات المتحدة لم تشارك -بشكل مباشر- في هذه المحادثات.
 
وأوضحوا أن الهدف الأبرز من الاتفاق، كان منع أي هجمات أخرى ضد السعودية، بما في ذلك تلك التي يشنها مسلحو الحوثي المدعومون من إيران في اليمن.
 
ويرى المسؤولون الأمريكيون، أن إيران تحفزت للانضمام إلى المحادثات، لأنها تريد تخفيف الضغط السياسي والاقتصادي المتزايد في الداخل، فضلًا عن أملها بالحصول على أي مساعدة من جيرانها المباشرين لخرق عزلتها الدولية.
 
أمام ذلك، يرى مسؤولون أمريكيون أن الشهرين المقبلين -لحين إعادة فتح السفارتين رسميًا- سيكونان حاسمين لقياس جدية طهران في احترام الاتفاقية.
 
وقال جون كيربي المنسق الاستراتيجي لمجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض للصحفيين، الجمعة: "ندعم أي جهود من شأنها تخفيف حدة التوترات في المنطقة، نعتقد أن هذا في مصلحتنا، وهو شيء عملنا عليه من خلال مزيجنا الفعّال من الردع والدبلوماسية"، وأضاف كيربي: "سوف نرى ما إذا كان الإيرانيون سيحترمون الاتفاق، فهذا ليس نظامًا يحترم كلمته عادة".
 
وتابع: "نحن بالتأكيد نواصل مراقبة الصين، بينما تحاول كسب نفوذ وإيجاد موطئ قدم لها بأماكن أخرى في العالم، من أجل مصلحتها الضيقة"، وختم: "لكن في النهاية، إذا كانت استدامة هذا الاتفاق ممكنة، بصرف النظر عن الدافع أو من جلس إلى الطاولة... فنحن نرحب به".
 
المصدر: الصحافة الأمريكية

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر