الاقتصاد يعاني من أزمة حادة..

وزير الخارجية يدعو المجتمع الدولي لتقديم دعم عاجل لتفادي اتساع الكارثة الإنسانية

دعا وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك، الأربعاء المجتمع الدولي، إلى المساهمة في تقديم الدعم العاجل لجهود الحكومة ودعم إجراءاتها وخططها لتحقيق الاستقرار الاقتصادي وتفادي التبعات الخطيرة لاتساع الكارثة الإنسانية.
 
جاء ذلك خلال مشاركته في اجتماع رفيع المستوى بشأن الوضع الإنساني في اليمن، نظمه الاتحاد الأوروبي والسويد افتراضيا على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفق وكالة الأنباء اليمنية "سبأ".
 
وشارك في الاجتماع وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية "مارتن غريفيث" ومديرة وكالة الأمم المتحدة المعنية بالطفولة (يونيسيف) "هنريتا فور" والمدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي "ديفيد بيزلي" ومفوض الاتحاد الأوروبي لإدارة الأزمات "غانيز لينارتشيتش" إلى جانب ممثلين لبعض الدول الأعضاء.
 
وقال ابن مبارك: "على مر التاريخ، لم يواجه اليمن واقعاً مشابهاً لما تشهده البلاد اليوم من أزمات متعددة ومتداخلة في ابعادها وأسبابها وآثارها، بشكل يفاقم من أثرها المدمّر على حياة المواطن اليمني والاقتصاد الوطني، لاسيما في ظل استمرار الحرب التي تشنها الميليشيات الحوثية على اليمنيين".
 
وأضاف، "بالرغم من الدعم السخي الذي يقدمه المجتمع الدولي، بما في ذلك من خلال خطة الاستجابة الإنسانية التي تقودها الأمم المتحدة، فإن الأزمة الإنسانية التي يشهدها اليمن هي الأكبر والأكثر إلحاحًا في العالم".
 
وأكد أن الحكومة اليمنية، من مبدأ مسؤوليتها تجاه أبناء الشعب اليمني في كافة مناطق الجمهورية، على تيسير عمل وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها.
 
كما أكد أن الحكومة اليمنية تواصل جهودها لتقديم الخدمات لكافة أبناء الشعب اليمني دون تمييز رغمًا عن شحة الموارد ووفرة التحديات التي تخلقها الميليشيات الحوثية سواء باختلاقها للأزمات أو من خلال هجماتها الوحشية على المدن.
 
وتابع: "على سبيل المثال، تمثل محافظة مأرب المصدر الرئيس للغاز المنزلي في اليمن، وبالرغم من استمرار الهجوم الوحشي الذي تشنه الميليشيات الحوثية على مأرب والذي يفاقم بدوره من مستوى المعاناة الإنسانية، إلا أن ذلك لم ولن يثني الحكومة عن القيام بواجبها وضمان وصول الغاز إلى كل المنازل اليمنية بما في ذلك في العاصمة المختطفة صنعاء".
 
وأوضح وزير الخارجية، أن الميليشيات الحوثية تواصل اختلاق الأزمات واستغلال المعاناة الإنسانية كورقة لابتزاز المجتمع الدولي، ومثال على ذلك استخدامها لأكذوبة الحصار المفروض على ميناء الحديدة.
 
وقال إن "المواد الإغاثية والسلع التجارية تتدفق بسلاسة عبر ميناء الحديدة بالتحديد وباقي الموانئ اليمنية، وأن الإجراءات المتبعة من قبل الحكومة، أسوة ببقية الموانئ اليمنية، مقتصرة على واردات الوقود الذي تتخذها الميليشيات الحوثية سبيل لإثراء قادتها ولتمويل عملياتها العسكرية ضد أبناء الشعب اليمني".
 
وأضاف، أن أكبر العوامل التي تدفع اليمن اليوم نحو خطر المجاعة هو الانخفاض الهائل في القدرة الشرائية للمواطنين. حيث يعاني الاقتصاد اليمني من أزمة حادة، وانخفض الناتج المحلي الاجمالي بنسبة تفوق الـ 50% منذ العام 2015، وتراجعت قيمة الريال اليمني بنسبة كبيرة، وتجاوزت معدلات التضخم في أسعار السلع والخدمات الـ 50%.
 
وأشار إلى أن التباطؤ الاقتصادي العالمي المصاحب لجائحة كوفيد-19 تسبب في انخفاض حاد في التحويلات المالية من اليمنيين العاملين في الخارج، والتي كانت تمثل أحد أكبر مصادر العملات الأجنبية لليمن وشريان حياة لملايين الأسر.
 
واستدرك:" بالإضافة الى ذلك، يعتمد حوالي ربع السكان، بمن فيهم الكثير من الأطباء والمعلمين وموظفي القطاعات الخدمية الحيوية، على رواتبهم من وظائف القطاع العام، والتي تواصل الميليشيات الحوثية عرقلة الإجراءات المطروحة لمعالجة أوضاعهم وانتظام صرف الرواتب، من خلال استمرارها في سرقة إيرادات ميناء الحديدة، بما في ذلك أكثر من 60 مليار ريال يمني كان قد تم توريدها إلى حساب خاص في البنك المركزي في الحديدة بموجب الاتفاق الذي أشرف عليه المبعوث الخاص السابق للأمين العام للأمم المتحدة".
 
وطالب وزير الخارجية بتقديم المزيد من التمويل للعمليات الإنسانية في اليمن، بما في ذلك من خلال الإعلان السخي عن المزيد من التعهدات لخطة الاستجابة الإنسانية، وكذلك تقديم الدعم الثنائي مباشرة بالتنسيق مع الحكومة اليمنية.
 
 وشدد على ضرورة تقييم العمل الإنساني وأثر توزيع المساعدات، آخذين بعين الاعتبار التغير الديموغرافي الذي جرا خلال سنوات الحرب، حيث انخفضت نسبة أبناء الشعب اليمني القابع تحت سيطرة الحوثيين إلى أقل من 46%.
 
وقال إن "على المجتمع الدولي الاستمرار في دعم جهود السلام، وإدانة استمرار هجمات الميليشيات الحوثية على المدن والمنشئات المدنية ومخيمات النازحين، والضغط عليها لقبول الوقف الفوري لإطلاق النار على مستوى البلاد، لأن ذلك يمثل الخطوة الأولى لوقف تدهور الحالة الإنسانية التي يعيشها اليمنيون".
 
وحذر ابن مبارك من أن استمرار الهجوم الحوثي على مأرب التي تمثل ملجئً آمنًا لملايين النازحين قد يدفع أبناء الشعب اليمني الهارب من البطش الحوثي إلى اللجوء خارج الحدود اليمنية بحثًا عن الأمان.
 
ودعا إلى ممارسة أقصى مستويات الضغط على الميليشيات الحوثية لوقف تدخلها في عمل المنظمات الإنسانية، بما في ذلك التوقف عن سرقة المساعدات الإنسانية، والكف عن فرض الجبايات والضرائب على مستوردي المواد الغذائية، ووقف نهبها لإيرادات ميناء الحديدة لكي تتمكن الحكومة من دفع مرتبات موظفي القطاع العام.
 
كما دعا إلى إشراك الجانب الحكومي في عملية التخطيط وتحديد الاحتياجات وتقييم التدخلات، والتنسيق المباشر مع معها كشريك حقيقي لمعالجة الأزمة الإنسانية.
 
وشدد على أهمية مراجعة الاحصائيات الخاصة بالنازحين بالاعتماد والتنسيق مع الجهات الفاعلة على الأرض ممثلة بالوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين، لضمان عدم حرمان النازحين الفعليين من المساعدات، حيث يتواجد في مناطق الحكومة الشرعية أكثر من ٢.٨ مليون نازح يحتاجون إلى الاغاثة.
 
كما طالب وزير الخارجية بوضع آلية لمصارفة الأموال المقدمة من المانحين للعمل الاغاثي في اليمن عبر البنك المركزي اليمني، مما سيساعد على دعم قيمة العملة الوطنية والاستقرار الاقتصادي.
 
وأكد على ضرورة دمج الأولويات والاحتياجات الإنمائية في جميع التدخلات الإنسانية للمساعدة في تحقيق التعافي المبكر عبر التركيز على الانشطة الاقتصادية المجتمعية وتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، والتحول من الأعمال الإغاثية إلى دعم مجالات التنمية والقطاعات الإنتاجية والاقتصادية.
 
واختتم وزير الخارجية كلمته بالتأكيد على أن كافة الجهود الإغاثية التي تبذلها المنظمات الإنسانية لن تتمكن من إنهاء معاناة اليمنيين مالم تتوقف هذه الحرب، مجددا دعوة المجتمع الدولي لممارسة المزيد من الضغط على الميليشيات الحوثية وداعميها في طهران للتخلي عن خيار الحرب، والانخراط في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.
 
وفي الاجتماع طالب وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية "مارتن غريفيث" الدول المانحة بالإسراع في تقديم الدعم اللازم للعمليات الإنسانية "لإنقاذ ملايين اليمنيين من حافة المجاعة".
 
فيما، حذر مفوض الاتحاد الأوروبي لإدارة الأزمات "غانيز لينارتشيتش" من التداعيات الخطيرة للقتال الدائر حاليا حول مأرب (شمال شرق).
 
وأضاف أن "الوضع الإنساني الخطير في هذا البلد يتطلب أكثر من تقديم التمويل (..) هناك حاجة إلى حزمة متكاملة من موارد صنع السلام يحتاجها هذا البلد بشدة".
 
وأجمع المسؤولون الأمميون خلال كلماتهم المنفصلة على خشيتهم من أن تجبر وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية العاملة في اليمن على تقليص أو إيقاف أنشطة إنقاذ الأرواح.
 
وجددوا مطالباتهم بضرورة "اعتماد إجراءات عاجلة وحاسمة من جانب المجتمع الدولي، وفي مقدمتها وقف التمويل المادي والعسكري لأطراف الصراع وزيادة الدعم المالي للعمليات الإنسانية".
 
وفي مارس/ آذار الماضي، أعلنت الأمم المتحدة أن خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن للعام 2021، تتطلب 3.85 مليار دولار.
 
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر