"حرب التخريب".. وجه آخر لصراع الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي في شبوة

[ عتق - عاصمة محافظة شبوة ]

يشتد في محافظة شبوة وجه آخر للصراع، بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا، تقوده جماعات مسلحة تستهدف عملية الاستقرار والتنمية في المحافظة، الواقعة جنوب شرقي البلاد.

ورغم توقف المعارك في مناطق الجنوب، بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الذي أصبح شريكا في الحكومة بموجب اتفاق الرياض، فإن مراقبين يرون أن الحرب بين الطرفين تحولت من مضمار المواجهة العسكرية، إلى حرب تخريب في "أرض العدو" وفق المصطلح العسكري.

عوامل تخريب

وتشهد محافظة شبوة عمليات تخريب متكررة تستهدف خطوط أنابيب النفط وشبكة الكهرباء، بالإضافة لهجمات ضد دوريات ونقاط عسكرية ومواقع نفطية، وتتجه أصابع الاتهام نحو خلايا مسلحة تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي.

وخلال الأسابيع الماضية، أعلنت الأجهزة الأمنية في شبوة أنها تمكنت من خلال عملية بحث وتحر ومراقبة، من القبض على عناصر مسلحة متهمة بالقيام بأعمال تخريبية تستهدف المصالح العامة والخاصة في المحافظة.

وقال مدير البحث الجنائي في محافظة شبوة عبدالله العياشي، للجزيرة نت، إن التحقيقات مع تلك العناصر المسلحة كشفت انتماءهم لما تسمى قوات النخبة الشبوانية التابعة للمجلس الانتقالي، وارتباطهم المباشر بلقاءات مع المندوب الإماراتي في منشأة بلحاف للغاز الطبيعي المسال.

وأضاف أن أفراد الخلية اعترفوا بتنفيذ عمليات تفجير متكررة لأنبوب النفط وأنهم كانوا مكلفين باستهداف المحطة العامة للكهرباء في مدينة عتق وتنفيذ سلسلة اغتيالات لشخصيات سياسية وعسكرية بالمحافظة على رأسهم محافظ شبوة.

وبينما رفضت قيادات في المجلس الانتقالي حاولت الجزيرة نت التواصل معهم للرد على هذه الاتهامات، فقد أكد العقيد عبدالله العياشي أن المعتقلين رهن التحقيق وستتم إحالتهم للمحاكمة وأن الأجهزة الأمنية ما تزال تتعقب وتلاحق متهمين آخرين في المحافظة.

ويربط مراقبون بين أعمال التخريب ومعارك أغسطس/آب 2019، عندما واجهت سلطات شبوة تمردا من قبل قوات النخبة الشبوانية التابعة للمجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا، وتمكنت خلاله قوات الحكومة الشرعية من دحرهم بمساندة العشائر المسلحة في المحافظة.

ومنذ هزيمة المجلس الانتقالي، ظلت شبوة تحت سيطرة الحكومة بشكل شبه كامل، باستثناء قاعدتين ما زالتا تضمان القوات الإماراتية وعددا من قوات النخبة الشبوانية وهما معسكر العَلم شمال عتق، ومنشأة بلحاف للغاز الطبيعي المسال، أكبر مشروع استثماري في تاريخ اليمن.

الصراع الحقيقي

وتشكّل منشأة بلحاف ومعسكر العلم -الذي يحيط به عدد من القطاعات النفطية- مصدرين للتوترات المتكررة بين سلطات شبوة الموالية للحكومة الشرعية وبين دولة الإمارات، على خلفية اتهام الأخيرة بتعطيل عملية الإنتاج وتوقف صادرات الغاز والنفط.

وتشير الأرقام التي حصلت عليها الجزيرة نت حول عدد القطاعات النفطية في محافظة شبوة، إلى وجود 24 قطاعا نفطيا في المحافظة، يعمل منها قطاعان فقط في حين أن بقيتها متوقفة جراء الصراع الدائر بين الطرفين حول آبار النفط وسواحل المحافظة.

وقال مستشار محافظ شبوة محسن الحاج إن الصراع الحقيقي في شبوة ليس مع الانتقالي وإنما هو صراع بين الدولة بمؤسساتها القانونية والشرعية وبين دولة الإمارات "التي تسعي لتمزيق البلد ونسيجه الاجتماعي، وما الانتقالي إلا أداة تستخدمها للوصول إلى أهداف محددة".

وأضاف "نحن نعتبر أن الإمارات هي من تقود هذه الفوضى وهذا الصراع وهذه القلاقل الأمنية والهدف منها هو إيقاف عجلة التنمية في شبوة وعرقلة تصدير النفط حتى تبقى هذه المحافظة ضمن المحافظات التي تسيطر عليها الإمارات".

واعتبر أن ما يجري في شبوة جزء من مخطط كبير يستهدف كل مناطق الشرعية وعلى وجه الخصوص المناطق الساحلية على امتداد بحر العرب وإقليم عدن وباب المندب، كما يهدف إلى تمزيق البلد وتفتيته وخلق صراعات لتوزيع البلد بين جماعات مسلحة.

إضعاف الحكومة

وتتمتع محافظة شبوة بالنسبة لطرفي الصراع بأهمية عسكرية وسياسية واقتصادية كبرى، تماثل أهمية محافظة مأرب في الشمال، وتمثل -وفق محللين- العقبة امام المجلس الانتقالي في فرض سيطرته على المحافظات الجنوبية الشرقية، المهرة وحضرموت.

ويرى الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية، علي الذهب، أن ما يجري في شبوة -وفق المصطلح العسكري- هو التخريب في أرض العدو "والمجلس الانتقالي يعتبر مناطق الحكومة على أنها مناطق عدو، ولذلك يمعن في التخريب فيها بحيث تسقط وتسهل عملية السيطرة على المحافظات الأخرى".

وقال للجزيرة نت إن جزءا من أحداث الصراع الدائر يرجع في جانب كبير منه إلى كون الانتقالي فقد السيطرة على هذه المحافظة خلال أحداث أغسطس/آب الماضي، وفي الوقت نفسه فإن الجزء الآخر المكمل هو إضعاف الحكومة في مأرب والتي تواجه تحدي الحوثي.

وأضاف أن هناك ترابطا وثيقا بين شبوة ومأرب، كون إضعاف مأرب من قبل الحوثيين وشبوة من قبل الانتقالي، يجعل الحكومة تواجه تهديدين في وقت واحد، ومن ثم فإن سقوطهما في لحظة من اللحظات، يعني انهيار هذه السلطة الشرعية برمتها وتقاسم الجنوب والشمال بين المجلس الانتقالي والحوثيين.

المصدر: الجزيرة نت
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر