الأزمات الدولية تحذر: تصاعد القتال في الضالع يفاقم الويلات الاقتصادية ويعقد مستقبل السلام في اليمن (ترجمة خاصة)

حذر تقرير لمجموعة الأزمات الدولية من مغبة السماح للقتال في محافظة الضالع جنوب اليمن ومحيطها بالاستمرار..مشيرا إلى أن ذلك يمكنه أن يعمق بشكل كبير من المشاكل الاقتصادية في البلاد، ويزيد من تعقيد الجهود الرامية إلى إحياء عملية السلام في البلاد.
 
ويستعر القتال بين الحوثيين والقوات الحكومية في محافظة الضالع الجنوبية حيث قطعت المعارك طرق النقل الرئيسية الرابطة بين مدينة عدن الساحلية الجنوبية، والعاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون في الشمال، ومحافظة تعز الوسطى، التي تضم منشئات مهمة لتصنيع الأغذية وتعبئتها وتوزيعها. 
 
 وتقع الضالع على الخط الحدودي التاريخي الملتهب, بين شمال اليمن وجنوبه السابقين، وتمثل ساحة لمعركة طبيعية للنضالات المستقبلية بين الشمال والجنوب.
 
ومنذ أن تم طرد الحوثيين وحلفائهم شمالًا من عدن في يوليو 2015، أصبحت الضالع خط المواجهة في الحرب الأهلية الحالية مع تصاعد القتال بشكل دوري.
 
فقبل وبعد المحادثات التي قادتها الأمم المتحدة في السويد في ديسمبر 2018، اشتد القتال في الضالع مصحوبا بمزاعم الحكومة اليمنية والقوات المتحالفة مع دولة الإمارات العربية المتحدة  بإحراز تقدم ضد الحوثيين.
 
ويقول التقرير"في الوقت الراهن، يبدو أن الحوثيين يحققون مكاسب هناك, حيث ذكرت وسائل إعلام يمنية في 1 مايو أن قوات الحوثيين قد استولت على منطقتين على طول الطريق السريع الذي يربط الضالع بمحافظة إب إلى الغرب .

وبعد الاستيلاء على منطقتي الفاخر وشاخب، اقترب الحوثيون من قعطبة الواقعة بالقرب من مفترق طرق هام يربط بين الطريق السريع المتجه غربًا ويربط جنوب اليمن بالأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون شمالا. وإذا استولى الحوثيون على قعطبة، فإن القتال الذي سيعقب ذلك سيؤدي أيضًا إلى قطع الطريق السريع المتجه شمالًا, والذي يصل القوات المتصارعة بمنطقة دمت في شمال الضالع بإمداداتها القادمة من الجنوب، مما يضعف من وضع القوات الانفصالية, وايضا تصاعد القتال على جبهة دمت في الأسابيع الأخيرة."
 
ولحد الآن، لم يتسبب غلق الطرق السريعة بعد في ارتفاع أسعار المواد الغذائية في شمال البلاد، لكن المنظمات الإنسانية تشعر بالقلق من أن القتال المستمر قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار حيث أصبح مطار عدن هو الطريق الرئيسي من وإلى اليمن الذي يعتمد عليه اليمنيين، وخاصة أولئك الذين يسعون للعلاج الطبي في الخارج . ولذا فإن العنف المستمر على طول الطرق السريعة المؤدية إلى عدن من شأنه أن يعيق المسافرين القادمين من مناطق سيطرة الحوثيين.
 
ويرى مسؤولو الحكومة الشرعية اليمنية بأن المعارك الدائرة في الضالع ومحيطها تمثل جزءا ضمن مخطط حوثي لاستغلال هدنة الحديدة لتحقيق مكاسب على الأرض في مناطق أخرى, كما يعتقدون بأن الهجمات الحوثية تهدف إلى تطبيق كماشة للضغط على القوات المدعومة من الإمارات في الجنوب واستدراج القوات في خط المواجهة، المدعومة من دولة الإمارات بعيدا عن مسرح البحر الأحمر. 
 
في الواقع، أعيد نشر بعض القوات من الحديدة إلى الضالع للمساعدة في عكس تيار المعارك ضد الحوثيين. ويشك البعض في أن الحوثيين ربما يستعدون للتقدم جنوبًا مرة أخرى نحو عدن ، العاصمة المؤقتة للحكومة.
 
غير أن المسؤولين الحوثيين يصرون بأنهم يقاتلون ضد حملة استمرت لشهور من قبل التحالف الذي تقوده السعودية وحلفاؤه لزعزعة الاستقرار في الأراضي التي يسيطرون عليها ولاكتساب أراض جديدة، أيضًا تحت غطاء اتفاقي ستوكهولم التي تم التوصل إليها في السويد في ديسمبر 2018 .
 
ويرجح التقرير أن يحاول الحوثيون الاستيلاء على خطوط الإمداد الحيوية, وبالتالي منع خصومهم من فتح طرق جديدة في الأراضي التي يسيطرون عليها, مع توسيع المناطق العازلة بين مراكز السيطرة المختلفة.
 
 وأصبحت دمت في شمال الضالع تمثل الحدود الفعلية بين الجانبين المتحاربين على طول طريق عدن صنعاء السريع، في حين أن تستمد قعطبة اهميتها من الطرق المتجهة غربًا إلى مدينتي إب وتعز. وتعد المناطق العازلة مهمة لأن العديد من الجماعات القبلية والدينية في إب، والتي تقع على حدود الضالع من الشمال ، ظلت محايدة طوال الحرب.
 
 ولدى مسؤولو الحكومة اليمنية قناعة بأن تلك القبائل ستنضم إلى الصف المناهض للحوثيين في حال وجود خط إمداد يربطهم بالجنوب؛ وبالمثل يبدو الحوثيون قلقون للغاية من كون ذلك صحيحا.
 
وفي الوقت نفسه، لدى الانفصاليين الجنوبيين تفسيرهم الخاص للأحداث، حيث يشك أعضاء المجلس الجنوبي الانتقالي، في أن تجدد القتال هناك مرتبط مباشرة بمسألة انفصال الجنوب.

وذكرت وسائل الإعلام التابعة لها أن الوحدات العسكرية الحكومية تراجعت في وجه الهجوم الحوثي، وأن بعض القادة السابقين المتحالفين مع الحكومة انشقوا إلى الجانب الحوثي.  وبالتالي يقدمون الهجوم الحوثي كجزء من مؤامرة لزعزعة استقرار الجنوب، وتقويض قوات الانتقالي الجنوبي والقوات الجنوبية المدعومة من الإمارات، كما يزعمون بأن ذلك يمهد الطريق لهجوم مشترك بين الحوثيين والإصلاح على عدن، على الرغم من حقيقة أن الحوثيين والإصلاح المتحالف مع حكومة هادي) يقاتلان على طرفين متعارضين في الحرب الأهلية الحالية. 
 
ويشتبه الانتقالي الجنوبي في مصالحة حوثية-إصلاحية "شمالية" تهدف إلى إخضاع الجنوب واستباق محاولة انفصالية محتملة.
 
ويرى التقرير أن شكوك الانتقالي الجنوبي من وجود تحالف شمالي جديد ضد الجنوب "لا مبرر لها في أحسن الأحوال"، لكن الحوثيين يضغطون بلا شك لاستخدام أفضليتهم لسحب القوات من الحديدة.  وينحدر جزء كبير من لواء العمالقة، القوة العسكرية الرئيسية التي تقاتل الحوثيين على ساحل البحر الأحمر، من قبائل وأسر هي في الأصل من يافع، وهي المنطقة التي تمتد بين محافظات لحج الضالع  وأبين. 

وقام عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي, أحد أبناء الضالع، بزيارة الخطوط الأمامية هناك عدة مرات منذ أوائل أبريل، في حين تم تصوير أعضاء بارزين في لواء العمالقة وهم يتواجدون بالقرب من جبهة الضالع . 
 
كما تفيد تقارير بأن بعض القوات المتحالفة مع الانتقالي الجنوبي قد أعيد نشرها بالفعل في الضالع قادمة من ساحل البحر الأحمر .
 
وبصرف النظر عن سبب اندلاع القتال مرة أخرى في الضالع، قد تكون العواقب الإنسانية وخيمة إذا استمر القتال. حيث أدت المعركة في المحافظة إلى قطع الطريق السريع بين عدن وصنعاء, والطريق السريع المتجه غربًا إلى إب، والذي يربط بدوره عدن بالحوبان، وهي منطقة صناعية إلى الشمال الغربي من مدينة تعز.
 
ونتيجة لذلك، فإن حركة البضائع والأشخاص بين عدن وتعز وصنعاء متجمدة. ويقوم عدد كبير من التجار اليمنيين باستيراد البضائع، بما في ذلك المواد الغذائية، إلى عدن قبل نقلها شمالًا، وغالبًا إلى الحوبان، حيث تتم معالجة البضائع وتعبئتها للتوزيع في جميع أنحاء البلاد.
 
وعلى الرغم من أن أسعار المواد الغذائية لم تتأثر بشكل ملحوظ بعد, بالنزاع في الضالع، يحذر مجتمع الأعمال اليمني من "كارثة" محتملة إذا استمر تعطيل الطريق السريع في الأسابيع المقبلة.
 
ويخلص التقرير إلى أنه سواء للأفضل أم الأسوأ، يظل تنفيذ اتفاق استكهولم بمثابة الاختبار الأساسي الذي ستحكم فيه الأطراف المتحاربة على فرص العودة إلى محادثات السلام الوطنية، وبالتالي فالتركيز عليه يستحق ايلاء الأولوية. ربما لا يكون لدى المبعوث الخاص للأمم المتحدة، مارتن غريفيث، العصا السحرية للتدخل في كل مرة يتصاعد فيها القتال على طول الجبهات القتالية  في البلاد، خاصة بالنظر إلى تعقيد الديناميكيات المحلية في كل جبهة . 
 
ويستدرك بالقول "ومع ذلك، لا ينبغي تجاهل الضالع، بالنظر إلى العواقب الإنسانية المحتملة وارتباطها بالقضية الشائكة المتمثلة في الاستقلال / الحكم الذاتي للجنوب.
 
ويخلص التقرير ايضا إلى أنه يتعين على الأمم المتحدة إحراز انتصار في اليمن، ويتعين عليها على وجه الخصوص, إظهار شكل من أشكال التقدم في الحديدة حتى يتسنى بدأ محادثات السلام.  ومن المحتمل أن تستغرق المفاوضات الجارية حول المراحل المختلفة لعمليات إعادة الانتشار داخل الحديدة وحولها بعض الوقت .لذلك, يتعين على الأمم المتحدة متابعة ما عرضته على الحوثيين في العام السابق بخصوص إعادة الانتشار من الموانئ - على الاقل من رأس عيسى والصليف - كدلالة  على حسن النوايا.
 
ويختم التقرير بالقول بأن الولايات المتحدة لطالما كانت أبرز منتقد علني للحوثيين بين أعضاء مجلس الأمن الدولي منذ توقيع اتفاق استوكهولم في ديسمبر.

ومن المتوقع أن يدفع المجلس باتجاه توجيه اللوم للجماعة الحوثية خلال اجتماع قادم حول اليمن في نيويورك يوم 15 من مايو الحالي. ومع محاولة إدارة ترامب تكثيف الضغوط على إيران، سيواصل الكثيرون في الحكومة الأمريكية النظر إلى اليمن على أنها ساحة معركة لمواجهة الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

وفي أعقاب حق النقض الذي استخدمه الرئيس ترامب في الآونة الأخيرة، يبقى أن نرى مدى فعالية الكونغرس في صد سياسة الإدارة المتمثلة في الدعم المستمر للحملة التي تقودها السعودية في اليمن .

المصدر الرئيسي للتقرير: هنا
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر