الأسرى يفتحون ثغرة في جدار الأزمة اليمنية

[ ممثلان عن الحكومة والحوثيين بعد توقيع الاتفاق(كلاوديو بريشياني/فرانس برس) ]

حدث اليوم السادس من المفاوضات اليمنية في السويد خرقاً في جدار الأزمة، التي استعصت على الحل طيلة أكثر من 4 سنوات. وتحقق خرق أولي في اتفاق تبادل الأسرى والمعتقلين، إذ تبادل الطرفان الحكومي والحوثي قائمتين بأسماء نحو 15 ألف أسير ليشملهم الاتفاق الذي يمثل أحد أبرز عناوين المفاوضات منذ انطلاقها في السادس من ديسمبر/ كانون الأول الحالي.

ورغم أن ذلك يعدّ أوّل خرق حقيقي في إطار بناء الثقة، إلا أن الطرفين لم يتفقا بعد في المشاورات، المقرر أن تستمر حتى يوم 13 ديسمبر/ كانون الأول، على تسوية قضايا شائكة عدة أخرى، من بينها وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة وكذلك في عموم البلاد والذي استبعد وفد الحكومة حصوله، وكذلك إعادة فتح مطار صنعاء ودعم البنك المركزي. وأعلن وفدا المشاورات من الحكومة اليمنية وجماعة (الحوثيين)، أمس الثلاثاء، تبادل كشوفات بأسماء الأسرى والمعتقلين.

وأكدت مصادر قريبة من الوفد الحكومي لـ"العربي الجديد" أنّ الخطوة جاءت بعد تأجيلها ليومين بطلب من وفد الشرعية، الذي أضاف أسماءً جديدة في الكشوفات.

وفيما قالت قناة "المسيرة" الناطقة باسم الحوثيين، إن قائمتي الطرفين المتحاربين تضمّان حوالي 15 ألف اسم، ذكر وزير الخارجية اليمني، رئيس الوفد الحكومي خالد اليماني أنهم قدموا قائمة غير نهائية ضمت أكثر من 8 آلاف و500 اسم، قال إنهم من "فئات عمالية وناشطين سياسيين وشباب ومعلمين وطلاب وإعلاميين وأطفال وشخصيات قبلية ورجال أعمال وحقوقيين ونساء وأطباء، معتقلين تعسفياً ومخفيين قسراً في معتقلات وسجون الحوثي".

وأكد في تغريدة على حسابه على موقع "تويتر" أنّ "هذه القائمة مفتوحة بحسب الاتفاق لتشمل أي قوائم لاحقة".

كذلك، كشفت مصادر قريبة من الوفد أنّ القائمة تشمل معتقلين من قيادات ومسؤولين سابقين، على غرار وزير الدفاع السابق، محمود الصبيحي، والمسؤول في جهاز الاستخبارات (الأمن السياسي)، اللواء ناصر منصور هادي (الشقيق الأكبر للرئيس عبد ربه منصور هادي)، وصولاً إلى أقارب للرئيس الراحل علي عبد الله صالح، الذي لا يزال أقاربه يطالبون بجثته منذ مقتله قبل عام، بالإضافة إلى الأسرى في جبهات المواجهات، والمعتقلين من المعارضين المفترضين للحوثيين في مناطق سيطرة الجماعة.

بدوره، قال مصدر حكومي في بيان صحافي وزعه على وسائل الإعلام، بمقر المشاورات في استوكهولم، إن الحكومة "وثّقت 18 ألفاً و750 عملية اعتقال تعسفي من قبل الحوثيين منذ بدء الحرب (2015)، وقتل من المعتقلين تحت التعذيب 132 شخصاً (حتى اليوم)". وأشار إلى أن الوفد "طلب ضمانات واضحة بعدم تكرار الحوثيين للاعتقالات، كما طالب بحرية العمل الصحافي والسماح لوسائل الإعلام التي حظرت عقب الانقلاب بالنشاط مجدداً"، لافتاً إلى وجود "أعداد كبيرة من المعتقلين لم يوثقوا حالتهم في المنظمات بسبب الخوف من إعادة اعتقالهم".

إلى ذلك، قال رئيس لجنة الأسرى بوفد الحوثي، عبد القادر المرتضى، إنه سيتم إطلاق سراح الأسرى والمعتقلين في 20 يناير/ كانون الثاني المقبل، فيما اتفق الوفدان، برعاية وتيسير الأمم المتحدة، على تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة وتنفيذ عملية التبادل والإفراج من قبل الجانبين، بحضور اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي، التي توقّع مسؤول رئيس بعثتها في اليمن، يوهانس براور، أن يستغرق تبادل الأسرى أسابيع وربما يشمل ترحيل مواطني دولة ثالثة. وقال خلال إيجاز صحافي في جنيف "نعلم بأنه جرى تبادل القائمتين... سيستغرق الأمر بالتأكيد أسابيع عدة".

وقد جرى الاتفاق على أن يكون مطار صنعاء (الخاضع للحوثيين) ومطار سيئون (الواقع تحت سيطرة القوات الحكومية في حضرموت)، المكانين المحددين لعملية الإفراج والتبادل، للآلاف من المعتقلين. بالإضافة إلى ذلك، شكّل الطرفان لجنة لتبادل جثث القتلى ونقلها عبر الصليب الأحمر، خلال مدة لا تتجاوز شهراً واحداً، وفقاً لتصريحات صحافية لعضو الوفد المفاوض عن الحوثيين وحلفائهم، غالب مطلق.

ووفقاً لمضامين الاتفاق، فإنّ الخطوة الثالثة المرتقبة في ملف الأسرى والمعتقلين، تتمثل بالملاحظات التي سيقدمها كل طرف على الكشوفات التي تسلمها من الطرف الآخر، وهي الخطوة المقرّر أن تتم بعد أسبوعين من تبادل الأسماء، وتليها مرحلة التنفيذ، على أن تنتهي عملية التبادل في غضون شهر ونصف الشهر.


 
وعلى الرغم من أنّ الاتفاق الرئيسي بشأن تبادل الأسرى، جرى التوقيع عليه في وقتٍ سابقٍ لانطلاق مشاورات السويد، إلا أنّ قطع المزيد من الخطوات بتبادل الكشوفات، مثّل مؤشراً إيجابياً، وهو ما عبّر عنه نائب رئيس الوفد الحكومي، عبد الله العليمي، الذي قال في تصريحات صحافية، أمس، إنّ "التقدّم في ملف المعتقلين والأسرى مشجّع"، وإنّ "الفريق الحكومي ينظر إلى الموضوع من الزاوية الإنسانية الصرفة لإنهاء معاناة المحتجزين وأسرهم حتى وإن تجاهلنا مقايضة أسير الحرب بالمعتقل والمحتجز"، في إشارة إلى أنّ الجانب الحكومي سيفرج عن أسرى في مقابل معتقلين مدنيين من سجون الجماعة.

وبالتوازي مع تبادل كشوفات المعتقلين، تتواصل الاجتماعات والنقاشات حول مختلف المواضيع، وخصوصاً التهدئة في الحديدة التي كانت لا تزال المفاوضات بشأنها حتى مساء أمس تراوح مكانها، إذ اتفق الطرفان على دور للأمم المتحدة في الميناء، لكنهما مختلفان بشأن من يتعين أن يسيطر على المدينة نفسها.

كذلك، استبعد العضو في وفد الحكومة اليمنية، عسكر زعيل، التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في اليمن خلال الجولة الحالية من محادثات السويد. وقال لوكالة "فرانس برس" لدى سؤاله عن وقف إطلاق النار "هذه ورقة مطروحة ضمن الإطار العام ونحن ما جئنا أساساً إلا لنحدث تقدماً في هذا الجانب لوقف إطلاق نار شامل وكامل، ولكن أعتقد أننا لن نستطيع أن نحرز التقدم في هذه الجولة. هذه الجولة هي جولة محادثات للتهيئة لهذا".


وبالعودة إلى الحديدة، كشفت مصادر لوكالة "رويترز" أنّ الأمم المتحدة أعادت تقديم اقتراح بسحب القوات المسلحة لطرفي الحرب اليمنية من مدينة الحديدة وتشكيل كيان مؤقت لإدارة المدينة، ولا يزال الاقتراح قيد النقاش في محادثات السويد. وذكرت المصادر المطلعة على المحادثات أن الاقتراح يتضمن تشكيل "لجنة مشتركة أو كيان مستقل" لإدارة المدينة والميناء بعد انسحاب الطرفين، فضلاً عن إمكانية نشر مراقبين من الأمم المتحدة.

ويسعى المبعوث الأممي وفريقه إلى الوصول لضمانات تمنع تجدد المواجهات في الحديدة، قبل اختتام جولة المحادثات الحالية، على أن يستأنف الطرفان جولة جديدة، تقوم بالبناء على التقدّم الذي تحقّق في السويد، في غضون شهر إلى شهرين، وهو ما أكّده غريفيث الذي قال أمس إنه يجري الآن بحث موعد ومكان الجولة المقبلة من المشاورات مع الطرفين، مشيراً إلى أنّ الموعد سيكون في بداية العام المقبل.

وطالب وفد الحكومة اليمنية بضرورة انسحاب الحوثيين من مدينة الحديدة ومينائها، بالإضافة إلى ميناءي راس عيسى والصليف، بالمحافظة، غربي اليمن. وجاء ذلك في ردّه على الرؤية التي قدّمها غريفيث للحل في الحديدة، يوم الإثنين، والتي تتضمّن انسحاب كل الأطراف من المدينة، ووقف العمليات العسكرية. وفي السياق، قال عضو الوفد الحكومي، محمد العامري، لوكالة "الأناضول"، إنّ "الوفد تعاطى بشكل إيجابي مع رؤية غريفيث في تهدئة القتال، لكنه يؤكد على ضرورة انسحاب المليشيا من المدينة والموانئ، وتسليم خرائط الألغام، حتى تتمكن وزارتا الداخلية والنقل من الإشراف على الموانئ".

وأضاف العامري، وهو مستشار للرئيس عبدربه منصور هادي، أنّ "أي حل في اليمن يجب أن يكون ضمن قرار مجلس الأمن 2216، الذي يطالب الحوثيين بالانسحاب من كل المدن وتسليم السلاح"، مشدداً على أنّه "لا يمكن القبول بمقترحات تناقض هذا القرار". وتعهّد بأنّ "الحكومة ستعمل بشكل جاد مع فريق الأمم المتحدة، والمبعوث الدولي، بسرعة لرفع المعاناة عن المواطنين في الحديدة، وذلك بإنهاء وجود هذه المليشيات الانقلابية، وتسليم مؤسسات الدولة للسلطة الشرعية المعترف بها دولياً ومحلياً وإقليمياً"، مضيفاً "لا تمانع الحكومة الشرعية من دور رقابي للأمم المتحدة على الموانئ، بتنسيق مع الحكومة الشرعية، يستمر فترة من الزمن وفقاً لاتفاق".

وذكّر العامري بأنّ الوفد الحكومي يشدد على قيام السلطة المحلية في الحديدة (بعد انسحاب الحوثيين) بواجبها وفقاً للقانون بضبط الأمن، وإزالة جميع المظاهر المسلحة خارج إطار القانون، وإدارة المحافظة كما كان عليه الوضع قبل سبتمبر/ أيلول 2014. كما طالب بـ"ضرورة ضبط الإيرادات، سواء من الموانئ في محافظة الحديدة، أو بقية الإيرادات المالية في المحافظات، وتوريد ذلك للبنك المركزي عبر فرعه في الحديدة".

وفي وقت سابق، قال محمد عبد السلام، رئيس وفد الحوثيين في مشاورات السويد، في تصريحات صحافية، إنّ انسحاب مسلحي جماعته من مدينة الحديدة، مركز المحافظة التي تحمل الاسم ذاته، "غير وارد". وأشار عبد السلام إلى أنّه "من الممكن أن تشرف الأمم المتحدة على ميناء الحديدة الاستراتيجي، وما عدا ذلك، فإنّه يمثّل استسلاماً".

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر