نازحو الحديدة يعانون في عدن

[ نازحين بعدن ]

أجبرت المواجهات المسلحة في مناطق مختلفة من مدينة الحديدة آلاف اليمنيين المدنيين على النزوح وترك منازلهم، ليستقر كثيرون منهم في العاصمة السياسية المؤقتة عدن التي تقع تحت سيطرة الحكومة الشرعية منذ يوليو/ تموز 2015. وهؤلاء النازحون فوجئوا بواقع مُرّ في غياب المأوى والغذاء والدواء والكساء، من دون أن توفّر السلطات الحكومية والمنظمات المحلية والدولية الرعاية الكافية لهم.

عدنان محمد من هؤلاء النازحين الذين وجدوا أنفسهم يواجهون التشرّد والمرض لوحدهم من دون أن يلتفت أحد إليهم، بحسب ما يؤكد. ومحمد، المصاب بداء السكري وبارتفاع ضغط الدم، لم يجد حتى اليوم مَن يمدّه بأدويته. ويقول لـ"العربي الجديد"، إنّه يحاول الابتعاد قدر المستطاع عن كلّ ما من شأنه أن يفاقم حالته الصحية، ولا سيّما أنّه لا يملك ثمن دوائه، مشيراً إلى أنّه يفكر بالانتقال من عدن إلى صنعاء، لأنّ الجوّ فيها معتدل. يُذكر أنّ الحرّ الشديد مشترك بين عدن والحديدة، وأشعة الشمس الحارقة في عدن تسببت في بعض الإصابات الجلدية بين النازحين، لا سيّما الأطفال وكبار السنّ.

في السياق، يقول محمد مقبولي، لـ"العربي الجديد": "أجد نفسي عاجزاً أمام أولادي الصغار الذين لا يستطيعون تحمل الحرّ الشديد ولا الجوع ولا المرض مثلما نفعل نحن الكبار". يضيف: "لم أعثر على عمل، وما حصلنا عليه هو عبارة عن مساعدات بسيطة لا تصمد كثيراً". ويتابع أنّه "من الصعب الاستمرار بهذا الوضع. لا نريد منهم مساعدات، بل أن يوفّروا لنا فرص عمل تمكّننا من توفير لقمة العيش الكريمة لأولادنا حتى نعود إلى ديارنا".

 

وتُعَدّ النساء من أكثر الفئات المتضررة من جرّاء النزوح، وأم صالح واحدة منهنّ، تعيش اليوم في أحد المخيّمات. تقول لـ"العربي الجديد": "نزحنا بما علينا من ملابس وتركنا كلّ ما نملك في منازلنا. لهذا نحن في حاجة إلى ملابس وأدوات خاصة بالمرأة ومواد غذائية، لا سيّما بالنسبة إلى النساء المرضعات، بالإضافة إلى حليب الأطفال. لكنّ القائمين على المخيّم يقدّمون يومياً للنازحين وجبة من الخبز والعدس فقط". وتتابع أم صالح أنّ "الحرارة المرتفعة تسببت في إصابات جلدية، خصوصاً بين النساء والأطفال، ونحن لا نملك الصابون ولا الماء النظيف". وتشير إلى أنّ "الرجال قادرون على التخفيف من تأثير درجة الحرارة المرتفعة من خلال نزع بعض من ملابسهم، غير أنّ هذا الأمر مستحيل على النساء".
ويناشد النازحون المنظمات الدولية والمحلية مساعدتهم وتوفير احتياجاتهم، خصوصاً ما يتعلق بالتغذية والعلاج. فكثيرون يعانون من أمراض مزمنة وهم بحاجة إلى أدوية حتى لا تتدهور أحوالهم الصحية. أمّا الصحافي والناشط في المجال الإنساني أدهم فهد، فيؤكد أنّ "النازحين يعيشون وضعاً إنسانياً صعباً بعدما كانوا يعيشون حياة كريمة نسبياً في الحديدة قبل الحرب".

 

يضيف لـ"العربي الجديد"، أنّهم "لم يحصلوا على مساعدات إنسانية، عدا بعض المواد الغذائية التي زوّدتهم بها منظمات، والتي لا توازي حجم المأساة التي يعيشونها". ويشير إلى أنّ "أسراً كثيرة وجدت لها ملاجئ في الشوارع والمقابر وتحت الأشجار، في غياب أيّ تنظيم لاستقبال النازحين، سواء من الجهات الحكومية أو المنظمات والمؤسسات الإغاثية الإنسانية".

ويرى فهد ضرورة ألا تختصر المساعدات بالسلال الغذائية التي تُستهلَك سريعاً، "فالحكومة والمنظمات الإنسانية مطالبة بتجهيز مخيمات متكاملة لاستيعاب النازحين الذين يزداد عددهم باستمرار، خصوصاً أنّ لا شيء يشير إلى احتمال انتهاء العمليات العسكرية في الحديدة قريباً". ويؤكّد أنّ ما يقدّم للنازحين "يأتي في إطار الاستجابة الطارئة فقط ولن يساهم في استقرار أوضاعهم في مناطق النزوح"، محذراً من انتهاكات قد تطاول النازحين، من قبيل التحرّش الجنسي واستغلال أوضاعهم.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر