باحث أمريكي: هذا ما يجب على واشنطن القيام به لدعم التحالف لحسم معركة الحديدة سريعا (ترجمة خاصة)

[ صورة إرشيفية لميناء الحديدة ]

 
 
يقترح الباحث الأمريكي، مايكل نايتس، على بلاده عدم التدخل هذه المرة في حملة التحالف العربي لتحرير موانئ الحديدة من سيطرة مليشيات الحوثي المدعومة من إيران وينصحها بدعم هذا الخيار من خلال خطوات تسرع من حسم المعركة.
 
ومنذ عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما وحتى بعد مرور عام من إدارة ترمب لم يتغير موقف واشنطن بخصوص تحرير محافظة الحديدة إلا أن موافقة مبدئية حصلت العام الماضي غير أنها لم تتحول إلى موافقة نهائية وتوقف الأمر عند هذا الحد.
 
ويركز نايتس وهو زميل في برنامج الزمالة "ليفر" بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، الذي يتخذ من واشنطن مقر له، في تقريره الثاني التحليلي من سلسلة من ثلاثة أجزاء حول حملة البحر الأحمر على التحديات العملياتية التي سيواجهها التحالف العربي ومليشيات الحوثي حول الحديدة.
 
وقد ركز الجزء الأول – الذي ترجمه يمن شباب نت عن معهد واشنطن الذي يعمل فيه الباحث وينشر كتاباته- على المخاطر والفرص الاستراتيجية الكامنة في إنهاء وصول الحوثيين إلى البحر، ويمكن قراءته من هنا.
 
أما الجزء الثالث فسيناقش خيارات الحوثيين لتوسيع الحرب إذا تم تهديد قدرتهم على الوصول للبر المتمثل في موانئ الحديدة.
 
نص التقرير الثاني الذي ترجمه "يمن شباب نت":
 
تبدأ القوات اليمنية المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية حالياً بالتقدم  100 كلم من آخر الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون على البحر الأحمر - الحديدة والصليف - كما أن القوات اليمنية أضحت في وضع يسمح لها بالضغط على تلك المناطق من مسافة  140 كم إلى الشمال.
 
وتنطوي الشكوك الرئيسية  بالنسبة لصانعي السياسات والوكالات الإنسانية في الولايات المتحدة ،على إمكانية تنفيذ هجوم يمني جديد للوصول إلى الحديدة والصليف ومن ثم تحقيق السيطرة على تلك الموانئ الحيوية المستوردة للغذاء بصورة تبقيها سليمة وغير متضررة .
 
الجغرافية العسكرية لساحل البحر الأحمر

وتضم منطقة تهامة في اليمن شريطاً يتراوح عرضه بين 50 و 70 كم ويمتد على طول ساحل البحر الأحمر من مضيق باب المندب إلى الحدود السعودية. وتقع الحديدة وهي الميناء الرئيس لليمن في البحر الأحمر ، في منتصف الطريق على الساحل.
 
ويقع كل من الصليف ،وهو  الميناء الرئيسي الآخر على البحر الأحمر و محطة رأس عيسى لتصدير النفط القريبة في شبه الجزيرة حيث  يبعد كليهما مسافة  60 كم عن شمال الحديدة.
 
وعلى النقيض من المرتفعات الوعرة في وسط اليمن ، فإن أرض تهامة مسطحة بشكل كبير ومغطاة بالصحراء الرملية المقطعة بواسطة "الأحزمة الخضراء" الغربية الشرقية وأنواع  من الاشجار المنخفضة الكثيفة  وبساتين النخيل والمزارع الواقعة على امتداد الأودية الواقعة أسفل  المرتفعات الوسطى. وتشكل العديد من البلدات والمزارع الصغيرة مناظر الطبيعية. كما يمر طريقان رئيسيان من الشمال إلى الجنوب على طول سهل تهامة - واحد على الساحل وواحد مواز للساحل الممتد بطول 50 كم. ويمثل المدخلان الرئيسيان اللذان يسيطر عليهما الحوثيون اليوم تحديات عملياتية مختلفة للغاية أمام القوات المحرِرة: 
 
الحديدة هي مدينة متوسطة الحجم تبلغ مساحتها 5 × 6 كيلومترات ويبلغ عدد سكانها أكثر من سبعمائة ألف نسمة. ويقع ميناء الحديدة في الحافة الشمالية خارج المنطقة الحضرية الرئيسية. كما  تبلغ مساحة المدينة القديمة المكتظة بالسكان 1.5 كيلومتر ونصف.
 
أما باتجاه المنطقة الجنوبية الشرقية من المدينة مباشرة  فتوجد هناك  "منطقة خضراء" كما يشار اليها باللغة العسكرية اليمنية ، مزروعة  بنباتات كثيفة حيث تبلغ مساحتها 50 كيلومتر مربع - وهي لغة عسكرية يمنية - ولكن يمكن تجاوز هذه المنطقة إلى الغرب والشرق على امتداد الطرق السريعة ومن خلال الصحراء المفتوحة.  وليس هنالك أرض مرتفعة مباشرة شرق المدينة حيث من المحتمل أن يتراجع الحوثيون.
 في الواقع ، تقع أقرب الجبال  على بعد 110 كيلومترات إلى الشرق. أما من حيث التضاريس البشرية فيسكن الحديدة في الأساس سكان المناطق الحضرية والشمالية من الطائفة الشافعية ، وليس قبائل الطائفة الزيدية الجبلية التي تشكل الكوادر القتالية الموثوقة لدى الحوثيين.
 
 الحوثيون هم محتلين غرباء ومن المحتمل أن يكون عددهم أقل من 5000 ، في حين أن القوات اليمينة التي يبلغ قوامها 22 ألف شخص ،المحتشدة في تخوم  الحديدة تملك صلات قوية بالمنطقة بما في ذلك أعداد كبيرة من مقاتلي تهامة الساحليين الذين لهم روابط اسرية بالمدينة.
 
ويقع ميناء الصليف في شبه جزيرة رملية ذات كثافة سكانية منخفضة تمتد إلى البحر الأحمر على بعد 60 كم شمال مدينة الحديدة كما يحتوي الميناء على رصيفين للمياه العميقة ومحطة كبيرة لتحميل الحبوب. ويقع مرفأ راس عيسى لنقل النفط وهو المحطة الساحلية لخط أنابيب النفط في مأرب ، في الطرف الجنوبي من شبه الجزيرة.
 
وقد قام الحوثيون بزرع شبكات حقول ألغام وحفر شبكات خنادق واسعة في شبه الجزيرة ، لكن المنطقة مفتوحة ولا توفر أي غطاء من الهجوم الجوي، ومن المرجح أن يتخلى الحوثيون عنها إذا واجهتهم قوات زاحفة هددت  بفصل شبه الجزيرة.
 
قدرات الحوثيين الدفاعية
 
يعتمد الحوثيون على كادر صغير من المقاتلين القادمين من محافظاتهم الأساسية في صعدة وعمران شمال اليمن. وتعتبر هذه القوات متفانية للغاية وتتعزز  شجاعتها شبه المتعصبة، بالمعتقد الديني والولاء العشائري  وباستخدام المنشطات الأمفيتامينية مثل كبتاجون (فينثيلين).
.
في جبهة البحر الأحمر، تقدر المخابرات اليمنية عدد هذه الكوادر بأقل من ألف شخص.
 
ولرفد جبهة تهامة فقد فرض الحوثيون الخدمة العسكرية على قرابة ربعة آلاف من ابناء القبائل والجنود الأطفال من تهامة ومحافظات وسط اليمن، وكثيراً ما واجه  مشائخ القبائل تهديدات بالعنف.
 
إن معنويات هذه القوات البشرية  ليست مرتفعة وكثيراً ما يتخلى هؤلاء المقاتلون عن الحوثيين عند عدم خضوعهم للإشراف المباشر.
 
وكان الحوثيون قد تكيفوا مع التواجد المتواصل للطائرات العسكرية التابعة للتحالف من خلال القتال باستخدام أسلوب  شديد التشتت ويعتمد قلة  الكثافة، فالخلايا المكونة من عشرة إلى اثني عشر مقاتلاً تحتل في كثير من الأحيان واجهة تمتد  عشرات الكيلومترات ، وفرق مكونة من مقاتلين اثنين إلى ثلاثة  تتولى مسؤولية الحفاظ على تلة أو مزرعة اضافة للمنطقة المحيطة بها. كما يمكن لعدد صغير من المقاتلين الحوثيين تغطية واجهة كبيرة عن طريق التسلل للوصول الى  الخط الأمامي من دون حمل السلاح ، والقتال من مخابئ مجهزة سلفا، واحتلال أجزاء من نظام التحصينات الدفاعية المجهز سابقاً ،ومن ثم التخلي عنه.
 
ترتبط قدرات الحوثيين الدفاعية للحوثيين ارتباطًا وثيقًا بالتضاريس، مثل المناطق الجبلية (التي اعتادوا عليها من صعدة معقلهم الرئيس التي انطلقوا منها وبدأوا أول تمرد مسلح ضد الدولة من عام 2004 وحتى 2010).
 
وفي سهل تهامة المسطح، استخدم الحوثيون غطاء الشجيرات الكثيفة للأحزمة الخضراء لبناء نظام شامل من مواقع القتال الدفاعية بما في ذلك شبكات الخنادق والمخابئ الصغيرة تحت الأرض والأسلحة المعدة مسبقاً ومخابئ الذخيرة. وكثيراً ما يستخدمون مناطق من الغطاء النباتي الكثيف لإخفاء مواقع الهاون أو مدافع الهاوزر وحتى خزان T-55 في بعض الأحيان.
 
وكما هو الحال في الخطوط الأمامية الأخرى ،فقد  قام الحوثيون بتغطية ممرات الطرق الوعرة على طول الوديان والطرق الترابية  بحقول الألغام المضايقة كما زرعوا أطراف الطرق المعبدة بالعبوات البدائية الصنع بما في ذلك القذائف المخترقة الانفجارية وأجهزة من نوع claymore مموهة برغوة مطلية لتشبه الصخور. .
 
لقد كان سجل الحوثي في ??الدفاع عن المناطق الحضرية الكبيرة مختلطا وأظهر ذلك  تعثر تلك الدفاعات بشكل عام - على الرغم من أنهم قد يحاولون بشكل أكثر جدية أن يدافعوا عن "بقرتهم  الحلوب  " الحديدة.
 
في عام 2015 ، خاض الحوثيون معارك شوارع  استمرت أربعة أشهر في عدن (عدد السكان 1.7 مليون) ضد المقاومة الشعبية المشكلة حديثًا حينها، والتي كانت مدعومة بأعداد صغيرة جدًا من القوات الخاصة الإماراتية. ومع ذلك ، انهاروا في أقل من أسبوع لحصول المقاومة على مركبات محصنة ضد الألغام (MRAP) من التحالف.
 
أما في مركز محافظة تعز (عدد سكانها 900000 نسمة)  فلم يدافع الحوثيون عن المدينة بحد ذاتها ، بل عن الجبال التي كانت تحلق فوقها.
 
وفي معارك السيطرة على مدن صغيرة على جبهة تهامة مثل المخا والخوخة وحيس، كان أداء  الحوثيين مماثلاً وكانوا يقاتلون بقوة لعدة أسابيع في مواقع دفاعية متعددة خارج المناطق الحضرية ثم انهاروا وتراجعوا عدة كيلومترات حيث كانوا يعودون فقط لمضايقة المدن التي تم الاستيلاء عليها حديثًا وذلك بإطلاق الصواريخ عليها .
 
 وبلا شك فعندما تتم مواجهة الحوثيين  بهجمات سريعة من عدة اتجاهات تهدد طرقهم اللوجستية الخلفية ،كثيرا ما تتخلى قوات الحوثي عن مواقعها وتختفي لتعيد التجمع في مناطق من ذات تضاريس وعرة.
 
الآمال بأن يحقق الهجوم الانتصار
 
وستتطلب عملية إعادة السيطرة على الحديدة احراز تقدم لمسافة  100 كيلومتر من قبل  القوات اليمنية انطلاقاً من مواقعها الحالية في حيس والخوخة. وسوف يحتاج الهجوم إلى التوغل داخل عدد من "المناطق الخضراء" التي قد تقوم خلايا صغيرة من الحوثيين بهجمات مضايقة مستمرة على خطوط الاتصال اليمنية. وهذا لن يشكل  عقبات مستحيلة  أمام القوات اليمنية المسلحة بدبابات قتالية رئيسية مدرعة من طراز لوكليرك مدعومة بنظم جوية كبيرة وطائرات بدون طيار  ومدفعية.
 
إن الوصول إلى الحديدة ليس هو العقبة الرئيسية حيث قد لا يكون الاستيلاء على الميناء بتلك الصعوبة التي يتوقعها الكثير من المراقبين  بالنظر لانعزالها الطفيف عن  المدينة وتخطيطها المفتوح إلى حد ما.
 
ومع ذلك ، سيكون من الصعب إقناع الشاحنين التجاريين بالتوقف عند ميناء يتلقى مضايقات انتقامية متفرقة من الصواريخ وقذائف الهاون. حيث ان  التشجيع على مثل هذه التحرك يتطلب إزالة محيط أوسع حول الميناء بما في ذلك المنطقة الحضرية. لكن إخلاء منطقة الحديدة في الحضر قد يؤدي إلى معركة طويلة تستمر لمدة تصل إلى أربعة أسابيع إذا دافع الحوثيون بقوة.
 
 وعلى الأرجح أنه على الرغم من أخذ عدن كمثال ، فإن الحوثيين قد ينسحبون  بسبب أعدادهم الصغيرة مقابل السكان المحليين غير الودودين تجاههم  ومن المرجح أن تتم عملية التطهير في المناطق الحضرية بشكل رئيسي من قبل مقاومة تهامة المحلية البالغ عددها 22 ألف عنصر بالإضافة إلى القوات السلفية في عدن المدربة.
 
الانعكاسات على سياسة الولايات المتحدة
 
تشير دلائل قوية إلى أن القوات اليمنية يمكن أن تتقدم بنجاح في الحديدة والصليف ، وبناءً على حالات سابقة ، فإن لديها فرصة جيدة في الاستيلاء على موانئها بشكل سليم وتشغيلها فورًا بعد المعركة حيث تضعف المقاومة الحوثية في سهل تهامة يوما بعد يوم ، والمقاتلون الحوثيون غريبون على المنطقة وأهلها. وعندما يتم تحريرها  ستتمكن الموانئ من تلقي المزيد من الطعام بنسبة اكبر من الوقت الحالي   وينبغي أن تحمل  الوكالات الدولية المسؤولية الكاملة على الحوثيين المدعومين من إيران الذين فرضوا ضرائب أو عرقلوا  ايصال الغذاء  والوقود إلى شمال اليمن.
 
 وستكون الوكالات الإنسانية قادرة على العمل في الحديدة دون خوف من ترهيب الحوثي أو أضرار جانبية مرتبطة بالحملة الجوية للتحالف. كما ستكون سواحل البحر الأحمر ومضيق باب المندب خالية من خطر الألغام البحرية الحوثية والصواريخ المضادة للطائرات وقوارب الطائرات بدون طيار وغيرها من الهجمات. هذه كلها نتائج يجب على الولايات المتحدة دعمها.
 
يجب أن يكون المبدأ التوجيهي الأساسي للحكومة الأمريكية هو "عدم الإضرار" - أو بمعنى آخر ، الابتعاد عن طريق تحرير اليمن من الحديدة والصليف وساحل البحر الأحمر بأكمله. وينبغي على واشنطن العمل مع عواصم أخرى ومنظمات دولية لتحذير الحوثيين علانية ضد أي تكتيكات للأرض المحروقة في الموانئ قد تبطئ تنميتها كمواقع لاستيراد الأغذية.
 
 وإذا أمكن ،فإنه ينبغي على الولايات المتحدة أن تقدم  معلومات مفيدة إلى الحكومة اليمنية والتحالف الخليجي  مما قد يقلل من التدمير ومدة حملة تهامة  التي يمكن - في أسوأ الحالات - أن تجعل "الحديدة" و "الصليف" غير نشطين لأشهر كما يمكنها ان تفاقم  المجاعة شمال اليمن .
 
وتقوم الولايات المتحدة بالفعل بمثل هذه المراقبة وذلك نتيجة لوعيها وفهمها للوضع  ، وقد تكون اللحظة مناسبة لتشغيل خلية موحدة  على وجه التحديد لضمان إرسال تحذيرات في الوقت المناسب من تكتيكات الأرض المحروقة أو غيرها من التهديدات إلى القوات اليمنية التي تتحرك لتحرير موانئ البحر الاحمر.
 
*العنوان الأصلي للمادة أعلاه هو "حملة الحديدة (الجزء الثاني ) : هل بإمكان اليمن استعادة السيطرة على الموانئ الرئيسية من ايدي الحوثيين ؟"

ويمكن قراءتها باللغة الانجليزية من مصدرها من
هنا.
 
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر