الإندنبندنت البريطانية: ترحيل السعودية للعمال اليمنيين يغذي صفوف الحوثيين (ترجمة خاصة)

[ مسلحون حوثيون يجلسون على جانب طريق في صنعاء (رويترز) ]

"مرحباً بالعمال العائدين من السعودية، لا تزالون تملكون وظيفة وهي الدفاع عن الأمة في قواعدنا العسكرية" هكذا إذن أعلن محمد علي الحوثي، رئيس حكومة الامر الواقع الحوثية، وذلك في مقال نشر مؤخراً في صحيفة الثورة في صنعاء.
 
من المحتمل أن يبدو ذلك ممكناً، لكن اليمن كونه دولة تقترب من الفشل منذ اندلاع الحرب الاهلية قبل ثلاث سنين، يواجه حالياً أزمة جديدة.
 
لأنه وكنتيجة للإصلاحات في قوانين العمل السعودية والمصممة لأجل مواجهة مستويات البطالة المرتفعة في البلاد، فإنه يجري ترحيل مئات الاف العمال المهاجرين بصفة غير قانونية، من المملكة منذ نوفمبر من العام الماضي، وتعتبر الإصلاحات الاقتصادية السعودية ضرورية للغاية غير أنها قد تحمل اثاراً خطيرة غير متوقعة.
ومع كونهم مجبرين على العودة لبلد يقع في قبضة أزمة انسانية وبدون أيما بواعث أمل اقتصادية، فإنه يُخشى من أن الاف العمال اليمنيين المرحلين ربما يحملون السلاح ويلتحقون بالحوثي أو القاعدة اللذان يريان في تدفق الشباب العاطلين عن العمل فرصة حقيقية للتجنيد.
 
وفي وقت سابق كان ولي العهد محمد بن سلمان، الذي يتزعم الاصلاحات المتعلقة برؤية عام 2030 والمصممة للرقي بالسعودية لتصبح دولة عصرية حديثة وكذلك من أجل إنهاء اعتمادها على النفط، قد وصف وظائف العمال الأجانب باعتبارها "احتياطات" يمكنه منحها لذوي الجنسية السعودية "في أي وقت أشاء" على حد تعبيره.
 
ووفقاً لإحصاءات من وزارة الداخلية السعودية، فإن 65 % ممن تم ترحيلهم مؤخراً هم من اليمنيين -مما يعني أن إجمالي 100 ألف تم ترحيلهم بالفعل إضافة الى 130 ألفاً في انتظار مصير مماثل.
 
من غير الممكن الحصول على أرقام دقيقة، غير أن التقديرات التي قدمتها مصادر متعددة لهذه المسألة كانت في العادة تقول بأن حوالي 10 % من بين 100الف من العائدين حتى الأن قد يكونوا انضموا للقوة المقاتلة.
 
ويعتقد أن مليون يمني يعيشون حالياً في السعودية وتعتبر التحويلات المالية التي يرسلها العمال في الخارج بمثابة شريان الحياة لعائلاتهم.
 
فيما أصبح ثلاثة أرباع ال 22 مليوناً من العدد الكبير للسكان معتمدين على الإغاثة لمساعدتهم على البقاء منذ أن بدأ الصراع كما يعيش حالياً ثمانية ملايين شخص على حافة المجاعة وذلك في أسوأ كارثة إنسانية في العالم.
 
ويقول فارع المسلمي وهو زميل يمني غير مقيم في لندن تشاتام هاوس (المعهد الملكي للشؤون الدولية)، بأن انهيار واستنزاف النقد "ربما يدمر اليمن، وسيكون الوضع أسوأ من الحرب".
 
وفي بلد وصل فيه اجمالي الانتاج المحلي رقماً أقل من 515 جنيه استرليني في عام 2016 ويتناقص فقط منذ ذلك الحين، كما أن مستقبل انتظام الرواتب قد قاد الالاف من الرجال ذوي الرغبة الضئيلة أوالفهم لأسباب العنف، للالتحاق بالأطراف المقاتلة.
 
وتقول فايزة السليماني التي غادرت اليمن الى السعودية في عام 2015 وتعمل عن بعد على مشاريع إغاثية "إن تصريح محمد علي الحوثي هو أمر مرعب حقاً"، وأضافت "لم تدفع الرواتب في اليمن طوال عامين وهذا بالفعل ما تسبب في أزمة يشعر الناس فيها بأنه ليس لديهم خيار سوى القتال للحصول على لقمة العيش".
 
وقالت "شخصياً أعرف خمسة أشخاص كانوا طلاباً في دول اخرى وتم ترحيلهم ثم التحقوا بالحوثيين ومليشيات اخرى كالمجلس الانتقالي الجنوبي. إنه لأمر محبط جداً".
 
ويحصل مقاتلو الحوثي على 100 دولار شهرياً لقاء الدفاع عن الخطوط الأمامية في مواجهة تحالفٍ من الجنود اليمنيين والقوات القبلية المحلية الموالية لحكومة الرئيس الذي يعيش في الخارج عبدربه منصور هادي والقوات السعودية والاماراتية. وتقدم فروع القاعدة وداعش اليمنية مكافآت مشابهة.
 
وكانت صحيفة الاندبندنت قد التقت في العام الماضي بأسير حرب حوثي جريح يبلغ من العمر 20 عاماً في محافظة مأرب الموالية للحكومة، والذي قال بأنه كان يعتقد بأنه عندما التحق بالحوثيين، سيقاتل الامريكيين والاسرائيليين.
 
وقال "لقد قالوا بأنني سأدافع عن اليمنيين ولن أقاتلهم. كما قالوا بأن الامريكيين قادمون وبأنهم سيقومون بتغيير الأمور" حيث تغيرت ملامح وجهه نتيجة الآم يده وقدمه المضمدتين.
 
وقال رجل أعمال يمني بارز يقيم في السعودية بأنه خلال العامين الماضيين اضطر الى التخلي عن 40 ألفاً من عمال الإنشاء اليمنيين وذلك بسبب الازمة الاقتصادية التي تواجه المملكة والتغييرات في نظام الإقامة مما يصعب من الابقاء على العمال الاجانب.
 
حيث أن قراره بطرد مواطني بلاده سبب له القلق مع علمه بأن مستقبلهم سيكون مظلماً وذلك لأنه نتيجة الصراع يتوجب على اليمنيين كما يزعم بأن يكونوا قادرين على الحصول على حق اللجوء باعتبارهم لاجئين، بيد أن السعودية ليست عضواً موقعاً على اتفاقية الامم المتحدة المعنية باللاجئين في عام 1951.
 
ومؤخراً في مقابلة مع صحيفة الاندبندنت البريطانية وفي مدينة جدة على ساحل البحر الاحمر، فقد قال بأن المحادثات مع الموظفين الراحلين لم تسهم في تحسن الأمور.
وأضاف "العمال المهاجرون يشعرون كثيراً بالريبة تجاه السعوديين، إنهم يعيشون ضمن نظام الكفالة المعطل وتتم معاملتهم كما لو أنهم ينتمون للطبقة (الاجتماعية) الثانية. أيضاً يعتقد الناس الغير متعلمين كثيراً، بأن السعوديين يقفون سراً في صف امريكا واسرائيل وادارة ترامب لا تخدم تلك الصورة ابداً. وبعد العيش هنا لفترة، يبدؤون بالاعتقاد بأن الحوثيين لديهم ربما بعض الصواب في ذلك".
 
خطوة ترحيل العمال الذين لا يملكون اوراقاً صالحة ورفع تكلفة إقامات السكن لأولئك الباقين، هو أمر قد حصل في السابق حيث أنه في عام 2013 جرت حملة مماثلة بحق العمال الاجانب والتي أدت لخروج 655 ألف يمني إلى اليمن.
 
ويُعتقد بشكل واسع بأن القرار يفاقم من مشاكل الاقتصاد اليمني الهش أساساً، كما يؤثر كثيراً في المساعي الفاشلة لحوار وطني لأجل استقرار البلاد بعد استقالة على عبد الله صالح خلال الربيع العربي.
ويتفق معظم المحللين في أن حملة تطهير سعودية سابقة لمليون عامل يمني في عام 1990، والتي كانت بدوافع تتعلق بدعم الحكومة اليمنية لغزو صدام حسين للكويت، تسببت أيضاً باضطرابات اقتصادية والتي بدورها كانت عاملاً مساهماً في الحرب الأهلية اليمنية الماضية في عام 1994.
 
وقد أدينت الرياض مراراً من قبل منظمات انسانية جراء دورها في الصراع اليمني الجاري.
 
ويتم اتهام التحالف العسكري الذي تقوده السعودية والمكون من دول عربية ويقدم الدعم لحكومة هادي التي تواجه الحوثيين المدعومين من إيران والذين يسيطرون على العاصمة، بالفشل في أخذ الاحتياطات اللازمة لتجنب الخسائر التي لا داعي لها في حياة المدنيين خلال حملات القصف.
 
وقد كان معظم الدمار ناتجاً عن الاسلحة التي يتم بيعها للسعودية من حلفاءها مثل المملكة المتحدة وامريكا - وهي الخطوة التي قلق حيالها مسؤولون في ادارة اوباما كون ذلك قد يرقى لدرجة التواطئ مع جرائم حرب.
 
حتى الآن تقول الارقام الرسمية للأمم المتحدة أن الخسائر الناجمة عن الصراع بلغت 10 الألاف قتيل، غير أنه من المعروف على نطاق واسع بأن سوء التغذية وأسوأ انتشار للكوليرا في العالم الناجمين عن حصار السعودية لموانئ الحوثيين ومجالهم الجوي، هي أمور ربما أودت بحياة الكثيرين ايضاً.
 
مهندس "فيتنام السعودية" ولي العهد ووزير الدفاع محمد بن سلمان البالغ من العمر 32 عاماً، هو حالياً على رأس جدول أعمال دولي مع توقفات في القاهرة ولندن وباريس وواشنطن.
 
وقد حظي بترحيب واسع من قبل الحكومة البريطانية حيث وفي يوم الجمعة وكان اخر يوم من ايام ثلاثة لزيارة الامير، بدا أن المملكة وقعت اتفاقاً مبدئيا ً يقضي بشراء 48 طائرة مقاتلة من طراز تايفون الجديدة من انظمةBAE للمملكة المتحدة بمقابل 8،4 مليار جنيه استرليني.
 
وتقول شيرين الطرابلسي ماكارثي، وهي باحثة لدى معهد التنمية في الخارج "من جهة يتواجدون هنا لإبرام صفقات عسكرية إضافة الى الاعلان عن جهود انسانية تنموية، ومن جهة اخرى يسببون الموت لليمنين من خلال تلك الإجراءات الجديدة التي تأتي في وقت حساس وحاسم لسكان اليمن".
وأضافت "طرد اليمنيين خارجاً يظهر كيف ان وعود المساعدة والاصلاح هي مجرد تصرف لتلميع الصورة حتى يتسنى لهم الاستمرار على الارض بشكل طبيعي".
 
هذا وقد تم التواصل مع سفارات السعودية في بيروت ولندن اضافة ًالى مركز الرياض للتواصل الدولي، لأجل التعليق على الموضوع، لكنهم لم يستجيبوا لذلك.


*لقراءة التقرير من موقع صحيفة الإندنبندنت البريطانية إضغط هنا

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر