القوات المحلية غير النظامية أدوات النفوذ الإماراتي للسيطرة على جغرافيا اليمن (تقرير)

[ قوات اماراتية في عدن ]

يتصاعد نفوذ دولة الإمارات العربية المتحدة جغرافيا كل يوم في اليمن عبر القوات غير النظامية التابعة له وعبر سياسات أبوظبي المتناقضة مع توجهات الحكومة الشرعية في اليمن، في حين يخوض الطرفان معركة واحدة ضد الميليشيا الإنقلابية الحوثية التي تتحرك في إطار توسيع دائرة النفوذ الإيراني.

وقال مصدر سياسي لـ«القدس العربي» إن «القوات الإماراتية في اليمن لم تعد تخدم الأهداف اليمنية المعلنة من تدخل التحالف العربي في اليمن، بل أصبحت تخدم مصالح أبوظبي وتوسيع دائرة نفوذها في اليمن، عبر أجندة خاصة بها، تتعارض حتى من أهداف التحالف العربي في اليمن».

وأوضح أن الهدف الواضح والمكشوف للقوات الإماراتية في اليمن أصبح «يتمحور حول الاستيلاء والسيطرة على المناطق الساحلية التي تقع فيها الموانئ الاستراتيجية والتي تخدم مصالح أبوظبي الاقتصادية على المدى الطويل».

وأشار إلى أن القوات الإماراتية تلعب بشكل واضح لتحقيق هذا الهدف، متخذة من معركة تحرير اليمن من الحوثيين «ذريعة لتبرير وجودها العسكري في اليمن ضمن قوات التحالف العربي، والتي حرفت مسار هدف وجوده لتحقيق اجندة إماراتية على حساب مصالح الحكومية الشرعية اليمنية».

ووفقا للعديد من المراقبين تماهت السلطة الحكومية إلى حد كبير مع النفوذ الإماراتي بحيث أصبح نفوذ السلطة الحكومية يتلاشى تدريجيا في اليمن، ليس بفعل التقدم الحوثي وتحقيقه العديد من المكاسب، ولكن لأن القوات الإماراتية أصبحت هي المسيّر للأمور وصاحبة القرار الأول على الأرض، حيث تقف دائما على النقيض من السياسات والتوجهات الحكومية، بل وتصل حد مواجهتها عسكريا كما حصل في الاسابيع الأخيرة من اقتتال بين القوات الحكومية وقوات الحزام الأمني المدعومة والتابعة للقوات الإماراتية في عدن.

ولم يقف الحد عند ذلك، بل ذهب العديد من المصادر إلى القول بأن كافة عمليات القتل والاغتيال للشخصيات السياسية والأمنية والعسكرية والدينية في محافظة عدن والتي تجاوز عددها 400 حادثة منذ صيف 2015 وحتى اليوم، ارتبطت أغلبها بشخصيات قيادية تابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة.

وتم تسريب العديد من الخطط وأسماء الشخصيات المتورطة في التخطيط وارتكاب حوادث هذه الاغتيالات والتي كشفت ان جميع المتورطين فيها هم من المدعومين من دولة الإمارات والذين يحظون بتسهيلات كبيرة منها ويترددون عليها كثيرا. ولم يسمح النفوذ الإماراتي في عدن بأن تطال هؤلاء المتورطين أي مساءلة قانونية من قبل السلطة حكومية، وسجلت كافة حوادث الاغتيال والقتل في عدن ضد مجهول.

النفوذ الإماراتي في اليمن حاول اللعب على (خلط الأوراق) وعلى (خط إضعاف النفوذ الحكومي)، لبقاءه قويا في الساحة اليمنية، المتحكم بكل شيء في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، وهو ما اعتبره الكثير من السياسيين (احتلالا جديدا)، مكتمل الاركان، خاصة وأنه يقدم الدعم المادي والعسكري بقوة وبشكل واضح للمجلس الإنتقالي الجنوبي الذي يطالب بانفصال الجنوب والذي يعمل بشكل واضح عسكريا لإسقاط السلطة الشرعية في المحافظات الجنوبية اليمنية.

وانعكس هذا النفوذ الإماراتي جغرافيا بشكل مستمر على خارطة المناطق التي تقع تحت سيطرة الحكومة الشرعية، حيث تخرج كل يوم من سلطة الحكومة اليمنية لتقع تحت سيطرة القوات الموالية والتابعة للقوات الإماراتية، والتي أصبحت صاحبة النفوذ الأكبر في أغلب المناطق الواقعة تحت السيطرة الحكومية.

وبالإضافة إلى محافظتي عدن ولحج اللتان أصبحتا أشبه بـ(مستعمرة إماراتية)، لكثرة النفوذ الإماراتي فيها عبر قوات الحزام الأمني غير النظامية، والتي يطلق عليها البعض مصطلح (الميليشيا الإماراتية)، أصبحت محافظات حضرموت وشبوه أيضا ضمن مناطق النفوذ الإماراتي في اليمن، عبر القوات الإماراتية التي تسيطر على تلك المحافظات، والتي أطلق عليها هناك (قوات النخبة الحضرمية) في محافظة حضرموت و(قوات النخبة الشبوانية) في محافظة شبوه، وكليهما تقع على شريط ساحلي كبير على خليج عدن بالإضافة إلى كونهما من أهم المحافظات النفطية في اليمن.

ولم تسلم من النفوذ الإماراتي حتى الجزر اليمنية البعيدة عن الخطر الحوثي، حيث سيطرت القوات الإماراتية على جزيرة سقطرى، كبرى الجزر اليمنية، في المحيط لهندي، قبالة خليج عدن، والتي أصبحت مستعمرة إماراتية تتحكم فيها أبوظبي بكل شيء، بعدما خرجت عن السيطرة الحكومية اليمنية، وقد استغلتها أبوظبي لبناء منشآت إماراتية فيها لا يعرف طبيعتها ويعتقد البعض أنها تندرج ضمن مخطط إنشاء قاعدة عسكرية إماراتية.

وبعد سيطرتها على معظم المحافظات الجنوبية تسعى دولة الإمارات حاليا إلى السيطرة الكاملة على الشريط الساحلي لمحافظة تعز، فعلى الرغم أن المعركة الحقيقية مع الميليشيا الإنقلابية الحوثية تدور منذ 2015 في محيط مدينة تعز، والتي ضربت حولها الميليشيا الحوثية حصارا قاتلا منذ ذلك، لم تقم القوات الإماراتية بدعم القوات الحكومية وقوات المقاومة الشعبية، لدعم المقاتلين الحوثيين منها، بل حرّكت قوات موالية لدولة الإمارات من عدن عبر الشريط الساحلي حتى وصلت إلى ميناء ومدينة المخا التابعة لمحافظة تعز، وحررتها بمفردها ورفضت إشراك القوات الحكومية من مدينة تعز في تلك المعارك حتى لا يكون للنفوذ الحكومي نصيب من المكاسب في تلك المناطق المحررة من الحوثيين.

وتواصل القوات الموالية للإمارات حاليا تحركاتها العسكرية على الساحل الغربي باتجاه محافظة الحديدة لاستكمال السيطرة على الشريط الغربي الذي يحظى بالعديد من الموانئ البحرية المهمة، وقد ذكرت المصادر أنها حررت خلال الأسابيع و الشهور الماضية مدينتي الخوخة وحيس الساحليتين التابعتين لمحافظة الحديدة.

ويعتقد الإماراتيون، على ما يبدو، أن الموانئ اليمنية تشكل (خطرا تجاريا) على الموانئ الإماراتية على المدى البعيد فيما لو استقر اليمن وانتعشت هذه الموانئ، لقرب الموانئ اليمنية من خط الملاحة البحري الدولي، وهو ما يعتقده بعض السياسيين بأنه السبب الرئيس في دخول القوات الإماراتية بقوة الي اليمن، وقيامها بالعبث باستقرار اليمن لتسهيل بسط نفوذها على نطاق واسع من المناطق الساحلية اليمنية، لتحقيقها لهذا الهدف الاستراتيجي للإمارات.

 
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر