الإندبندنت البريطانية: "حرب اليمن المنسية"

[ مسن أنهكه الجوع في بلدة التحيتا بمحافظة الحديدة (الجزيرة نت) ]

كانت الطفلة جابرة جابر علي شملة تغط في نومها عندما بدأت طلقات الرصاص تتطاير. وجاءت أمها، التي اعتادت على إيقاظ أطفالها للهروب من القرية كلما بدأ هجوم حوثي عليها، لتوقظها من نومها.

لكن جابرة، كما يقول تقرير لصحيفة إندبندنت البريطانية، لم تستجب لصرخات أمها. وفي الظلام الدامس، علمت الأم أن مخدة طفلتها مبتلة بالدم. ولا تزال جابرة تتنفس، رغم أن طلقة رصاص قد استقرت بجمجمتها بعد أن اخترقت الحائط الطيني لمنزل الأسرة.

وانطلقت الأسرة من قرية منتبة لتصل، بعد خمس ساعات بالسيارة، إلى أقرب مستشفى، وهو مستشفى محافظة مأرب الرئيسي. ومع ذلك رفض القائمون على إدارة المستشفى إدخال جابرة إلى إحدى وحدات العناية المكثفة الاثنين إلا بعد أن يدفع ذووها ما يعادل 7.8 دولارات. ولم يكن لدى ذويها أي أموال.

وعندما أتى طبيب محلي بالمال المطلوب، كان الوقت قد تأخر، وتوفيت جابرة في وقت لاحق من اليوم. وقال أخوها إنهم كانوا يعلمون أنها ستموت "لكننا أردنا أن تكون وفاتها مريحة".

شح بالمراسلين الأجانب!

وقالت إندبندنت إنها حصلت على قصة جابرة مباشرة من موقع حدوثها، وهو أمر نادر في الحرب اليمنية المنسية التي استغرقت ثلاث سنوات، حيث لا يوجد في اليمن إلا بضعة مراسلين صحفيين أجانب.

وذكرت أن العوامل التي أدت إلى مقتل جابرة تبرز الوضع الذي يجد اليمن نفسه فيه حاليا وهو أن يكون ضحية لمصالح إيران والسعودية المتصارعتين.

وفي مأرب التي تُعتبر أفضل من غيرها من المحافظات اليمنية، كان مستشفى مأرب العام هو الأفضل، ومع ذلك نجده لا يقوى على تحمل ضغط أعداد المرضى والمصابين.

ويشهد سطح المستشفى المليء بالثقوب جراء رشقه بالرصاص، وحائطه المثقوب بصاروخ حوثي، على أن طرفي الحرب ظلا يستهدفان المرافق المدنية.

الأطراف الصناعية

وأورد التقرير أن الألغام الأرضية تقتل وتصيب أعدادا كثيرة من المدنيين إلى درجة أن ثلاث غرف بالمستشفى تحولت إلى ورش لا تهدأ لصناعة الأطراف الصناعية، مضيفا أن 16 شخصا يدخلون المستشفى كل أسبوع خلال الأشهر القليلة الماضية بسبب بتر أطرافهم.

وكان كثير من أسّرة المستشفى الـ120 يشغلها جنود جُرحوا على جبهة القتال. وقال مدير المستشفى محمد القباطي إن معظم الخدمات التي يقدم المستشفى تُقدم مجانا، وأكد أن بعض موارد المستشفى وبعض الأدوية أصبحت غير متوفرة.

يُذكر أن من شردتهم الحرب اليمنية من ديارهم، على عكس السوريين، لم يهربوا إلى الخارج بالآلاف، رغم الحصار الجوي والبري والبحري الذي تفرضه السعودية على اليمن، كما أن الصحفيين لم يأتوا إلى اليمن أيضا. وظلت هذه الحرب غير مرئية للعالم الخارجي.

مزيد من التدهور

وتقول الباحثة بمعهد التنمية لما وراء البحار "أوفرسيس ديفلوبمينت إنستتيوت" البريطاني المستقل شيرين الطرابلسي ماكارثي إن الوضع الإنساني باليمن أسوأ كثيرا في الوقت الراهن، ومن المتوقع أن يسوء أكثر، وأن ينضم المزيد من الشباب اليائسين إلى التنظيمات "الإرهابية" بمختلف مشاربها، كما يُتوقع مزيد من الخراب والتدمير للبنية التحتية.

هذا في المناطق التي تسيطر عليها قوات الشرعية الموالية للسعودية والتحالف العربي، أما خلف خطوط الحوثيين وقوات الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، فإن الوضع أسوأ كما يقول بعض المهتمين.

وتورد الصحيفة أن الطرقات والجسور وفي بعض الأحيان المباني المدنية مثل المنازل والمستشفيات بمناطق الحوثيين وعلي صالح تعرضت للدمار بمستويات كبيرة نتيجة لغارات التحالف العربي.

السلاح الغربي

وأشارت إلى أن معظم التدمير كان بسبب أسلحة أميركية أو بريطانية، موضحة أن السعودية اشترت من بريطانيا، منذ بدء حملة عاصفة الحزم، قنابل وصواريخ بما يساوي ستة مليارات دولار.

وأضافت إندبندنت أن الحصار على اليمن حاليا أوقف واردات الطعام والأدوية وترك قرابة 19 مليون شخص بحاجة ماسة للمعونة الإنسانية و7.3 ملايين شخص على حافة المجاعة، كما أن وباء الكوليرا أصبح حاليا الأسوأ في تاريخ العالم، مع توقع وصول جملة المصابين حتى نهاية العام الجاري مليون شخص.

 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر