وكالة أمريكية: مقتل حليف مهم للرئيس المدعوم من أمريكا في هجوم المارينز على اليمن   

[ لقطة مصورة من فيديو نشرته شبكة NBC نيوز الأمريكية يحاكي العملية الأمريكية في قرية يكلا-محافظة البيضاء في 29 يناير. ]


 أودى الهجوم الذي نفذته قوات من البحرية الأمريكية الشهر الماضي في اليمن واستهدفت فيه تنظيم القاعدة، إلى مقتل شخصية مهمة، وهو أحد الزعماء القبليين المتحالفين مع رئيس البلاد الذي تدعمه السعودية والولايات المتحدة، وكان قد تم تجنيده لمحاربة المتمردين الشيعة في اليمن، طبقا لمسؤولين عسكريين وشخصيات قبلية ومقربين.

وتثير العلاقات التي تربط الحكومة اليمنية مع الزعيم القبلي الشيخ عبد الرؤوف الذهب، المزيد من التساؤلات حول التخطيط لهذه الغارة التي تحولت إلى قتال عنيف نجم عنه إصابات في كلي الجانبين.

وقد قتل في العملية أحد جنود البحرية الاميركية، فيما أصيب ستة جنود أمريكيين وتعرضت طائرة عسكرية لأضرار بالغة اثناء هبوطها، وكان لا بد من تدميرها في الهجوم، الذي حدث بعد أيام من تنصيب الرئيس دونالد ترامب.

ويقول ناجون وشهود عيان ان 25 شخصا على الأقل قتلوا في الهجوم، بينهم 10 أطفال وتسع نساء، الأمر الذي رفع من وتيرة الغضب في اليمن ودفع الحكومة لأن تطلب من واشنطن إعادة النظر في اعتداء يوم الـ 29 من يناير على قرية يكلا الصغيرة.

وتبين الغارة، الضبابية في تمييز تنظيم القاعدة في اليمن، حيث أقامت الجماعة الإرهابية علاقات بدرجات متفاوتة مع العديد من القبائل في البلاد - وغالبا ما يستغل الغضب المتنامي من تعرض المدنيين للقتل في الغارات الجوية الأمريكية لكسب مجندين.

وبرز تنظيم القاعدة أيضا كحليف اضطراري لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي والمساندين له في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ضد المتمردين الشيعة في الحرب الأهلية الطاحنة التي أوقعت الخراب، وتسببت في الجوع على نطاق واسع وقتل أكثر من 10000 شخص منذ أواخر عام 2014. وكانت النتيجة تغاضيا مع المتشددين بعد عدة سنوات من تضييق الحكومة الخناق عليهم.

وفي يكلا، كان هناك بعض الحضور للقاعدة. وكان ستة على الأقل من الذين قتلوا في الغارة من مقاتلي القاعدة، طبقا للقائمة التي قدمها زعيم الجماعة، على الرغم من أن بعض الشهود قالوا ان مقاتلي القاعدة وصلوا الى المكان بعد نشوب المعركة. كما أن امرأة سعودية متشددة تتبع تنظيم القاعدة، فرت من بلادها عام 2013، كانت مخفية في منزل أحد رجال القبائل الذين كان أبنه أيضا عضوا في القاعدة، وفقا لزعماء قبليين ومسؤولين.

ولكن كل المشاركين بدى وكأنهم بمستوى منخفض من الفاعلية. ومن بين القتلى أيضا، كان هناك شيخ مسن حضر في محاولة لتأمين الافراج عن أحد رفقاء القبيلة كان مختطفا لدى الشبكة الإرهابية.

وقال مسؤول كبير بوزارة الدفاع الامريكية إن الهجوم لم يكن يستهدف شخص معين وإنما كان موجها نحو التقاط معلومات استخبارية وقد نجح في تحقيق الهدف. وتحدث المسؤول شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة العملية.

وقالت القيادة المركزية الامريكية ان 14 من متشددي القاعدة لقوا حتفهم في العملية. وقالت إن بينهم الذهب وشقيقه سلطان، واصفة اياهم بـ"كبار مخططي العمليات وخبراء الأسلحة."

لكن اليمنيين في القرية يعتبرون الغارة بمثابة فشل استخباراتي. وقال عزيز مبخوت أحد زعماء القرية: "اذا كنت تريد مطاردة تنظيم القاعدة، يمكنك العثور عليهم في الجبال المحيطة وليس في هذه القرية الصغيرة". وأضاف "كانت معلومات الأميركيين غير صحيحة".

وعلى مدى طويل تم ربط أجزاء من عشيرة الذهب بتنظيم القاعدة. ولكن في احتفال جماهيري بث على شاشة التلفزيون اليمني في عام 2013، أعلن عبد الرؤوف، وسلطان وشقيق آخر اتفاقا مع محافظ محافظة البيضاء لطرد القاعدة خارج المنطقة بالقوة.

وقبل الغارة مباشرة، كان عبد الرؤوف في محافظة مأرب المجاورة، يجتمع مع رئيس هيئة أركان الجيش في حكومة هادي. وقد تم تأكيد هذا الاجتماع من قبل فهد القاسي أحد كبار مساعدي الذهب، الذي رافقه، كما تم تأكيد الاجتماع أيضا من قبل اثنين من المسؤولين العسكريين الذين شهدا أو ساعدا في ترتيب الاجتماع. وتحدث المسؤولان شريطة عدم الكشف عن هويتهما لمناقشة الاجتماع.

وعلى مدى خمسة أيام من المحادثات مع الجيش، تم منح الذهب - الذي يقود قوة مكونة من نحو 800 مقاتل من القبائل - حوالي 15 مليون ريال يمني (60000 $) للدفع برجاله في المعركة ضد المتمردين، بحسب ما قاله القاسي والمسئولين الأثنين. وفي المساء، قبل الغارة عاد إلى بلدته يكلا، ووزع القاسي الأموال على المقاتلين.

وكان اللواء محسن خصروف رئيس وحدة التوجيه المعنوي في الجيش، قال لتلفزيون العربية إن الذهب كان يعمل مع حكومة هادي لاستعادة السيطرة على المدينة القريبة من رداع من المتمردين.

وعشيرة الذهب تعتبر قوة كبيرة في محافظة البيضاء، وتتكون في الأصل من 18 أخ وأخ غير شقيق. ومنذ وقت طويل انقسمت الأسرة في صراع مرير على الزعامة، في حين أنظم جزء منها إلى القاعدة. وما لا يقل عن ثلاثة من الإخوة كانوا شخصيات بارزة في تنظيم القاعدة، واثنين منهم قتلوا في غارات بطائرات بدون طيار أمريكية، والثالث، طارق، قتل في نزاع عائلي. وما أعطى مزيدا من النفوذ لتنظيم القاعدة في الأسرة، أن واحدة من الأخوات كانت متزوجة من أنور العولقي، وهو أمريكي من أصل يمني، وكان بمثابة المرشد الروحي الأكبر للتنظيم، حتى قتل في 2011 بغارة لطائرة بدون طيار.

لكن عبد الرؤوف، الذي أصبح زعيم القبيلة عام 2012 بعد وفاة طارق، كان قد نفى مرارا انتمائه لتنظيم القاعدة. ووفقا لأحد أقربائه وأحد الشخصيات البارزة من قبيلة أخرى في المنطقة، فقد كان عبدالرؤوف غير موثوقا به من جهة تنظيم القاعدة لأنه لم يباع زعيمها في حين كانت له ارتباطات مع الحكومة. وتحدث المصدرين إلى وكالة اسوشييتد برس رافضين الكشف عن اسميهما خوفا من تعرضهما لمشاكل مع الجماعة الإرهابية.

ولم يرد المتحدث باسم حكومة هادي، راجح بادي، على طلب وكالة اسوشييتد برس للتعليق. كما لم تتلقى الوكالة أيضا أي رد على رسائل البريد الإلكتروني التي أرسلتها إلى مكتب نائب الرئيس أيضا.

ولم يرد مسؤولون امريكيون بشكل فوري على تساؤل حول ما إذا كان المخططون للعملية على علم بوجود علاقة للذهب مع حكومة هادي.

ومنذ بدأ فرع تنظيم القاعدة في اليمن عام 2007، عمل على تعزيز التحالفات مع القبائل في البلاد، مستخدما المال، والروابط العائلية والتخويف. وأنظمت إليه بعض القبائل، وبعضها استخدمته ضد منافسيها، وبعضها تعاونت معه، وبعضها تجنبته. فيما انقسمت بعض القبائل إزاءه.

وما زاد من تعقيد الأمور أكثر، أن متشددي القاعدة دخلوا في قتال مع المتمردين الشيعة منذ 2015 بشكل غير رسمي إلى جانب القوات الموالية الهادي. وغالبا ما كانوا يعملون بشكل وثيق مع الميليشيات الاسلامية المحافظة التي يقوم بتمويلها حلفاء هادي في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وقد مكنهم ذلك من العودة إلى المناطق التي طردوا منها في وقت سابق، بما في ذلك محافظة البيضاء.

وتحدثت وكالة اسوشييتد برس مع ثمانية شهود وناجين من الهجوم، بالإضافة إلى عديد من الشخصيات القبلية المحلية البارزة.

ووفقا لرواياتهم، بدأ الهجوم حوالي الساعة 01:30 فجرا، عندما هبطت القوات الخاصة الامريكية على قرية يكلا، في منطقة غير مأهولة بالسكان من محافظة البيضاء. وفتح المقاتلون في القرية النار، واندلعت المعركة، التي شهدت قصفا جويا وإطلاق النار من المروحيات الهجومية. واستمر القتال لعدة ساعات ودمرت ثلاثة منازل على الأقل.

"لم يبقى شيئا على قيد الحياة، حتى البقر والغنم تم قتلها رميا بالرصاص". كما يقول الشيخ أحمد السلامي الذي عاش بالقرب من الذهب وكان من بين القرويين الذين حملوا أسلحتهم الشخصية وخرجوا للرد على المهاجمين.

وظهر أن الهجوم تركز على ستة منازل تعود لعائلة الذهب وعبد الله مبخوت العامري، زعيم عائلة محلية بارزة أخرى. ووفقا لعدد من القرويين، كان محمد، وهو أحد أبناء العامري، وعضوا في تنظيم القاعدة، متواجدا في المنزل وقت الهجوم. وفي أحد ملحقات المنزل أيضا كانت تسكن الجهادية السعودية الهاربة، أروى البغدادي، وشقيقها – وهو أحد مقاتلي القاعدة أيضا - وزوجته الحامل وأبنة أختهم. وقال زعماء قبليون ومسؤولين أن محمد بحسب ما يعتقدون كان يأويهم. وقد قتل الجميع في الهجوم عدى ابنة الأخت.

وكان قد حوصر في منزل الذهب وفدا مكونا من 15 رجلا من عائلة أخرى جاءوا بحثا عن وساطة الذهب لإطلاق سراح قريبا لهم مختطف لدى تنظيم القاعدة. ووفقا لعدد من الشهود خرج زعيم العائلة، الشيخ سيف الجوفي، وهو في الثمانينات من عمره، من المنزل ليتعرض لوابل من الرصاص ويسقط قتيلا على الفور.

وقال عبدالله الجوفي وهو عضو الوفد: "كان هناك إطلاق نار بشكل عشوائي على أي شيء يتحرك، وكان المكان كله مشتعلا". وأضاف "إذا كان لديك رأسا، فمن الأفضل أن تبقيه منخفضا، وهذا ما فعلناه".

وإلى جانب عبد الرؤوف وسلطان، قتل من عائلة الذهب ثلاثة أطفال بينهم ابنة أنور العولقي، البالغة من العمر 8 سنوات. وكان عبدالرحمن، الأبن الأكبر للعولقي، البالغ من العمر 16 عاما، قد قتل عام 2011 بضربة لطائرة بدون طيار.

وعانت عائلة العامري من سقوط معظم القتلى: خمس نساء وستة أطفال، وعبد الله وابنه محمد ورجل آخر، وفقا لصالح محسن العامري، الذي كان واحدا من رجال القبائل الذين تلقوا المال في الليلة السابقة لقتال المتمردين.

ويقول صالح العامري، أن أبنته فاطمة اندفعت خارج المنزل مع أحد أطفالها الستة، محاولة الهروب من القتال والنجاة، فتعرضت للقتل بوابل من الرصاص.

ويضيف: "وبعد ساعات، نجحنا بسحب جسدها ووجدنا الطفل فاقدا للوعي ومغمورا بدماء والدته، لكنه على قيد الحياة".

 

- المصدر: شبكة NBC نيوز الأمريكية 

- ترجمة خاصة: يمن شباب نت

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر