مناطق سيطرة الحوثيين.. فوضى أمنية أهملها الإعلام 

[ مسلحين حوثيين يلاحقون مواطنين في الحديدة (أرشيفة) ]

لم تكن حادثة اغتيال القيادي الحوثي عبدالله إبراهيم الوزير وستة من مرافقيه، هي الحادثة الوحيدة التي شهدتها صنعاء، خلال هذا الأسبوع، لكنها الأشهر بين حوادث الإغتالات والإنفلات الأمني، الذي تشهده صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي والمخلوع صالح.


هذه الحادثة تلتها بساعات حادثة اغتيال، طالت مواطنين وسط سوق العرولي بصنعاء وتزامنت أيضا مع حوادث اغتيال ومحاولات اغتيال وسطو واختطاف في صنعاء والحديدة وإب والمحويت.


وباستعراض سريع للحوادث التي شهدتها مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين، خلال أربعة أيام من 14 - 17 يناير، فإن حوادث الإغتيال تسببت في مقتل 12 شخصا معظمهم بصنعاء وإصابة 3 بينهم طفل، في حين قتل أربعة آخرون بينهم مسؤول أمني في مواجهات مع مسلحين مجهولين بإب إضافة إلى حوادث أمنية أخرى تنوعت بين السطو المسلح والإختطاف وإطلاق النار ومحاولة الإغتيال.

 

غيض من فيض
وفي حين أن هذه الحوادث هي التي ظهرت إلى وسائل إعلام محلية تمكنت من الوصول إليها فإن، المحامي مشعل شكري (إسم مستعار)، اعتبر هذه الحوادث مجرد "غيض من فيض"، فبتأكيده فإن صنعاء تعيش انفلات أمنيا رغم تباهي مليشيا الحوثي والمخلوع بتحقيق الأمن للمناطق الخاضعة لسيطرتهم.


يقول شكري لـ"يمن شباب نت": "الحقيقة أن هناك غياب للإعلام عن الوصول لما يحصل من حوادث أمنية في صنعاء، وأنا هنا أسأل هل نشر الإعلام خبر تشييع مواطن تم اغتياله داخل  قاعة المحكمة في صنعاء الأسبوع الماضي، وهل نشر الإعلام حادثة قتل الشاب علي هادي أبو الرجال طعنا بالسكاكين من قبل عصابة مسلحة في منطقة دارس حاولت سرقة سيارته، وهل نشر الإعلام ما يمارسه حاملو السلاح في صنعاء من عمليات ابتزاز للمحاكم والقضاة؟.


ويضيف: "كل هذه الجرائم مرت ولم أرى عنها شيئ في وسائل الإعلام بينما تجد الإعلام يتسابق لنشر خبر عن نجاة جندي في أبين من محاولة اغتيال، ويهمل أخبار وحوادث أمنية تحدث بشكل يومي في صنعاء لا تجد لها أي وجود في الإعلام".

وبحسب شكري فإن غياب الفوضى الأمنية التي تشهدها صنعاء عن وسائل الإعلام جعل المتابعين خارج اليمن يشعرون أن الوضع مستقر في صنعاء ولا وجود للقلاقل الأمنية، وللأمانة فقد نجح الحوثي في إبعاد الإعلام عن مايحدث في المناطق الخاضعة لسيطرته".


لكن شكري يرى أن من الطبيعي جدا أن تكون هناك هشاشة أمنية في ظل انتشار السلاح وحمله وبيعه، وبتأكيده فإن السلاح في صنعاء أصبح حتى في متناول الأطفال وبات الكثير يتجول بالسلاح دون أن يعترض طريقه أحد.


تهميش رغم الغرابة

ورغم غرابة بعض الأحداث الأمنية في المناطق الخاضعة لمليشيا الحوثي والمخلوع صالح، كأن يقوم مجهولون بتفجير (محرسة قات) على رؤوس من بداخلها، وأن يتم اغتيال سبعة أشخاص دفعة واحدة وسط صنعاء، ويلوذ المسلحون بالفرار، إلا أن تلك الأحداث لم تلق اهتماما إعلاميا كافيا، وأغفلت معظم وسائل الإعلام الخارجية هذه الأحداث رغم اهتمامها بحوادث أقل أهمية من الحدثين المذكورين آنفا.  

وفي هذا السياق يفسر الكاتب الصحفي ياسين التميمي ما يجري من تهميش إعلامي للوضع الأمني الهش في مناطق الحوثيين، بأنه استمرار للمخطط الدولي لتمكين الميلشيا، وبتأكيده فإنه رغم الضربات الموجعة التي تعرض لها الإنقلابيون فإن هناك أطرافا دولية لم تيأس بعد من مساندة مشروع الحوثيين، الذي جاء لتفكيك الدولة اليمنية من الأساس، وإقامة نظام بصبغة طائفية وذي طبيعة تفكيكية ومثير للصراع في اليمن والإقليم".

لكن التميمي الذي تحدث لـ"يمن شباب نت" أكد أيضا أن هناك فشل في الخطاب الإعلامي للتحالف والحكومة وعدم تماسك في السياسات والأهداف وغياب للفعل السياسي والإعلامي الموحد والمتناسق والمتكامل في أوساط الشرعية والتحالف على الرغم من الإمكانيات الإعلامية الهائلة".

وفي المقابل يؤكد التميمي أن "هناك تحالف تشكل من قبل الحرب، من النشطاء والإعلاميين المساندين للانقلاب، ولهذا التحالف امتدادات خارجية ويشكل في مجمله ذراع ناعمة تعمل في عواصم الغرب، وتبث وجهة نظر واحدة عن الحرب في اليمن، وتحاول أن تصورها على أنها اعتداء من قبل تحالف يتكون من دول غنية ضد بلد فقير يدافع عنه الحوثيون الذين يحاربون تنظيم القاعدة".

 

تضخيم وإسناد للإنقلاب
وأشار التميمي في حديثه لـ"يمن شباب نت" إلى أن هناك "تضخيم لبعض الخروقات التي تشهدها المناطق المحررة، وبالقدر ذاته يتم التركيز على الأخطاء الهامشية للتحالف، في محاولة لإظهار فشل الدولة في استعادة دورها وعجزها عن إدارة المناطق المحررة، إلى جنب تضخيم أخطاء التحالف".

وليس ذلك فحسب بل إن وسائل إعلام غربية عريقة - وفق التميمي - سقطت في "اختبار المهنية في اليمن، عبر تقديمها إسناد مفضوح للانقلابيين وتحولت إلى منبر لتسويق الأكاذيب، بهدف إحراج السعودية والنيل من سمعتها ومعها السلطة الانتقالية".

وفي الوقت ذاته يتهم الكاتب ياسين التميمي وسائل إعلامية غربية ومنظمات دولية بعضها تابع للأمم المتحدة بتجاهل الأحداث والانتهاكات الفظيعة التي يرتكبها الانقلابيون في مناطق سيطرتهم بحق المدنيين، وحالة الانفلات الأمني التي تشهدها هذه المناطق. بل أن الأهم من ذلك كله - بحسب التميمي - هو تجاهل جرائم الحرب التي ترتكبها الميلشيا في عدد من المحافظات، إذ لا يهتمون بهذه الجرائم قدر اهتمامهم وتركيزهم على التدخل العسكري للتحالف وتبعاته.

وكانت صحيفة "الشرق الأوسط" مطلع الأسبوع عن ما وصفته بـ "آخر فضائح الفبركة الإعلامية والتزوير العابر للمحيطات الذي امتد من نيويورك إلى صنعاء". وبحسب الشرق الأوسط فإن الصحافة الأمريكية قامت بتزوير مقال باسم الكاتب الأميركي البارز توماس فريدمان، بغرض خدمة الانقلاب ضد الحكومة الشرعية عن طريق دس معلومات مضللة، وتغليفها بصدقية كاتب دولي من الوزن الثقيل".

وقالت الصحيفة إن المزورين عمدوا إلى "إدخال فقرات كاملة من مقال حقيقي لتوماس فريدمان، سبق أن نشرته «الشرق الأوسط» بهدف إعطاء صدقية على المقال وإيهام القارئ أن الوضع في صنعاء قد استتب للانقلابيين إلى درجة أن كاتبا أميركيا كبيرا في وزن توماس فريدمان يمكن أن يزور معاقل الانقلابيين في صنعاء دون الشعور بأي خطر على حياته.

 

أحداث بارزة همشها الإعلام

وبحسب رصد سريع لأبرز الحوادث الأمنية التي شهدتها صنعاء ومناطق خاضعة للمليشيا، فإن صنعاء لوحدها منذ بداية العام الحالي فقد شهدت صنعاء خلال يومين فقط حوادث اغتيال أسفرت عن مقتل تسعة بينهم قيادي حوثي هو عبدالله إبراهيم الوزير الذي يتولى التوجيه والإرشاد بجماعة الحوثي وستة من مرافقيه، ووقع هذا الحادث بشارع الزراعة وسط صنعاء الإثنين الماضي.


ويوم الثلاثاء 17 يناير أقدم مسلحون مجهولون على قتل مواطن يدعى محمد عبدالكريم الغولي وآخر بجانبه وسط سوق العرولي للقات بالعاصمة صنعاء، ولاذ المسلحون بالفرار، وبعده بساعات لقي ثلاث من مسلحي الحوثي في الحديدة مصرعهم وأصيب اثنان آخران بتعرضهما لإطلاق نار أعلنت المقاومة تبنيها له.

وفي يوم السبت الماضي هاجمت عصابة مسلحة مدير أمن مديرية ذي السفال بمحافظة إب المقدم مراد أبو راس ما أدى إلى مقتله في حين قتل ثلاثة من المهاجمين بعد دخوله في تبادل لإطلاق النار معهم.


وفي الثالث من يناير الحالي لقي ثلاثة معلمين بمحافظة المحويت مصرعهم، في انفجار غامض، استهدفهم أثناء تواجدهم في مزرعة للقات بقرية "اللكمة" التابعة لمديرية الطويلة، بمحافظة المحويت، حيث كان يتواجد المعلمون الثلاثة في مزرعة لأحدهم، وانفجرت بهم غرفة الحراسة ما أدى لوفاتهم على الفور.


كما شهدت صنعاء وعدد من المحافظات حوادث متفرقة من بينها اختطاف المسؤول المالي بصحيفة الوحدوي والإعتداء بإطلاق النار على منزل صحفية تدعى بغداد القادري إضافة إلى اختطاف طفلين في إب ومعلم في صنعاء وإصابة أحد قيادات الحوثي في كمين استهدفه وسط مدينة ذمار، وإصابة أحد قضاة محافظة إب ويدعى عبدالوهاب الفقيه بعد تعرضه لإطلاق نار نفذه مجهولون.

 

الوكالات العالمية تتعمد الإهمال 

ورغم هذا الكم من الحوادث التي وقعت خلال أسبوعين فقط في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي والمخلوع صالح، إلا أنها لم تلق أي اهتمام في الإعلام الخارجي وعلى رأسها وكالات الإعلام العالمية فرنس برس ورويترز وشينخوا وسبوتنك الروسية.


ومن بين 16 خبر نشرته وكالة فرانس برس الفرنسية منذ مطلع يناير لم تتطرق الوكالة إلى أي من الحوادث التي شهدتها المناطق الخاضعة لسيطرة المليشيا، في حين نشرت خبرين عن مقتل مدنيين بغارات لطائرات التحالف ومقتل جنود يمنيين في مواجهات مع القاعدة بأبين، ومقتل أربعة جنود آخرين في استهداف القاعدة لهم جنوب اليمن.


أما وكالة أنباء رويترز التي نشرت منذ مطلع الشهر الحالي تسعة أخبار عن الشأن اليمني لم تتطرق إلى أي من الحوادث الأمنية في المناطق الخاضعة للحوثيين، بينما نشرت في الثالث من الشهر الحالي خبرا عن مقتل ثلاثة جنود في كمين للقاعدة جنوب البلاد.


ومن بين 37 خبرا نشرته وكالة أنباء شينخوا منذ مطلع الشهر الحالي لم تتطرق الوكالة إلى أي من الأحداث الأمنية في مناطق الحوثيين، ونشرت أخبارا أخرى تناولت غارات للتحالف العربي قتلت مدنيين وقتلى من الجنود سقطوا في استهداف القاعدة لهم جنوب البلاد، إضافة إلى خبر عن مقتل نجل مسؤول الإستخبارات العسكرية بمأرب ومقتل مسؤول محلي بشبوة.


كذلك الأمر مع وكالة سبوتنك الروسية التي لم تتطرق إلى الأحداث الأمنية في مناطق الحوثيين في حين ركزت في 42 مادة إخبارية على نشر الإختلالات الأمنية التي شهدتها المناطق المحررة ومن أبرزها مقتل جنود في هجوم مسلح جنوب البلاد ومقتل 6 جنود في هجوم انتحاري آخر، في حين اقتصرت تغطيتها في المناطق الخاضعة للمليشيا على الأضرار التي خلفتها غارات التحالف العربي.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر