يمنيون في تركيا .. يكبلهم العجز لتعليم أطفالهم

[ يمنيون في تركيا .. يكبلهم العجز لتعليم أطفالهم ]

اليمنية مسك عابد كانت تعتقد أن مستقبل طفلها الوحيد حمد شهاب سيكون أفضل بعد أن غادرت السعودية هربا إلى تركيا من الإجراءات الأخيرة التي فرضتها عليهم المملكة، ولكنها صدمت بتكلفة الرسوم المالية التي تطلبها منها المدارس اليمنية والعربية مقابل دراسته الابتدائية.
 
وتروي أم حمد بحرقة قصة عجزها عن توفير مصاريف تدريس لابنها في إسطنبول، وتقول للجزيرة نت إن هناك من يحاول المتاجرة بمستقبل أولادنا حتى في الخارج، فالمدارس اليمنية لا يدخلها إلا أبناء الطبقات الغنية.
 
وتتابع: أريد أن يتعلم ابني الذي بلغ ربيعه التاسع اللغة العربية ويتعرف على الجغرافيا اليمنية وتاريخ بلاده وكذلك الثقافة الاجتماعية من خلال مناهج الدراسة اليمنية، ولكنني أحتاج إلى 2500 دولار في السنة وذلك ما لا نستطيع توفيره، ووالده لا يزال يبحث عن عمل.
 
وليست أم حمد الوحيدة ولكن هناك أيضا الأستاذ الجامعي عبد الله القبيسي الذي انتقل إلى تركيا قبل عام نتيجة الحرب التي تعصف باليمن منذ أربعة أعوام، فلديه أربعة أبناء لم يستطع تسجيل ثلاثة منهم في المدرسة الخاصة أو الحكومية حتى الآن بينما تمكن من تسجيل ابنه الأكبر بالجامعة.
 
ويضيف القبيسي للجزيرة نت أنه يحتاج قرابة 7500 دولار في السنة مقابل رسوم الأبناء الثلاثة في مدرسة يمنية أو عربية كحد أدنى، وهو لم يجد عملا في نفس التخصص حاليا وما زال يبحث عن أي وظيفة أخرى، كما أن أطفاله لا يستطيعون الدراسة بالمدارس التركية بسبب حاجز اللغة.
 
معاناة وشتات
 
تمكن الصحفي اليمني محمد الأحمدي من الحصول على فرصة عمل في قناة يمنية تتخذ من إسطنبول مقرا، واستطاع كذلك تسجيل طفليه في مدرسة حكومية، وبحسب حديثه للجزيرة نت فقد واجه أطفاله مشكلة اللغة التركية خلال أول عام دراسي، واضطر إلى التعاقد مع معلمة لإعطائهما دروسا منزلية خاصة وكذلك يفعل عشرات الآباء الذين التحق أبناؤهم بالمدارس التركية.
 
ويقول مسؤول التعليم في الجالية اليمنية محمد قاسم النهاري إن عدد الطلاب في المدارس الأهلية اليمنية والعربية يقدر بنحو خمسمئة طالب، بينما هناك ألفا طالب تقريبا التحقوا بالمدارس الحكومية التركية.
 
وبحسب حديث النهاري للجزيرة نت فإن هناك المئات من الطلاب اليمنيين الذين لم يستطيعوا الدراسة بالمدارس الخاصة نتيجة عدم قدرة الأسرة على دفع رسوم الدراسية ولا الحكومية حيث إن أغلبهم في مراحل دراسية متقدمة ويصعب عليهم الالتحاق بالمدارس الحكومية لصعوبة اللغة، ومنهم الوافدون الجدد الذين لم يتحصلوا على الإقامة بعد.
 
ويشير إلى أن رسوم المدارس الأهلية اليمنية (أربع مدارس) تبدأ من 1500 دولار للحضانة وتصل إلى 6000 للثانوية بعد التخفيض، وكذلك المدارس العربية والدولية الأخرى التي تبدأ أسعار الرسوم فيها من 4000 دولار وتصل إلى 10 آلاف. بينما تمنح المدارس الحكومية التعليم بشكل مجاني أو رسوم رمزية لا تتجاوز 100 دولار في السنة.
وفي محاولة لاحتواء المشكلة وإنقاذ مستقبل الطلاب الذين لم يتمكنوا من استكمال دراستهم، بدأت لجنة تعليمية بإشراف من الجالية والسفارة العمل على مشروع افتتاح مدرسة يمنية شبه مجانية بالتعاون مع السلطات التركية ومساهمة رجال أعمال.
 
وأفاد الأستاذ اليمني بالجامعة العثمانية التركية د. عبد الوهاب التويتي للجزيرة نت بأن اللجنة حاولت التنسيق مع وزارة المغتربين اليمنية على أن تكون المدرسة حكومية، ووصلهم الرد بأن الأمر مستحيل ويحتاج إلى وقت طويل وميزانية خاصة بالسفارة.
 
وأوضح التويتي بأنهم يعملون حاليا لتأسيس المدرسة وفي انتظار الاعتماد الرسمي من قبل السفارة في أنقرة، وأن هدفهم هو الحفاظ على هوية الطالب اليمني وتحديدا الذين في الصفوف الأولى، وكذلك مساعدة أولياء الأمور غير القادرين على تعليم أبنائهم في المدارس الخاصة.
 
وبدورها، تعمل الجالية بإسطنبول من خلال لجنة التعليم على تزويد مواطنيها بالمعلومات المتعلقة بكيفية تسجيل الطالب بالمدارس الحكومية والتعاون مع السفارة بحل مشكلة اعتماد شهادات الطلاب اليمنيين بالمدارس الأهلية، حيث كانت هناك إشكالية صدور قرار برفض شهادات كل المدارس الخاصة حتى تحصل على ترخيص حكومي تركي، وجاء القرار بأثر رجعي مما تسبب في إشكاليات كبيرة للطلاب.
 
تكاليف ومطالب
 
ويطالب أولياء أمور ومغتربون يمنيون تحدثوا للجزيرة نت -وأغلبهم ممن غادروا السعودية مؤخراً إلى تركيا- بضرورة منحهم تخفيضات منطقية في رسوم الدراسة العالية، بنسبة لا تقل عن 50% أسوة ببقية المدارس العربية التي تضع الأولية لمواطنيها.
 
يقول رئيس مجلس إدارة المدرسة اليمنية الدولية بتركيا نبيل سعيد غانم للجزيرة نت "نحاول أن تكون تكاليف الرسوم مناسبة للجميع مقارنة بالمدارس العربية والتركية الأخرى، ونراعي كل حالة على حدة، ونقدم خصما 10% وقد يصل أحيانا إلى 40%‎، ولغير القادرين تماما نطلب منهم رسوما 10% ثم نبحث لهم عن متبرع أو كفيل يغطي بقية الرسوم.
 
ويرى الباحث اليمني زايد المليكي في حديث للجزيرة نت أن المدارس اليمنية والعربية الخاصة في تركيا نقلت التعليم العربي بكل مشاكله وسلبياته إلى تركيا، وأن الفارق الوحيد هو أن اليمنيين هنالك يدفعون مبالغ كبيرة ويتحملون إيجارات مقرات المدارس والتراخيص.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر