"التسوية بعيدة المنال".. مجلة أمريكية: لا خيار أمام الحكومة اليمنية سوى إحباط توسع الحوثيين في مأرب

[ مقاتل من القوات الحكومية في الخطوط الأمامية في إحدى جبهات مأرب يونيو 2021 (AP) ]

قالت مجلة أمريكية "لا يزال اليمن يشهد تصعيدًا دراماتيكيًا في صراعه المستمر منذ ست سنوات، حيث يبدو الطريق إلى تسوية سياسية بعيد المنال أكثر من أي وقت مضى". 
 
اشتدت معركة السيطرة على مأرب بمعدل غير مسبوق خلال الأسابيع القليلة الماضية، حيث زُعم أن 160 مقاتلاً حوثيًا قتلوا على أيدي القوات الموالية للحكومة في 16 أكتوبر/ تشرين الأول، مما يجعل احتمالية فعالية الجهود الدبلوماسية غير مؤكدة، أكثر بكثير من ذي قبل.
 
في خضم تصاعد العنف، طالبت جماعة الحوثي بشروط محددة قالت بأنه يجب تلبيتها إذا أريد للسلام أن يتحقق، لكن خصوم الحوثي ينظرون إلى هذه الشروط على أنها غير واقعية وغير قابلة للتفاوض.
 
ووفق مجلة «Inside Arabia» في تقرير - ترجمة "يمن شباب نت" – "بينما أصبح الحوثيون أكثر قوة منذ عام 2015، أصبحت سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة أكثر هشاشة وأقل استقرارًا".
 
وأضافت "جعلت الأحداث الأخيرة، بما في ذلك خسارة الأراضي لصالح لحوثيين والاحتجاجات الشعبية في تعز وعدن وحضرموت وانخفاض قيمة العملة الوطنية في المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، موقفها أكثر خطورة، وتحطمت آمال الشعب اليمني في أن تتمكن الحكومة من تحقيق انتصارات عسكرية أو إصلاح الاقتصاد".
 
وتشير الخسائر الأخيرة إلى هشاشة الحكومة، وتعد مأرب آخر محافظة في شمال اليمن لا يزال للحكومة فيها وجود، وبينما يقاتل الحوثيون للتقدم، يجب على القوات العسكرية الحكومية إعادة تجميع صفوفها باستمرار لصد توغلات الحوثيين.
 


في 22 سبتمبر / أيلول، استولى الحوثيون على حريب في مأرب، ومنذ ذلك الحين كثفوا هجماتهم على منطقة عبيدة كذلك، أثارت عمليات الحوثيين في مأرب مخاوف من سقوط المدينة، ما قد يؤدي إلى كارثة إنسانية مأساوية أخرى، في الواقع بينما سيتحمل الحوثيون مسؤولية مثل هذه المأساة، فإنه ليس أمام الحكومة خيار سوى إحباط توسع الحوثيين في مأرب لأن خسارتها ستعني الانهيار الكامل للحكومة في شمال اليمن.
 
ومن المكاسب السريعة الأخرى للحوثيين في الآونة الأخيرة، الاستيلاء على منطقتين في محافظة شبوة الجنوبية، وهي منطقة تم تطهيرها من الجماعة المتشددة منذ سنوات عديدة، واستعادة ما فقدته في الأسابيع الأخيرة سيكون تحديًا كبيرًا للحكومة، على الرغم من أن هذا لا يبدو مرجحًا في أي وقت قريب.
 
 
إلى جانب فشلها العسكري، أخفقت الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة فيما يتعلق بالاقتصاد، وفي أواخر الشهر الماضي، خرج محتجون إلى الشوارع في محافظتي عدن وتعز، مطالبين بسياسات حكومية أفضل للتعامل مع الاقتصاد المتدهور، لا سيما تراجع العملة وارتفاع أسعار السلع الأساسية، ووردت أنباء عن وقوع إصابات في صفوف المدنيين عندما حاولت قوات الأمن تفريق المسيرات.
 
في مارس/ آذار، غادر رئيس الوزراء معين عبد الملك ووزراء آخرون عدن بعد أن اقتحم متظاهرون انفصاليون غاضبون القصر الرئاسي، وفي 27 سبتمبر، عاد عبد الملك من الرياض إلى اليمن، وتأتي عودته في إطار جهود السلام التي تقودها السعودية لإنهاء التوترات بين القوات الحكومية والقوى الانفصالية في البلاد.
 
وفي حين يُنظر إلى عودة عبد الملك إلى عدن على أنها خطوة جيدة، فليس من الواضح ما إذا كان سيتمكن من البقاء دون دعم حقيقي من المملكة العربية السعودية والتزام رسمي من الإمارات التي تمول وتوجه الجماعات الانفصالية المناهضة للحكومة جنوب البلاد.
 
على الرغم من أن الحكومة تقول الآن إنها حريصة على تنفيذ خطوات محددة لمعالجة المحنة الاقتصادية، فإن نفوذها على الأرض ليس قوياً بما يكفي للسماح لها بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة، وفي اجتماع عُقد في عدن في 29 سبتمبر/ أيلول، وجه رئيس الوزراء الحكومة والبنك المركزي والسلطات المحلية للعمل بشكل جماعي لتحقيق الاستقرار الاقتصادي الذي يمكن أن يراه المواطن ويشعر به.
 
ومنذ أواخر عام 2019، حظرت جماعة الحوثي استخدام الأوراق النقدية التي طبعتها الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة.  وفي حين تم تقسيم البلاد سياسيًا وعسكريًا، إلا أنها منقسمة أيضًا اقتصاديًا.
 


وقد كان هذا الاختلاف الاقتصادي عبئًا ثقيلًا على المدنيين الذين عانوا من محنة الصراع العسكري والحرب الاقتصادية، كما أنها انتكاسة كبيرة للحكومة اليمنية، رغم أنها أثارت تساؤلات حول كيفية تمكن جماعة الحوثي المتشددة من منع المزيد من الانهيار للعملة اليمنية في المناطق التي تسيطر عليها بينما فشلت الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في القيام بذلك.
 
على الرغم من الضعف المذهل للحكومة، يشير التطور الأخير إلى احتمال أن تعمل الحكومة بشكل أفضل قريبًا، فقد أصدرت الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات، الشهر الماضي، بيانًا جماعيًا أيدت فيه عودة الحكومة إلى عدن.
 
وفي بيان مشترك صدر في 16 سبتمبر/ أيلول، شددت دول الرباعية على ضرورة عودة الحكومة اليمنية إلى عدن، مشيرة إلى دورها الفعال في الإشراف على الدعم الدولي المستقبلي للانتعاش الاقتصادي، وأكدت "التزامها بحل سياسي شامل للصراع في اليمن".
 
 قد يؤدي وجود الحكومة في عدن إلى تغيير إيجابي، لا سيما في المجال الاقتصادي، طالما امتنع الانفصاليون الجنوبيون عن أي تصعيد عسكري أو الانخراط في أي أنشطة لعرقلة حكمها.
 
ومن التطورات الإيجابية الأخرى للحكومة المدعومة من الأمم المتحدة زيارة المبعوث الخاص الجديد للأمم المتحدة هانز جروندبرج إلى عدن في 5 أكتوبر/ تشرين الأول، حيث التقى بشكل منفصل مع كل من رئيس الوزراء ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي.
 
وقال جروندبرغ في لقائه مع رئيس الوزراء، "هناك حاجة ملحة لتغيير المسار والعمل نحو تسوية سياسية شاملة تنهي النزاع بشكل شامل وتسمح لليمن بالتعافي والتطور".

في المحصلة الإجمالية، لا تستطيع الحكومة المعترف بها دوليًا في اليمن إخضاع جميع معارضيها في البلاد، وإذا أريد لها أن تظل سلطة قابلة للحياة، فهناك حاجة إلى دعم قوي من الأمم المتحدة، مثل هذا الدعم من شأنه أن يعيد تنشيط دور الحكومة ويفترض أن يمكّن مسؤولي الدولة من تنفيذ وظائفهم دون إجراءات معوقة مقصودة من قبل الجماعات المحلية أو التدخل الإقليمي.
 
أما إذا استمرت الخسائر الإقليمية للحكومة تزامنا مع استمرار انخفاض شعبيتها، فقد تطغى قوى الظلام على الحكومة.


- فيديو :


مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر