تعز: تقرير حديث يرصد (بالأرقام والشهود) مأساة ومعاناة ألاف الأسر المهجرة قسريا

[ تهجير وتشريد أكثر من 3 ألآف و 500 أسرة في مدينة وريف تعز/أنفوجرافكس خاص بـ"يمن شباب نت" ]

 

كشف تقرير صدر حديثا، تعرض ألاف الأسرة للتهجيرالقسري من مناطق مختلفة في مدينة ومحافظة تعز، من قبل الميليشيات الانقلابية، شملت النسبة الأكبر منهم النساء والأطفال. وسرد بالأرقام أعدادهم في كل منطقة، كما قدم روايات وشهادات مُهجرين لمعاناتهم ومأساتهم، لاسيما تلك التي تعرضت لها، مؤخرا، قرى صغيرة في الريف التعزي. 

وعقدت "شبكة الراصدين المحليين" بتعز، صباح اليوم السبت، مؤتمرا صحفيا عرضت خلاله تقريرها الأخير حول التهجير القسري الذي يتعرض له المدنيين، تحت عنوان "التهجير القسري للمدنيين..قصص وممارسات".

ورصد التقرير أن هناك ما لا يقل عن (3582) أسرة، هجرتها مليشيات الحوثي وصالح الانقلابية بمحافظة تعز، منهم 60% من النساء، و25% من الأطفال.

وأوضح التقرير أن التهجير القسري الذي مارسته جماعة الحوثي وقوات صالح، داخل مدينة تعز، تركز أكثر في منطقة الجحملية، بمديرية صالة، التي هاجرت منها، بشكل قسري، أكثر من 15 أسرة بعد اقتحام منازلها، وممارسة كثير من السلوكيات والمضايقات بحقهم.

وبعد أن كان الريف التعزي، هو الملاذ الأمن للفارين من جحيم الحرب وقذائف القصف العشوائي تارة، والممنهج تارة أخرى، ضد الأحياء السكنية في مدينة تعز، تحول هذا الريف، اليوم، إلى جحيم أكبر، بعد أن اشتغلت فيه ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية مؤخرا، عقب أن خسرت معاركها للسيطرة على المدينة.   

وقال الناشط الحقوقي صلاح احمد أن هذا التهجير الذي اختلف كلية عن النزوح الاضطراري الاختياري كان الصورة الجديدة والقاسية من منهجية الانتهاك الذي اختارته جماعة الحوثي وقوات صالح بحق أبناء الريف المسالم.

 

ما لا يقل عن (3582) أسرة  هجرتها مليشيات الحوثي وصالح الانقلابية بمحافظة تعز، منهم 60% من النساء، و25% من الأطفال..

 

الريف..والبداية من "الوازعية"

وأشار التقرير إلى ما تعرضت له مديرية الوازعية من ظلم وقسوة جراء الحرب. وتقع مديرية الوازعية غرب محافظة تعز على حدود مديرية "ذوباب" الساحلية. وتعد ثالث أصغر المديريات في تعز من حيث عدد السكان الذين لا يتجاوز عددهم (36,389) نسمة، حسب أخر تعداد سكاني (2004)، واغلبهم فقراء يعملون بالرعي والزراعة.

وكشف التقرير أنه وبعد وصول النزاع إلى هذه المديرية، مطلع سبتمبر2015، بعد أن سيطر الحوثيون على المخا ومنطقة باب المندب الساحلية، تعرض أبناء الوازعية إلى انتهاكات عدة، منها مقتل (132) مدنيا، واختطاف (150) آخرين، فيما طالت الاعتداءات أكثر من (354) من الممتلكات الخاصة والعامة.

 وأوردت الناشطة "أميرة البكيلي" روايات بعض المهجرين قسريا من هذه المديرية، الى محافظة عدن ومديريات رأس العارة والصبيحة في لحج. والذين أفادوا بأن القوات التابعة لجماعة الحوثي وصالح، بعد وصولها الوازعية من المخا، "داهمت منازل السكان، وارغمت قرابة 28 قرية يقطنها مزارعين وعمال على النزوح قسريا، بعد أن تسببت بأحداث فزع بين السكان"، نتيجة الممارسات الدموية والانتهاكات الفظيعة التي طالت السكان المحليين، ما اضطر معظمهم الى "الرحيل وترك منازلهم التي ألفوها منذ ميلادهم".

ولفت التقرير الى أن التهجير طال أكثر من 3000 أسرة، (في مديرية الوازعية وحدها)، فيما أكد تقرير سابق لمؤسسة الانصاف والعدالة، أن التهجير طال 4160 أسرة، تم تهجيرهم الى العراء، في حين اضطر بقية السكان الى النزوح بشكل عاجل بعد حالة من الفزع والخوف من التهجير القسري.

وذكرت الناشطة "البكيلي" أهم القرى التي أجبر أهاليها على تركها، وهي: الشعيب، الخريشيبة، الحمرا، الغول، النوبة، الظريفة، الشريدة والدمدم. فيما لم يكن يعرف المهجرين الى أي الأماكن الأمنة يرحلون.

وسجلت المنظمات العاملة بمجال الإغاثة ومسح النازحين في تقاريرها أن الكثير من المهجرين وصلوا بعد أيام من التهجير الى قرى داخل المحافظة، منها مديرية الشمايتين (جنوب غرب)، وهجده (غرب)، إضافة الى مديريات خارج محافظة تعز، منها لحج وعدن، لكنهم تُركوا نهبا للجوع والعطش، الا بقليل من المعونات والمساعدات التي تكرم بها رجال الخير، وبعض المنظمات الدولية، لكن بطريقة عشوائية وانتقائية كما افاد البعض.

في الوازعية داهمت ميليشيات الحوثي-صالح منازل السكان، وأرغمت قرابة 28 قرية يقطنها مزارعين وعمال على النزوح قسريا، بعد أن تسببت بأحداث حالة من الفزع..ونجم عن ذلك هجرة جماعية لأكثر من 3000 ألف أسرة..

 

الاعبوس – مديرية حيفان

وتطرق التقرير الى التهجير القسري في عزلة الأعبوس بمديرية حيفان، حيث تعرض السكان الى جملة من الانتهاكات المرتبطة بالتهجير القسري، بدأت بالتهديد واقتحام المنازل، وانتهت بالطرد والتشريد واجبار السكان على الرحيل الى قرى مجاورة في حيفان والراهدة.

وكشف التقرير أن التهجير القسري في هذه المنطقة، طال قرابة (142) أسرة، أي ما يقرب من (852) فرد. وتركزت عملية التهجير في قرى: ظبي، وحارات، ودومان، وقرية البوادية.

قرية "الدبح" مديرية التعزية

وتطرق التقرير إلى التهجير الذي طال، مؤخرا، قرية "الدبح" الصغيرة، وهي قرية تقع ضمن منطقة الربيعي، مديرية التعزية، غرب مدينة تعز.

وأشار إلى أن الحرب وصلت هذه القرية مع بداية شهر أغسطس 2015، بعد سقوط قذيفة هاون أطلقها الحوثيون على القرية، أدت إلى مقتل أثنين واصابة 11 اخرين، ثم بدأت عملية التهديدات ومضايقة السكان بعد وصول الحوثيين الى القرية بحسب إفادات من تم تهجيرهم.

taiz_draining-of-people1

بلغ عدد الأسر المهجرة قسريا: مالا يقل عن (142) أسرة من الأعبوس- مديرية حيفان، وأكثر من (172) أسرة من قرية "الدبح" بمنطقة الربيعي، و (250) أسرة من قرية "الصيار" بمديرية الصلو..

 

وتقول الإفادات، التي حصلت عليها الشبكة، أن أكثر من "38" شابا أختطفهم الحوثيون، وكانت كل مطالبهم أثناء التحقيق معهم، هي "اخذ تعهدات من الرجال بالخروج من القرية واخلائها" لأنهم لا يريدون لأي "داعشي" البقاء في الدبح - بحسب بعض الافادات.

ويضيف التقرير: وقد خرج البعض، (بعد الألتزام والتعهد)، وتبقى أكثر من 18 محتجزا، برغم التزام أسرهم بالرحيل من القرية.

وبحسب التقرير، أيضا: حاولت بعض الأمهات والنساء تجاهل تلك التهديدات، وبقين في مساكنهن، إلى أن جاءت حملة التهجير الأخيرة، يوم 1/11/2016، بعد اجتياح القرية وإطلاق تهديدات عبر الميكرفونات (مكبرات الصوت) بإعطاء مهلة، أنه "اذا جاء مغرب يوم الثلاثاء 1/11، والسكان موجودين، فسيطلقون الرصاص ولن يتبقى ذكر خارج المعتقل"، مما أدى الى هجرة قسرية جماعية كبيرة لقرابة "175" أسرة، أي عدد يفوق الـ"1100" فرد في لحظة واحدة.

وتحدثت "داليا"، من سكان القرية: "أن سكان الدبح تركوا قريتهم ومنازلهم وأموالهم وساروا على الاقدام لساعات طويلة، وهم في حالة مزرية وبدون أي سبب او جريمة ارتكبوها"، مستدركة: "تركوا وطنهم الحقيقي الذي لا يعرفون وطنا اخر غيره..وتوزعوا بين قرى الربيعي وجبل حبشي والنشمة احياء مدينة تعز".

"داليا": سكان قرية الدبح تركوا قريتهم ومنازلهم وأموالهم وساروا على الاقدام لساعات طويلة، وهم في حالة مزرية وبدون أي سبب او جريمة ارتكبوها.. تركوا وطنهم الحقيقي الذي لا يعرفون وطنا اخر غيره وتوزعوا بين قرى أخرى

 

مأساة ومعاناة قرية "الصيار" -مديرية الصلو

"الأسر التي تم تهجيرها من قرية الصيار لم يجدوا أي معونة، وأغلب الأسر اضطرت للمشي على أقدامها دون أن تصطحب معها أي اثاث منزلي". يقول الناشط "عبد الحليم صبر"، الذي تحدث، ضمن التقرير، كشاهد عن معاناة المهجرين قسرا من مديرية الصلو (جنوب تعز).

ولفت الناشط إلى أن جريمة التهجير التي مورست في قرية الصيار "خلقت حالة رعب كبيرة لدى سكان القرى المجاورة دفعتهم للنزوح بشكل جماعي وبدون وجهة محددة".

وشهدت قرية الصيار بمديرية الصلو، هي الأخرى، تكثيفا للصراع المسلح خلال الأسابيع القليلة الماضية، وتعرضت المنطقة للقصف المدفعي الشديد من قبل الميليشيات التابعة للحوثي-صالح.

واستعرض التقرير جرائم التهجير القسري التي مارستها جماعة الحوثي وقوات صالح في الصلو، والتي أدت إلى تضاعف حركة النزوح القسري للسكان في قرى المديرية.

وذكر التقرير أن إجمالي عدد الأسر التي تم تهجيرهم من قرية الصيار بلغت (250) أسرة، وهي إجمالي عدد سكان القرية، منهم قرابة (174) طفل دون سن الخامسة، و(320) طفل تتراوح أعمارهم بين 5 سنوات و 18 سنة. 

taiz_draining-of-people2

إجمالي عدد الأسر المهجرة قسريا من قرية الصيار- مديرية الصلو، بلغت (250) أسرة، وهي إجمالي عدد سكان القرية، منهم قرابة (174) طفل دون سن الخامسة، و(320) طفل تتراوح أعمارهم بين 5 سنوات و 18 سنة.


وطبقا للإحصائيات والبيانات المتوفرة لدى "شبكة الراصدين المحليين" بتعز، فإن أكثر من (103) من الأسر المهجرة قسريا "لا يحصلون على الخدمات الصحية ولا يتمكنون من الوصول إلى المواد الغذائية في الأسواق". وتطرق التقرير الى الجانب الاغاثي، مؤكدا بإن من تم مقابلتهم أفادو أنهم لم يستملوا اية مساعدة إنسانية.

وأوضح التقرير أن فريق "شبكة الراصدين المحليين" بتعز، دون أثناء زياراته الميدانية للصلو، ملاحظات مهمة تخص المهجرين، أبرزها: تزامن التهجير مع بداية فصل الشتاء، الأمر الذي يضاعف أكثر من المعاناة، وخصوصا الأطفال وكبار السن، لاسيما وأن المهجرين من الأسر الفقيرة، الغير قادرة على توفير إمكانيات وتكاليف المأوى.

 إضافة لذلك فإن أكثر من (80) أسرة مهجرة وصلت قرى: القابلة والعكيشة والضعة في الصلو، ليس لديها أي إمكانية للحصول على فرصة عمل.

 وأوضح التقرير انه عند إجراء المقابلات للضحايا المهجرين من قرية "الصيار" - الصلو، لوحظ ان بعض المهجرين خرجوا بملابسهم الشخصية، ولم تصطحب معظم الأسر أي أصول حيوانية، بل إن معظم الأهالي اضطروا لبيع مواشيهم بأسعار زهيدة جداً، وقد حاول الكثير منهم اخذ ما يساعدهم على العيش خارج المنزل.

وإضافة إلى ذلك، يضيف التقرير: وبسبب ما احدثته جريمة التهجير القسري للسكان في الصيار من مخاوف لدى الأهالي في القرى المجاورة، ولد لديهم شعور بالاستهداف ما دفعهم أيضا للنزوح قبل أن تصل إليهم موجة التهجير القسري. وقد سجلت الاحصائيات الأولية نزوح قرابة (500)، أسرة من قرى المديرية، أغلبها لا تعرف مكان محدد تستقر فيه.

ولفت التقرير إلى أنه، وعلى مدى اليومين الماضيين، تلقى فريق الشبكة مناشدات من الأهالي في الصلو تطالب بتوفير وسائل نقل للسكان الغير قادرين على توفير أجرة النقل.

الوضع الإنساني والتعليمي في الصلو

ذكر التقرير انه خلال زيارة فريق الشبكة لمديرية الصلو لم يجد أي مدرسة مفتوحة والقرى تكاد تكون خالية من السكان، والكثير منهم اغلقوا منازلهم ونزحوا من منها قسريا، فيما من تبقى منهم، جميعهم يلزمون منازلهم.

واشار التقرير إلى أن فريق الشبكة رصد أثناء الزيارة (10) مدارس أغلقت تماما، وهي: مدرسة سبأ-عزلة العكيشة؛ مدرسة الدملؤة بالمنصورة؛ مدرسة علي بن أبي طالب بالصعيد؛ مدرسة الفاروق بحمده؛ مدرسة 22 مايو بالصيار؛ مدرسة عثمان بن عفان بالحود؛ مدرسة الشرف في عزلة الشرف؛ مدرسة 7 يوليو الاعدادية بالقابلة؛ مدرسة عمر بن الخطاب الثانوية بالقابلة؛ ومدرسة الشعب -عزلة كزازة.

توصيات ختامية  

وخلص التقرير، في نهايته، إلى مجموعة من التوصيات، أهمها: -

  • التدوين السردي والقصصي لمعاناة المهجرين بمحافظة تعز وقضيتهم الإنسانية التاريخية.
  • قيام المنظمات الحقوقية بعملهم الرصدي لجريمة التهجير القسري في مديريات الريف ورفع وعي الضحايا بضرورة تقديم الشكاوى والوصول الى الجهات المختصة ومنها اللجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الانسان.
  • رد الاعتبار والتعويض لأهالي الدبح والصلو والوازعية والأعبوس الذين تم تهجيرهم الى خارج مناطقهم.
  • اسراع الحكومة اليمنية الشرعية بحماية المهجرين وغيرهم.
  •  ضغط المجتمع الدولي، وفي مقدمتهم الأمين العام على الحوثيين وقوات صالح بالتوقف عن مثل هذه الجرائم ضد الإنسانية والتوقف عن تهجير المواطنين من قراهم ومنازلهم.
  • قيام المنظمات الاغاثية الدولية بتوفير سبل العيش الكريم للمهجرين من كافة الجوانب العلاجية والايوائية والمادية والصحية وعدم الاكتفاء بالوصول الى المناطق التي تحت سيطرة طرف واحد من الأطراف.
  • قيام الاعلام بدورة الحقيقي لمواجهة مثل هذه الجريمة وفضح مرتكبيها وايصال رسالة للعالم الخارجي بحجم معاناة ضحايا التهجير بمحافظة تعز.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر