زيلينسكي يصف إخراج القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية "مستحيل" ويعني حرب عالمية

[ إربين في العاصمة الأوكرانية كييف ]

 
اعترف الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، بأنه سيكون من "المستحيل" إخراج روسيا من جميع الأراضي الأوكرانية، وقال إن ذلك يعني اندلاع "حرب عالمية ثالثة".
 
وأضاف أن مفاوضيين من كييف يدرسون مطلبا روسيا بالحياد الأوكراني، وهي خطوة رفضتها كييف سابقا.
 
وقال زيلينسكي، في حديثه قبل محادثات للسلام بين أوكرانيا وروسيا في تركيا: "هذه النقطة من المفاوضات مفهومة بالنسبة لي وهي محل مناقشة ودراسة بعناية".
 
ويأتي ذلك في وقت توقفت فيه عمليات إجلاء مدنيين من مناطق تتعرض للقصف الروسي في أوكرانيا، وقالت نائبة رئيس الوزراء الأوكرانية، إيرينا فيريشتشوك، إن الممرات الإنسانية لن تُفتح اليوم.
 
وأضافت أن الخطوة جاءت بناء على تحذير من الاستخبارات الأوكرانية من أن القوات الروسية قد تقوم بما وصفته بـ "أعمال استفزازية" على الطرق المخطط لها.
 
وقال فاديم بويشينكو، عمدة مدينة ماريوبول، الواقعة جنوبي البلاد، إنه يجب إخلاء المدينة بالكامل بسبب الكارثة الإنسانية التي ألمت بها بسبب الحصار الروسي.
 
وقدّر بويشينكو أن نحو 160 ألف مدني ما زالوا محاصرين بدون كهرباء، وقال إن القوات الروسية لم تسمح لحافلات الإجلاء بدخول المدينة.
 
وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر قد أعلنت، في وقت سابق، أنها لا تزال عاجزة عن توصيل أي مساعدات إلى ماريوبول المحاصرة، وقالت إن ذلك يتطلب من روسيا وأوكرانيا ضمان المرور الآمن.
 
وطوقت القوات الروسية المدينة، تاركة المدنيين في حالة شديدة من نقص المياه والغذاء والدواء.
 
ونفت موسكو عرقلة مثل هذه العمليات، في الوقت الذي واصلت فيه القوات الروسية قصف مدن أخرى، بما في ذلك مدينة تشيرنيهيف شمالي البلاد.
 
ونفت روسيا استهداف المدنيين، وتحمل أوكرانيا مسؤولية الفشل المتكرر في الاتفاق على ممرات آمنة للمدنيين المحاصرين.
 
"طرد دبلوماسيين روس"
من ناحية أخرى، قال سيرغي أندريف، سفير روسيا لدى بولندا، يوم الاثنين، إن 45 دبلوماسيا روسيا طردتهم بولندا غادروا البلاد بالفعل، بحسب وكالة "تاس" للأنباء.
 
وكانت بولندا قد طردت الدبلوماسيين الروس الأسبوع الماضي للاشتباه بأنهم يعملون لحساب الاستخبارات الروسية، وهي اتهامات نفتها موسكو ووصفتها بأنها لا أساس لها من الصحة.
 
كما اتهمت أوكرانيا روسيا، في وقت سابق، بإجبار آلاف المدنيين على الانتقال من ماريوبول، المدينة الساحلية الاستراتيجية التي دمّرها القصف الروسي.
 
ويقيم نحو 5 آلاف نازح في مخيم مؤقت تحت سيطرة الروس، في بيزيميني، شرق ماريوبول، وفق ما أظهرت صور الأقمار الصناعية.
 
وقالت فيريشتشوك، في وقت سابق، إن 40 ألفاً نقلوا من أوكرانيا إلى أراض يسيطر عليها الروس، دون التنسيق مع كييف.
 
وقالت لاجئة من ماريوبول، تتواجد الآن في روسيا: "أخذنا جميعاً بالقوة".
 
ويصف بعض المسؤولين الأوكرانيين تصرفات روسيا بأنها بمثابة "ترحيل" إلى "معسكرات تنقيح" - تذكيراً بالحرب الروسية في الشيشان، عندما استجوب آلآف الشيشان بوحشية في معسكرات مؤقتة واختفى الكثير منهم.
 
ويصنّف قيام طرف في الحرب بترحيل مدنيين إلى أراضيه ضمن انتهاكات حقوق الإنسان المتعارف عليها دولياً.
 
وتمكن 140 ألف مدني من مغادرة ماريوبول ، وقد حوّل القصف الروسي الشديد، لأكثر من ثلاثة أسابيع، المدينة إلى ركام. ويختبئ المدنيون المذعورون في الملاجئ، ويعانون نقصاً شديداً في الماء والغذاء والدواء.
 
وبي بي سي غير قادرة على التحقق بشكل مستقل من عدد المدنيين الذين تمّ إجلاؤهم من ماريوبول وأولئك الذين قتلوا في المدينة.
 
وتمكن عدد قليل نسبياً من الفرار عبر الممرات الإنسانية التي اتفق عليها الطرفان. وقالت أوكرانيا إن روسيا واصلت قصف طرق الإجلاء، التي من المفترض أن تكون آمنة.
 
وقال مات موريس، المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إن اللجنة لا يمكنها إجلاء المدنيين وتقديم المساعدة إلا إذا قدمت روسيا وأوكرانيا ضمانات سلامة، وهو ما لم يحدث بعد، على الرغم من أن اللجنة تتحدث مع الجانبين.
 
وقال موريس لبي بي سي: "يجب أن يكون الجانبان الضامنين وأن يتوصلوا إلى اتفاق للسماح بمرور آمن. وعليهم الإعلان عن الطريق وإتاحة متسع من الوقت للناس للخروج".
 
وأضاف أن القانون الدولي الإنساني "يُلزم بالسماح للناس بالمغادرة، لكن لا ينبغي إجبارهم على المغادرة"، موضحا أنه يجب على الأطراف المتحاربة السماح بدخول المساعدات والسماح للناس بالبقاء إذا أرادوا ذلك.
 
وقال: "إنه وضع يائس في ماريوبول - لقد دعونا جميع الأطراف لتسهيل الوصول الآمن والخروج"، مضيفًا: "ليس لدينا فريق قادر حاليا على الوصول".
 
وتحدث مراسل بي بي سي، واير دايفيز، عبر تطبيق زوم مع لاجئة أوكرانية، تدعى إيرينا وتقيم في منزل أقارب لها في روسيا.
 
وقالت فيريشتشوك إن الجنود الروس طلبوا منها ومن آخرين، ممن لجأوا إلى ملجأ محصن، المغادرة حفاظا على سلامتهم. واشتعلت النيران في المبنى بعد تعرضه للقصف.
 
وأضافت قائلة إنهم ساروا مسافة 4 كيلومترات إلى نقطة تفتيش روسية، ومن ثم نقلوا إلى الشرق - إلى الأراضي التي يسيطر عليها المتمردون الموالون لروسيا في المنطقة الانفصالية المعروفة باسم "جمهورية دونيتسك الشعبية".
 
وتابعت فيريشتشوك: "عندما تصل إلى هناك، تقرّر إن كنت تريد البقاء في "جمهورية دونيتسك الشعبية" أو الذهاب إلى روسيا".
 
وقالت: "بعض كبار السن الذين أعرفهم والذين التقيت بهم في نقطة التوزيع، لم يعرفوا إلى أين يتجهون ولماذا. اعتقدوا أنهم سيكونون قادرين على البقاء في روستوف [في روسيا] لبضعة أشهر ... ثم ربما يعودون إلى ماريوبول".
 
وأضافت: "بدلاً من ذلك، نقلوا إلى سامارا (شمال روستوف، جنوبي روسيا). وقالوا إنه ليس لديهم أي فكرة عما سيفعلوه هناك. والإقامة متاحة هناك لأسبوعين فقط".
 
ولدى العديد من الأوكرانيين أقارب في روسيا بسبب العلاقات التاريخية الطويلة بين البلدين. لكن من غير الواضح عدد لاجئي ماريوبول الذين غادروا طواعية إلى روسيا، التي دمر جيشها مدينتهم.
 
خارطة مقاصد اللاجئين.
وذكرت صحيفة روسيسكايا غازيتا الحكومية الروسية في 21 مارس / آذار أن طابوراً طويلاً من سيارات اللاجئين استغرق أكثر من ساعتين للوصول إلى بيزيميني، وهي قرية ساحلية تبعد 90 كيلومتراً شرق ماريوبول. ويقيم نحو 5 آلاف لاجئ فيها، داخل خيام ومدرسة وناد. وقد أرسلت وزارة الطوارئ الروسية مساعدات وعمّالاً إلى القرية.
 
وخلال الترحيل، أوقف متمردون من "جمهورية الدونتيسك الشعبية" اللاجئين عند نقاط تفتيش، حيث عمدوا إلى تصويرهم وأخذ بصماتهم.
 
وقالت الصحيفة: "يتم فحص بياناتهم في قاعدة بيانات للمجرمين المطلوبين. إحدى المشاكل الرئيسية هي النقص في شرائح الهواتف المحمولة، وليس كل شخص لديه هاتف محمول".
 
وتنكر روسيا نقل آلاف الأوكرانيين قسراً من بلدهم.
 
وقال نائب رئيس بلدية ماريوبول سيرغي أورلوف لبي بي سي إن: "البعض يموت من الجفاف ونقص الغذاء، والبعض الآخر بسبب نقص الأدوية والأنسولين".
 
وتُركت العديد من الجثث ملقاة في الشوارع، لأن انتشالها ينطوي على مخاطر.
 
وأضاف: "يفتح الجنود الروس [باب] هذا الملجأ ويقولون لهم: لديكم خمس دقائق للإجلاء في هذا الاتجاه. فقط اذهبوا، سيروا مسافة 5 أو 3 أو 7 كيلومترات، وستنقلكم الحافلات إلى منطقة تسيطر عليها روسيا مؤقتًا. إن لم تذهبوا سيقصف هذا المنزل في غضون ساعة".
 
ويقيم العشرات من لاجئي ماريوبول في مركز رياضي في تاغانروغ، وهي مدينة روسية بين ماريوبول وروستوف.
 
وذكرت وسائل إعلام روسية أن المئات أرسلوا أيضًا بالقطار لمسافة تزيد عن ألف كيلومتر شمالًا إلى منطقتي ياروسلافل وريازان الروسيتين.
 
وتقول وزارة الدفاع الأوكرانية إن روسيا تقوم بنقل الأوكرانيين بشكل جماعي من المناطق المحتلة إلى أجزاء بعيدة من روسيا، من بينها منطقة سخالين في أقصى الشرق.
 
وفي بيان نشرته على فيسبوك، قالت وزارة الدفاع: "بعد اجتياز معسكرات التصفية، ينقل الأوكرانيون إلى مناطق بائسة اقتصاديا في روسيا. ويصنف عدد من المناطق الشمالية كوجهة نهائية، لا سيما سخالين. ويتلقى الأوكرانيون عرض عمل رسميا من خلال مراكز التوظيف. ويحصل الموافقون على وثائق تمنع مغادرة المناطق الروسية لمدة عامين".
 
وحثت أوكرانيا اللجنة الدولية للصليب الأحمر على عدم فتح مكتب لها في "روستوف أون دون" - وهو أمر قيد النقاش مع الصليب الأحمر الروسي. وتقول أوكرانيا إنه يمكن استخدام هذا الأمر لإضفاء الشرعية على عمليات الترحيل.
 
لكن اللجنة أصرت على أنها "لا تريد فتح مكتب في جنوب روسيا (لتنقيح) الأوكرانيين، كما تزعم العديد من التقارير. هذا ليس دورنا، نحن لا نفعل ذلك. نحن لا نفتح مخيما للاجئين".
 
وقالت اللجنة إنها "لا تساعد إطلاقاً في تنظيم أو تنفيذ عمليات إجلاء قسري"، وإنها ساعدت فقط في عمليتي إجلاء - من سومي، المدينة محاصرة في الشمال، باتجاه الأراضي الأخرى التي تسيطر عليها أوكرانيا.
 
وأَضافت اللجنة: "لن ندعم أي عملية تتعارض مع إرادة الناس ومع مبادئنا".
 
 
(بي بي سي)
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر