الدبابات تحركت بالتزامن مع وساطة فيلتمان.. انقلاب السودان يثير موجة تساؤلات في واشنطن

استيقظت العاصمة الأميركية واشنطن -التي تفصلها 7 ساعات عن توقيت السودان المحلي- على أنباء ما وصفه المكوّن المدني في مجلس السيادة بـ"الانقلاب العسكري" في الخرطوم، بعد ساعات من لقاءات مكوكية جمعت المبعوث الأميركي للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان بقادة الجيش والحكومة السودانية.
 
وقال الخبير بمجموعة الأزمات الدولية مايكل وحيد حنا، إن توقيت الانقلاب -بعد هذه اللقاءات خاصة- يثير تساؤلات كثيرة، ويدفع بالبعض للتشكيك في طبيعة الدور الأميركي في السودان.
 
وقال حنا في تغريدة له بموقع تويتر "كانت مخاوف الولايات المتحدة بشأن اتجاه الأحداث واضحة، ولكن يبدو جليا أن الجهود الدبلوماسية الأميركية لم تؤثر على الجيش السوداني، ويبرز ذلك من توقيت الانقلاب، بعد يوم واحد فقط، مما سيثير تساؤلات حول ضمانات من دول إقليمية أخرى".
 
وكان المبعوث الأميركي فيلتمان قد اجتمع بشكل مشترك مساء أمس الأحد مع رئيس الوزراء في السودان عبد الله حمدوك، ورئيس مجلس السيادة اللواء عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو (حميدتي).
 
وشدد فيلتمان على دعم الولايات المتحدة الأميركية لعملية الانتقال لديمقراطية مدنية، وفقا للرغبات المعلنة للشعب السوداني، وحث جميع الأطراف على الالتزام بالعمل معا لتنفيذ الإعلان الدستوري واحترام اتفاقية جوبا للسلام.
 
وقبل يومين، حذّر رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ السيناتور روبرت مندينيز، الجيشَ السوداني من مغبة الانقلاب على العملية الديمقراطية.
 
وقال في تغريدة له إن الولايات المتحدة وحلفاءها يقفون بحزم وراء تطلعات الشعب السوداني إلى الانتقال إلى الديمقراطية بقيادة مدنية، ودعا الجيش إلى ضبط النفس، مطالبا السلطات السودانية بضمان سلامة المدافعين عن الحريات السياسية وحقوق الإنسان، ومحذرا من أن أي انقلاب ستكون له عواقب وخيمة.
 
وتحظر القوانين الأميركية تقديم أية مساعدات تنموية أو عسكرية أو مالية لأنظمة حكم تأتي إلى السلطة في صورة انقلاب عسكري.
 
وفي أول رد فعل رسمي لواشنطن على الأحداث في السودان، حثّت السفارة الأميركية في الخرطوم "الأشخاص الذين يعطّلون الانتقال إلى الديمقراطية" على السماح للحكومة التي يقودها مدنيون، بمواصلة عملها.
 

مستقبل العقوبات

وزاد الاهتمام الأميركي بالشأن السوداني خلال سنوات حكم الرئيس السابق دونالد ترامب، حيث رُفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، عقب الاتفاق على تعويض عائلات ضحايا "عمليات إرهابية" اعتُبر السودان مسؤولا عنها، تتعلق بتفجيري المدمرة "كول" وسفارتي واشنطن في كينيا وتنزانيا.
 
 
وكان مجلس الشيوخ الأميركي قد تبنى قرارا قبل تشكيل الحكومة السودانية الحالية، جاء فيه "إلى أن يتم الانتقال إلى حكومة مدنية ذات مصداقية وتعكس تطلعات الشعب السوداني، فإن عملية النظر في إزالة السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ورفع العقوبات المتبقية عليه، أو تطبيع العلاقات مع حكومة السودان، ستظل معلقة".
 
واعتبر بعض المعلقين أن واشنطن استغلت رغبة السودان في رفع اسمه من قائمة "الإرهاب" كمحفّز من أجل الدفع لتأسيس دولة ديمقراطية تتمكن من محاربة الإرهاب.
 
وقبل انتهاء حكم ترامب، رُفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب بعد 3 عقود، وأتاح هذا التطور له الخروج من عزلته وبدء تلقي مساعدات دولية.
 
وزار رئيس البنك الدولي ديفيد ميلباس العاصمة السودانية الشهر الماضي، وافتتح عددا من المشاريع التنموية، وسط تعهد بتقديم مليارات الدولارات لدعم الاقتصاد السوداني.
 
ورقة التطبيع مع إسرائيل

في هذه الأثناء، اعتبر بعض المراقبين أن انفتاح السودان على التطبيع مع إسرائيل قد يكون من الأدوات التي يستطيع الجيش السوداني استغلالها في دفع واشنطن للتعامل معه، وعدم تصنيف ما وقع انقلابا.
 
وقالت مديرة منظمة الديمقراطية في العالم العربي سارة واتسون إن الحكومة الأميركية ساعدت على تشويه سمعة الحكومة السودانية الانتقالية، وزعزعت استقرارها من خلال الضغط عليها للقبول باتفاقات "أبراهام" (اتفاقيات التطبيع) التي لا تحظى بشعبية كبيرة، مقابل إخراج السودان من قائمة الدول الإرهابية.
 
وأضافت واتسون للجزيرة نت "لقد أعطت الولايات المتحدة القوات العسكرية في السودان اليد العليا، والآن نرى العواقب".
 
وكانت حكومة حمدوك قد جمّدت التواصل مع إسرائيل، ولم تقم علاقات دبلوماسية كاملة معها. في وقت يرفض فيه أغلبية واسعة من الشعب السوداني التطبيع.
 
وأشار دبلوماسي أميركي سابق للجزيرة نت، أن الجيش السوداني قد يلعب ببطاقة التطبيع، إذ يطلب دعم إسرائيل له عند واشنطن، مقابل التطبيع معها.
 

المصدر: الجزيرة نت

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر