فلسطين تغرق في خيبة كبيرة بعد اعتقال آخر أسيرين من أبطال "نفق الحرية"

 
خيبة كبيرة أرخت أسدالها على مدينة جنين بشكل خاص وفلسطين بشكل عام بعد فجر طويل من الاقتحامات الإسرائيلية المتفرقة عاشتها مدينة ومخيم جنين كشفت عن قيام قوات الاحتلال باعتقال آخر أسيرين من عملية “نفق الحرية”.
 
وبعد 13 يوما من المطاردة التي اشترك فيها آلاف الجنود ومختلف وحدات الجيش الإسرائيلي وتقنيات تكنولوجية متطورة، تمكنت قوات الاحتلال من إعادة اعتقال الأسيرين أيهم كممجي ومناضل نفيعات في الحي الشرقي من مدينة جنين شمال الضفة الغربية.
 
وبذلك يكون الجيش قد اعتقل كافة الأسرى الفلسطينيين الستة الذي انتزعوا حريتهم من سجن جلبوع شديد التحصين قبل نحو أسبوعين.
 
والد الأسير أيهم كممجي تلقى اتصالا من ابنه في الساعة الثانية فجرا أخبره أنه محاصر وسيقوم بتسليم نفسه كونه لا يريد إيقاع الأذى بالعائلة التي تستضيفه.
 
وبحسب شهود عيان في الحي الشرقي من مدينة جنين، فإن قوات الجيش اقتحمت الحي وحاصرت منزلا فيه بالقرب من منطقة تحمل اسم “البيادر”، وطالبت بتسليم الأسيرين لنفسيهما، وهو ما تم بدون وقوع إصابات في صفوف قوات الجيش باستثناء إصابة 3 شبان خلال مواجهات متفرقة في المدينة.
 
وبحسب تصريحات صحافية، فإن والد الأسير أيهم كممجي تلقى اتصالا من ابنه في الساعة الثانية فجرا أخبره أنه محاصر وسيقوم بتسليم نفسه كونه لا يريد إيقاع الأذى بالعائلة التي تستضيفه.
 
وقال الوالد: “لقد اندهشت عندما علمت أني ابني في جنين، فعليا هذه هي المحادثة الأولى معه، كان لدينا أمل أن يكون في لبنان أو في الأردن، وكنا نتوقع سيناريوهات أصعب مثل أن يستشهد إضافة إلى اعتقاله”.
 
وأضاف الوالد: “ابني انتزاع حريته بأصابعه وعاش أسبوعين كاملات حر بإرادته”.
 

صفعة قوية

وبدا سكان المدينة وكأنهم تلقوا صفعة قوية بعد أن تفاجأوا بأخبار اعتقال الأسيرين، ولا سيما أنه لم يكن يعلم أحد بمكانهما ولم يعرفوا أن دوريات الاحتلال التي حاصرت واقتحمت مناطق محددة من الحارة الشرقية قد جاءت لاعتقال كممجي ونفيعات.
 
وبحسب شهادات مواطنين لـ”القدس العربي” فإن المدينة شهدت أكثر من عملية اقتحام لأكثر من منطقة متفرقة، وهو ما اعتبر بحسب مراقبين على أنه عملية تمويه من أجل ضمان الاعتقال من دون أي اشتباك عسكري مع الجنود.
 
وكان دخول قوات الاحتلال إلى المدينة من محاورة عدة، فيما حلقت أكثر من طائرة مسيرة فوق سماء المدينة طوال ساعات الليل.
 
وبحسب ما ذكر في صحف عبرية فإن كلمة “خديعة” كانت حاضرة في توصيف ما جرى، فكل بيانات الجيش والمخابرات الإسرائيلية استخدمت كلمة “الخدعة” في إشارة إلى عملية إلقاء القبض على الأسيرين.
 
ويقصد الاحتلال بهذا المصطلح أنه استطاع خداع الأسرى وأهالي جنين من أجل اعتقال الأسرى ضمن عملية معقدة وكبيرة وفي عموم مدينة جنين (فجرا) وفي عموما مناطق محافظة جنين خلال الأيام الخمسة الماضية من خلال محاولة إيهام النّاس بأحداث متفرقة وإرسال جنود إلى مناطق مختلفة بينما ذهبت قوات الأمن إلى البيت الذي مكث فيه الأسرى.
 
وبحسب تقديرات أمنية أشارت إلى أن قضية الأسيرين ستحل حتى يوم الأحد، وهي تدلل على وجود مؤشرات أن الاحتلال كان يعلم بمكان الأسيرين، لكنه كان يريد أن يضع خطة كاملة تضمن له اعتقالهما بهدوء، بحيث تضمن نهاية ملف الهروب كما رغب الاحتلال فيه أن يكون، أي أن تنفذ عملية اعتقال صامتة بدون أي خسائر بشرية.
 
المدينة شهدت أكثر من عملية اقتحام لأكثر من منطقة متفرقة، وهو ما اعتبر بحسب مراقبين على أنه عملية تمويه من أجل ضمان الاعتقال من دون أي اشتباك عسكري مع الجنود
 
وبحسب موقع “كلكليست” الإسرائيلي فإن التخطيط لعملية الخداع بدأ يوم الجمعة، حيث جلس طوال اليوم في غرفة هيئة الأركان كبار ضباط الأمن ، بينهم رئيس الأركان ورئيس الاستخبارات العسكرية، ورئيس الشاباك، حيث تم تخطيط العملية التي نجحت بفضل تكنولوجيا متقدمة لدى الشاباك”.
 
واعتبر نشطاء أن ما فعله الجيش الإسرائيلي من “خدعة” ليست فخراً لإسرائيل بقدر ما هي فخر لأهالي جنين، الذين لم يستطع الاحتلال رغم معرفته بوجود الأسرى أن يدخلها على مدار أسبوع إلا من خلال المخادعة والاحتيال.
 
مئات المواطنين تداولوا فيديوهات اقتحام المدينة على شبكات التواصل الاجتماعي، فيما حمل الصباح هرولة مئات المواطنين من مختلف أنحاء المدينة باتجاه المنطقة والبيت الذي اعتقل فيه الأسيران، وهو عبارة عن شقة مفروشة لعائلة أبو جعفر التي قدمت ابنها إيهاب الذي انتمى لكتائب شهداء الأقصى شهيدا عام 2010.
 
كما نشر بعض النشطاء صورة لباب المنزل وكتبوا: “نهاية القصة الجميلة كانت عند هذا الباب، هروب، اختفاء، أحلام، خيال، ثم صفعة النهايات”.
 
أما الفنان وعازف العود ابن مخيم جنين لؤي بلعاوي فقط كتب: “سقط الكلام في حضرة الخيبة” تعبيرا عن المشاعر المرة التي يعيشها بعد التأكد من خبر اعتقال الأسيرين.
 
مواطنة من جنين كتبت على صفحتها تقول: “وكأننا جمعياً اعتُقلنا، وكأن فلسطين احتُلت مرة أخرى، اه يا جنين اه”.
 
السخرية المُرة تجلت هذه المرة من خلال مواطن كتب متهكما: “قريباً سيكون بمقدور إسرائيل الإفراج عن غالبيه الأسرى، بسبب قدرتها الاستثنائية في الوصول لأي منهم بأي وقت وأي مكان”.
 
أما الناشط السياسي فخري جردات فقد وصف جنين بـ”المدينة التي لا تنكسر، وأبطالها متجددون باقون على العهد”. وتابع: “صحيح أنه أسدل الستار مؤقتا على مسرح خرب مهدم، وعلى بطولات فردية لم تجد في الجمهور ما يقابلها من استحقاق، وبالتالي المسرح تهدم وابطاله ذهبوا الى مصيرهم والجمهور نائم غافل عما جرى”.
 

مدواة الخيبة

أمام حالة اليأس والخيبة التي عاشها الشارع الفلسطيني، حاول بعض الكتاب والمثقفين تقديم حالة تشبه مداواة الجرح الذي أصاب سكان المدينة. ومن هؤلاء الصحافي عاطف أبو الرب الذي قال: “نحن نعيش في ظل احتلال بإمكانياته الهائلة وبضعفنا وعجزنا، نخشى الكثير من المواجهات معه، وهذا أمر طبيعي لكننا نصر على المواجهة في كل مناسبة حيث نعلي فيها صوتنا رفضا للاحتلال، بعضنا بكل أسف يحاول تحميلنا مسؤولية الخسارة لإطلاق اتهامات تخوين لطرف من بيننا وهو ما يساهم بتعهير مسيرتنا وتاريخنا”.
 
وأضاف: “اعتقال آخر أسيرين من أبطال النفق يعكس ضعفنا وقوة الاحتلال وليس غير ذلك، فلتخرس كل الاصوات التي تشكك بوطنيتنا”.
 
المحامي الدكتور أحمد الأشقر، وصف جنين بالحنونة التي احتضنت الأحرار وزمجرت وهددت، فعلت كل ما تستطيع، لكن مهما بلغت قدرة شبابها العزّل بالمقارنة مع ترسانة الاحتلال ومنظومته الاستخبارية، فإنها لن تستطيع حماية الأحرار، لكنها حاولت وأربكت وفتحت أبوابها للأحرار.
 
وتابع: “الاحتلال لئيم، فتح جبهة ذهبت بتركيز الجميع إلى منطقة بعيدة عن منطقة العملية الحقيقية، جنين تحت الاحتلال، براً وجواً، وهي تقبع تحت أعتى إمكانات التصنت ومراقبة الأقمار الصناعية في العالم، لا تحمّلوا جنين فوق طاقتها، لا تحمّلوا شعبنا الأعزل اليتيم فوق طاقته، نحن يتامى، بلا أب، ولا خيمة”.
 
وحاول بعض النشطاء تدارك محاولات الأجهزة الإسرائيلية وجهاز الشاباك الذي يريد هز صورة ونموذج جنين (والأسرى) في الوعي الجماعي الفلسطيني من خلال التركيز على التفاصيل صغيرة والإنسانية التي تملك كل مقومات قلب الصورة التي يريد تقديمها الاحتلال عن نفسه وعن الفلسطينيين، من خلال التركيز على وجود عائلة فلسطينية تحمي الأسيرين، وأن الأسيرين رفضا مواجهة الجنود مخافة الإضرار بالعائلة المضيفة.
 
الناشط السياسي عمر منصور قال: “كل ما حصل في جنين هذه الليلة وكل ما تنشره الصحافة الصهيونية، هدفه واحد وواضح وهو أن تهتز صورة جنين المقاومة في عيون شعبنا. وطالب المواطنين أن لا يكونوا عونا لهم، على اعتبار أن هذه مجرد جولة، والحرب جولات.
 
ويعود سبب شعور المرارة القاسي الذي تعيشه محافظة جنين بالإضافة إلى الأسيرين الذين ينتميان للمدينة للقيمة الرمزية والمعنوية التي أصبحت ترتبط بهذين الأسيران، ولكون المدينة تعهدت بحماية الأسيرين في حال ما وصلا أرضها.
 
وكانت فصائل مسلحة قد شكلت غرفة عمليات مشتركة في محاولة الرد على تهديدات قوات الاحتلال باقتحام المخيم والمدينة بعد أن سرب الاحتلال أخبار تفيد بأن الأسرى وصلا المدينة بعد اجتيازهم الخط الأخضر.


المصدر: القدس العربي

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر