تركيا تستبعد نهاية سريعة للتوغل في سوريا ومقتل 11 شرطيا في هجوم بشاحنة ملغومة

[ حاملات جنود مصفحة تصاحب مركبات عسكرية على الحدود التركية السورية(رويترز) ]

قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم يوم الجمعة إن القوات التركية ستبقى في سوريا ما يلزم من الوقت لتطهير المنطقة الحدودية من تنظيم الدولة الإسلامية وغيره من المسلحين بعد مقتل 11 ضابط شرطة على الأقل في هجوم للمسلحين الأكراد بشاحنة ملغومة.

 

يأتي الهجوم الانتحاري الذي استهدف مقرا للشرطة في إقليم يقع على الحدود مع سوريا والعراق بعد يومين من أول توغل عسكري كبير لتركيا في الأراضي السورية. ويستهدف التوغل طرد مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية من المنطقة الحدودية ومنع المقاتلين الأكراد من السيطرة على مزيد من الأراضي.

 

في الوقت نفسه سعى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري ونظيره الروسي سيرجي لافروف خلال اجتماع بينهما في جنيف يوم الجمعة للتوصل إلى اتفاق لقتال الإسلاميين المتشددين في سوريا. ومن شأن مثل هذا الاتفاق نظريا أن يمهد الطريق أمام عملية انتقال سياسي تنهي الصراع المستمر منذ خمس سنوات.

 

وشهدت تركيا سلسلة من التفجيرات الدموية هذا العام اتهمت الجماعات الإسلامية المتشددة بالمسؤولية عنها لكنها تخشى أن تسيطر المجموعات المسلحة الكردية السورية على مساحات من المناطق الحدودية مما يعزز قوة المسلحين الأكراد على أراضيها.

 

وقال الرئيس التركي طيب إردوغان إن التفجير في إقليم شرناق لن يؤدي إلا لزيادة عزم بلاده على قتال المتشددين في الداخل والخارج. وقال يلدريم إنه ما من شك في أن حزب العمال الكردستاني مسؤول عن الهجوم.

 

وفي وقت لاحق أعلن حزب العمال الكردستاني في بيان على الإنترنت مسؤوليته عن الهجوم الذي استهدف مقر الشرطة في جنوب شرق تركيا يوم الجمعة.

 

وقال يلدريم في مؤتمر صحفي في اسطنبول "منذ البداية كنا ندافع عن وحدة أراضي تركيا .. نحن أيضا ندافع عن وحدة أراضي سوريا. إن هدف هذه التنظيمات الإرهابية هو تأسيس دولة لهم في هذه الدول.. لن ينجحوا في ذلك أبدا."

 

وأضاف "سنستمر في عملياتنا (في سوريا) حتى نضمن بالكامل أمن حياة وممتلكات مواطنينا وأمن حدودنا. سنستمر حتى اقتلاع داعش وغيرها من العناصر الإرهابية من هناك."

 

واستنكرت سوريا العملية التركية التي أطلق عليها اسم درع الفرات واعتبرتها انتهاكا لسيادتها.

 

وتوغلت القوات الخاصة التركية مدعومة بدبابات ومقاتلات في الأراضي السورية دعما لمقاتلين من المعارضة السورية -معظمهم من التركمان والعرب- مما مكنهم من السيطرة سريعا على مدينة جرابلس الحدودية من تنظيم الدولة الإسلامية يوم الأربعاء.

 

وقال شهود من رويترز إن المركبات العسكرية التركية كانت تتنقل من وإلى الأراضي السورية يوم الجمعة في الوقت الذي كانت فيه التفجيرات تدوي حول معبر قرقميش البري بينما كانت قوات الأمن التركية تحاول إزالة الألغام والمتفجرات التي خلفها مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية.

 

وقالت مصادر محلية تركية إن اسماعيل متين قائد الحيش التركي الثاني المسؤول عن الحدود مع سوريا والعراق زار جرابلس يوم الجمعة.

 

أسابيع أو أشهر

ولم تظهر تركيا إشارة تذكر حتى الآن على انسحاب سريع من سوريا. وقال نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي التقى إردوغان خلال زيارة لتركيا يوم الخميس إن تركيا مستعدة للبقاء في سوريا مهما استغرق ذلك من وقت لتدمير الدولة الإسلامية.

 

وقال قائد بالمعارضة السورية المسلحة التي سيطرت على جرابلس من تنظيم الدولة الإسلامية إن المعارضة تهدف إلى التحرك غربا في المرحلة القادمة من عمليتها المدعومة من تركيا وهو تقدم قد يستغرق عدة أسابيع أو أشهر لإنجازه.

 

وقال القيادي العقيد أحمد عثمان لرويترز متحدثا من جرابلس إن الأولوية الآن هي التقدم غربا لمسافة نحو 70 كيلومترا إلى بلدة مارع التي كانت لفترة طويلة تمثل خطا للمواجهة مع تنظيم الدولة الإسلامية

 

وسعت تركيا طويلا لحشد التأييد لإقامة "منطقة عازلة" في شمال سوريا تسيطر عليها ما تعتبرها المعارضة المعتدلة وربما تهدف لإنشائها على المنطقة الحدودية التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية حاليا وتمتد 80 كيلومترا غربي جرابلس.

 

وقال مسؤولون أتراك إنه في حالة طرد التنظيم المتشدد من المنطقة سيُحرم من طريق تهريب يسلكه المقاتلون الأجانب الذين يريدون الانضمام إلى صفوفه كما ستقام منطقة آمنة للمدنيين النازحين مما يساعد على وقف تدفق المهاجرين واللاجئين.

 

وأوضح المسؤولون أن هذا الاقتراح بات أكثر إلحاحا منذ أن بدأت أنقرة تطبيق اتفاق أبرمته مع الاتحاد الأوروبي لوقف الهجرة غير الشرعية في وقت سابق من هذا العام.

 

وقال يلدريم في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس وزراء بلغاريا الزائر "الوضع في العراق وسوريا يتفاقم".

 

وأضاف "نحن نجتث تنظيم الدولة الإسلامية وغيره من العناصر الإرهابية في شمال سوريا حتى لا يضطر السكان هناك لمغادرة منازلهم. لكن يجب التعامل مع القضية بشكل شامل على مستوى الاتحاد الأوروبي. نحتاج لحلول سريعة."

 

وأودى الصراع المستمر منذ خمس سنوات في سوريا بحياة 250 ألف شخص على الأقل وأجبر نحو خمسة ملايين على الهرب من البلاد الكثير منهم إلى تركيا. وتقدر الأمم المتحدة عدد النازحين داخل سوريا بنحو 6.5 مليون شخص.

 

وأنهى اتفاق أبرم يوم الخميس واحدة من أطول المواجهات في الصراع السوري بعد الاتفاق على إجلاء أربعة آلاف من المدنيين و700 مقاتل من ضاحية داريا المحاصرة.

 

وحاصر الجيش السوري المقاتلين والمدنيين في داريا ومنع وصول المساعدات الغذائية والطبية إليها منذ 2012 وقصف المنطقة بشكل متكرر. وكانت داريا واحدة من أولى المناطق التي شهدت مظاهرات سلمية ضد الرئيس السوري بشار الأسد.

 

وقال الكرملين إن إردوغان الذي يدعم الإطاحة بالأسد تحدث هاتفيا يوم الجمعة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين الذي يدعم الأسد وشددا على أهمية القتال المشترك ضد الإرهاب.

 

 

مصالح متضاربة

ويشكل التفجير الانتحاري في بلدة الجزيرة في جنوب شرق تركيا تذكرة جديدة بالمخاطر التي تواجه أنقرة مع انزلاقها بشكل أعمق في الصراع السوري وما يستتبع ذلك من هجمات انتقامية من جانب المقاتلين الأكراد وتنظيم الدولة الإسلامية.

 

وقال مكتب حاكم إقليم شرناق إن 11 ضابط شرطة قتلوا وأصيب 78 بينهم ثلاثة مدنيين.

 

وتصاعدت أعمدة الدخان الضخمة من مكان الانفجار وأظهرت الصور انهيار مبنى ضخم يتألف من ثلاثة طوابق بالكامل وتحوله إلى ركام.

 

وتعتبر تركيا حزب العمال الكردستاني على صلة قوية بوحدات حماية الشعب الكردية السورية غير أن واشنطن تدعم المقاتلين الأكراد السوريين في حملة منفصلة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في شمال سوريا.

 

وأطلقت القوات التركية النار على مقاتلي وحدات حماية الشعب جنوب جرابلس يوم الخميس مما سلط الضوء على تضارب مصالح الحليفين في حلف شمال الأطلسي.

 

وقال نائب رئيس وزراء تركيا نعمان قورتولموش في تعليق على تويتر يوم الجمعة إن متشددي تنظيم الدولة الإسلامية وحزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية يهاجمون تركيا في محاولة لاستغلال محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة التي جرت الشهر الماضي.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر