قناة السويس.. ماهي الدروس المستفادة من أزمة "إيفر جيفن" في الداخلي المصري ودوليا؟

رغم النهاية السعيدة للأزمة التي دامت ستة أيام، والتي علقت فيها سفينة الحاويات العملاقة "إيفر جيفن" في قناة السويس، وأدت إلى انسداد شريان الملاحة البحرية الأكثر أهمية دوليا، فإن الحاجة تبدو ملحة الآن، لاستيعاب الدروس التي أفرزتها الأزمة، سواء على الصعيد المصري الداخلي أو على الصعيد الدولي.
 
وبينما أثبتت الأزمة التي أرهقت العالم على مدار أيام، مدى أهمية قناة السويس لنقل التجارة الدولية، إذ تحظى بنصيب يصل إلى 12% منها، فإنها فتحت الباب مجددا، للحديث عن مشاريع منافسة وبديلة للقناة، من قبل عدة أطراف اقليمية ودولية، كما فتحت الباب أيضا أمام مراجعات من قبل السلطات المصرية في الداخل، حول ضرورة امتلاك تقنيات جديدة، ومعدات أكثر تطورا في مجالات القطر والشحن والتفريغ، هذا بجانب الدرس الذي تحدث عنه كثيرون، والمتعلق بضرورة التزام أسلوب إداري أكثر شفافية، في إدارة الأزمات.
 
داخليا
 
ربما عكس حديث الفريق مهاب مميش، الرئيس السابق لهيئة قناة السويس، عن الدروس المستفادة، من أزمة جنوح السفينة "إيفرجيفن" في المجرى الملاحي للقناة، الجانب الأهم من دروس الأزمة، إذ قال مميش في تصريحات لقناة تليفزيونية محلية، إن "الأزمة أوضحت أننا نحتاج إلى أوناش كبرى، تستطيع أن ترفع الحاويات الكبرى، على السفن الضخمة وهي أوناش لا تمتلكها القناة حاليا".
 
وأضاف مميش في حديثه "نحتاج أيضا لقاطرات أقوى من التي نمتلكها حاليا، لأن أحجام السفن أصبحت عملاقة، وهناك تحديث دائم في بناء السفن؛ يجب أن تقوم الهيئة بتحديث أسطول الإنقاذ لديها".
 
ورغم ما قيل عن أن الإجراءات التي اتبعتها سلطات القناة، في عملية تعويم السفينة الجانحة، كان صحيحا مئة بالمئة، إلا أنه كان من الواضح، عدم توافر قاطرات ذات قدرة هائلة لدى القناة، وهو ما أدى إلى عدم التمكن من تحريك السفينة، وهو ما نجحت فيه أخيرا شركة "سميت سالفدج" الهولندية للإنقاذ البحري.
 
وبعيدا عن الحاجة إلى وسائل ومعدات أكثر تطورا، كدرس من دروس الأزمة، فإن كثيرين تحدثوا أيضا عن درس آخر، يتعلق بأساليب الإدارة، وقد أخذ بعض المنتقدين على إدارة القناة، تأخرها الواضح في الكشف عن مجريات ما يحدث، داعين إلى ضرورة أن تتعامل السلطات في مصرمع قناة السويس، كممر عالمي وباسلوب إداري يختلف عن أسلوب تعاملها مع القضايا الداخلية.
 
ويعتبر المنتنقدون لأسلوب إدارة هيئة قناة السويس للأزمة الأخيرة، أنه من غير المعقول، أن يعقد رئيس هيئة القناة، أول مؤتمر صحفي له عن الأزمة، بعد خمسة أيام من جنوح السفينة، في وقت كانت وسائل الإعلام العالمية، تعج فيه بالأخبار والتحليلات، عن انسداد القناة بفعل جنوح السفينة، وتأثير ذلك على حركة التجارة البحرية العالمية.
 
وقد نال الإعلام المصري أيضا، جانبا كبيرا من الانتقادات المتعلقة بالشفافية، إذ رأى كثيرون أنه سعى للتعتيم على الحادث، ولم يورد أية معلومات دقيقة عما يجري، في حين وصل الأمر ببعض هذا الإعلام، إلى نشر معلومات غير حقيقية، تحدثت عن تعويم السفينة، وفتح المجرى الملاحي مجددا، في وقت كانت فيه جهود تعويم السفينة تراوح مكانا وكان انسداد المجرى الملاحي في ذروته.
 
دوليا
 
رغم ما يجمع عليه خبراء دوليون، من أن الأزمة الأخيرة لانسداد قناة السويس، أظهرت أن القناة ماتزال تمثل رقما صعبا في النقل البحري، وأنها لا تزال الأرخص في نقل السلع والبضائع، وفي مقدمتها الطاقة من نفط وغاز ووقود، إلا أن تداعيات الأزمة، ربما تمتد على المديين القصير والطويل، بالنسبة لشركات النقل البحري العالمي، التي يقول خبراء، إنها قد تشرع في اقامة دعاوى قضائية أمام المحاكم، للمطالبة بتعويضات، قد تصل إلى عدة مليارات من الدولارات، لتغطية الخسائر التي تكبدها أصحاب البضائع وسفن الشحن، التي تعطلت رحلاتها بسبب الأزمة الأخيرة.
 
وبعيدا عن تداعيات الأزمة على المدى القصير، فإن الأزمة أحيت محاولات، لدول وقوى إقليمية ودولية، كان قد جرى الحديث عنها منذ وقت طويل، بشأن شق قنوات بديلة لقناة السويس، ورغم إجماع العديد من الخبراء، على عدم قدرة أي قناة بديلة، على منافسة قناة السويس، إلا أن أصحاب تلك المشاريع البديلة ما يزالون على مايبدو متشبثين بمشاريعهم.
 
وكان لافتا، ماقاله سفير إيران لدى موسكو قاسم جلالي، يوم الأحد 28 آذار/مارس، وخلال أزمة جنوح السفينة في قناة السويس، إذ دعا إلى تفعيل ممر "شمال - جنوب" الدولي، بديلا عن قناة السويس، قائلاً إنه يختصر زمن وتكاليف الشحن الدولي بنسب كبيرة.
 
وكان مشروع هذا الممر، قد طرح قبل عدة سنوات، وهو يستهدف ربط عاصمة الهند التجارية "مومباي"، بإقليم أوراسيا مترامي الأطراف في قارتي أوروبا وآسيا، ويتضمن شبكة متعددة للطرق، تبلغ 7.2 آلاف كيلومترا، من السكك الحديدية، والطرق البرية.
 
ومن المشروعات الأخرى البديلة التي يجري الحديث عنها، قناة "بن غوريون" الاسرائيلية، التي تربط بين البحرين الأحمر والمتوسط ، والتي يروج الإسرائيليون، على أنها تمثل البديل لقناة السويس، إذ يقولون بأن المسافة بين إيلات والبحر المتوسط ليست بعيدة، وتساوي تماما، المسافة التي تقطعها السفن في قناة السويس بين البحرين، وتستهدف خطة المشروع الإسرائيلي القديم، بجانب إيجاد ممر بديل عن قناة السويس، إنشاء مدن وفنادق ومطاعم ونواد ليلية حول الممر.
 
وتدخل روسيا أيضا سباق القنوات البديلة لقناة السويس، عبر طرحها لمشروع الممر البحري الشمالي، الذي يروج له الرئيس فلاديمير بوتين بنفسه منذ فترة، كطريق ملاحي على طول الساحل القطبي الروسي، مع توفير الضمانات الكافية، للأمان والسلاسة وانخفاض التكلفة، وقد عادت موسكو الخميس 25 آذار/مارس طرح الممر البحري الشمالي "بديلا" عن قناة السويس. مستغلة الازدحام في القناة لبعث مشروعها.
 
البديل ليس سهلا
 
ورغم تعدد المشروعات البديلة لقناة السويس، إلا أن جانبا من الخبراء، يرون أن إنجاز تلك المشروعات، لن يكون أمرا سهلا، وأن معظمها يحتاج إلى استثمارات هائلة، تتكلف عشرات المليارات من الدولارات، إضافة إلى أنها قد تستغرق وقتا طويلا جدا في إنجازها، ويخلصون إلى أن قناة السويس، ستظل لسنوات طويلة شريانا حيويا للنقل البحري العالمي، وأن منافسوها لن يقدروا على إزاحتها من موقعها.

المصدر: بي بي سي

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر