واشنطن تعلن التخلص من أشلاء البغدادي وتكشف عن ضبط رجلين كانا برفقته

 
قال الجنرال مايك ميلي رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، الإثنين 28 أكتوبر/تشرين الأول 2019، إن السلطات الأمريكية تخلصت من أشلاء زعيم تنظيم «الدولة الإسلامية» أبو بكر البغدادي، ولا تعتزم نشر صور أو لقطات مصورة لعملية قتله، في الوقت الحالي.
 
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قال في مؤتمر صحفي، أمس الأحد، إن البغدادي فجَّر حزاماً ناسفاً، ليقتل نفسه عندما اقتربت منه القوات الأمريكية.
 
وقال الجنرال ميلي، للصحفيين في إفادة صحفية بمقر وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون): «عملية التخلص من أشلائه اكتملت وأُجريت بالشكل الملائم».
 
وأشار إلى أن القوات الأمريكية المسؤولة عن قتل البغدادي ضبطت رجلين خلال عملية استهداف البغدادي، وهما في مركز احتجاز أمريكي.
 
ويعد مقتل أبو بكر البغدادي، زعيم تنظيم «الدولة الإسلامية»، إنجازاً يُحسب للرئيس دونالد ترامب، ربما يسهم في تخفيف الانتقادات المتزايدة بصفوف أنصاره، لكن من المستبعد أن يهدِّئ كثيراً التحقيق في تعاملاته مع أوكرانيا.
 
لم يكن من الممكن أن تحدث هذه العملية في وقت أفضل من ذلك بالنسبة لترامب، الذي يواجه تحقيقاً يرمي إلى عزله ويجريه الديمقراطيون في مجلس النواب، حيث يقولون إن محاولته إقناع أوكرانيا بالتحقيق في تصرفات منافسه السياسي جو بايدن، تمثل سوء استغلال للسلطة، ربما عرَّض الأمن الوطني للخطر.
 
كما تعرَّض ترامب لانتقادات حادة من الجمهوريين والديمقراطيين على السواء، بسبب قراره المفاجئ سحب القوات الأمريكية من شمال شرقي سوريا، وهو القرار الذي فتح الباب أمام اجتياح تركي لاستهداف الأكراد حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.
 
وقال لانهي تشين الباحث بمؤسسة هوفر والذي عمِل مستشاراً لحملة ماركو روبيو في انتخابات الرئاسة عام 2016 وحملة ميت رومني في 2012: «لا أعتقد أن هذا الحدث يغير بالضرورة مسار حياتنا السياسية بأي شكل من الأشكال، لكنه من دون شكٍّ انتصار هائل للرئيس».
 
وسيكون بمقدور ترامب، الذي يسعى للفوز بفترة رئاسة ثانية في الانتخابات المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، التباهي بنجاح العملية خلال الدعاية الانتخابية، باعتبارها سبباً آخر لبقائه في منصبه، بالإضافة إلى موقفه المتشدد من الهجرة غير الشرعية، وسجلّه على صعيد الاقتصاد.
 
ولم يستطع ترامب إخفاء فرحته، فنوَّه عن الحدث بتفاخره المعتاد في تغريدة، قال فيها: «شيء كبير للغاية حدث للتو»، مساء السبت الماضي، بعد دقائق -فيما يبدو- من عودة القوات الأمريكية الخاصة سالمةً إلى قاعدتها.
 
وإدراكاً منه لما أُتيح له فجأة من رصيد سياسي، أعلن ترامب النبأ، الأحد، من غرفة الاستقبالات الدبلوماسية في البيت الأبيض وهو يقف أمام أعلام الحرب، التي نُقلت خصوصاً لهذه المناسبة من المكتب البيضاوي.
 
وقدَّم ترامب تفاصيل دقيقة -بل مروعة في بعض الأحيان- عن موت البغدادي والغارة التي زعم أنها «أكبر» من عملية قتل أسامة بن لادن، زعيم تنظيم القاعدة، في عام 2011.
 
وبعد ذلك وزَّع البيت الأبيض كبار المساعدين المختصين بالأمن القومي على البرامج الحوارية التلفزيونية ليوم الأحد، للحديث عن الغارة وأهميتها للأمن القومي.
 
وأدى النبأ إلى طوفان من الإشادات من كبار الجمهوريين، ومن ضمنهم السيناتور لينزي غراهام، حليف ترامب الوثيق الذي وجَّه انتقادات قاسية إلى قرار الرئيس الانسحاب من سوريا.
 
وقال غراهام للصحفيين خلال إفادة ثانية في البيت الأبيض: «هذا سيغير قواعد اللعبة. هذه لحظة يجب أن نفخر فيها جميعاً بجيشنا الأمريكي ومؤسسات مخابراتنا. إنها لحظة يقول فيها أشد منتقدي الرئيس ترامب: (أحسنت يا سيادة الرئيس)».
 
كما أشاد السيناتور ميتش مكونيل، زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، الذي سبق أن انتقد قرار الانسحاب من سوريا بشدة، بنبأ مقتل البغدادي وقال إنه يشعر بالامتنان «للرئيس ترامب وفريقه على أسلوبهم في القيادة».
 
بل إن السيناتور كيت رومني، أشد الجمهوريين انتقاداً لترامب، نشر تغريدة شكر فيها الرئيس على إرسال البغدادي إلى «جهنم».
 
وأدى النبأ إلى هدنة قصيرة مع الديمقراطيين، الذين يأملون الفوز على ترامب في انتخابات 2020 إذا لم يستطيعوا عزله من المنصب قبل ذلك.
 
فتلقى ترامب التهنئة من عدد من كبار الديمقراطيين، منهم السيناتور جيان شاهين عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، والنائب حكيم جيفريز رئيس الهيئة البرلمانية للديمقراطيين في مجلس النواب.
 
غير أن كثيرين سارعوا للإشارة إلى أن مقتل البغدادي لا يمثل نهاية تنظيم «الدولة الإسلامية»، وأن ترامب لا يملك استراتيجية في المنطقة، بل انتقدوا الرئيس، لخروجه عن العرف بتقاعسه عن إطلاع جميع قيادات الكونغرس، التي يطلق عليها اسم «عصابة الثمانية»، قبل الغارة.
 
وكان ترامب قد تعمد، الأحد، الإشارة إلى أنه لم يبلغ نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب خصمه الرئيسي من الديمقراطيين والتي أدت دوراً رئيسياً بالتحقيق في تعاملاته بأوكرانيا بهدف عزله، وعزا ذلك إلى مخاوفه من تسرب المعلومات وتعريض حياة الجنود الأمريكيين للخطر.
 
وقالت بيلوسي في بيان أشادت فيه بالقوات المسلحة: «لا بد من إطلاع المجلس على هذه الغارة، التي تم إخطار الروس بها مسبقاً دون قيادات الكونغرس الكبرى، وكذلك على استراتيجية الإدارة عموماً في المنطقة».
 
ومن المستبعد أن يصرف سقوط البغدادي أنظار النواب عن تحقيق العزل، الذي اكتسب زخماً في أعقاب سلسلة من الشهادات الضارة بموقف ترامب والتي يسعى الجمهوريون على نحو متزايد، لتفنيد ما جاء فيها.
 
وقال السيناتور جون ثون، ثاني أكبر الجمهوريين بمجلس الشيوخ، للصحفيين في أعقاب شهادة أدلى بها دبلوماسي أمريكي رفيع، بجلسة مغلقة، الأربعاء الماضي، إن الصورة التي يعكسها التحقيق «ليست طيبة»، وذلك في علامة محتملة على تراخي التأييد الجمهوري لترامب.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر