ترامب يواجه الصين بالإيغور.. تعيين مسلمة إيغورية في مجلس الأمن القومي

في الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات الدولية والحقوقية المنددة بالمعاملة اللاإنسانية التي تتلقاها أقلية الإيغور المسلمة في الصين من الحكومة دون تدخل فعال، لجأت الولايات المتحدة إلى تحرك بسيط لكنه ينطوي في مضمونه على قدر كبير من التحدي للحكومة الصينية، ربما ستكون له تبعات غير متوقعة، بحسب تقرير حصري لمجلة Foreign Policy الأمريكية.
 
ذكرت المجلة في تقريرها أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عينت جامعية أمريكية إيغورية، لتكون المسؤولة عن شؤون الصين بمجلس الأمن القومي، في خطوة رمزية قد تؤثر في المحادثات وربما العلاقات بين البلدين.
 
ونقل التقرير عن مسؤولين أمريكيين حاليين وسابقين قولهم للمجلة، إنه جرى تعيين إلنيغار إلتبير، الجامعية من كلية كينيدي بجامعة هارفارد وابنة أحد المثقفين والصحفيين الإيغور البارزين، مؤخراً، في منصب بالبيت الأبيض.
 
وأرجع التقرير عدم الإعلان عن الأمر إلى التوجه السائد في عهد الرئيس ترامب بتجنب الإعلانات العامة المتعلقة بتعيينات مجلس الأمن القومي.
 
ووفقاً لما ذكرته المجلة، سوف تُكلَّف إلتيبير بمنصبها الجديد المساعدة في إدارة سياسة الولايات المتحدة إزاء الصين، وهي إحدى أهم أولويات إدارة ترامب في الوقت الراهن، مضيفة أن ذلك يشمل القضايا المتعلقة بالتجارة، والأمور العسكرية وحقوق الإنسان.
 
وتنحدر أصول عائلة إلتيبير، بحسب المجلة، من منطقة شينجيانغ شمال غربي الصين، حيث تُتهم بكين بشنّ حملة إبادة ثقافية ضد قاطني المنطقة من أقلية الإيغور ذات الأغلبية المسلمة.
 
ونقلت المجلة عن فرانشيسكو بينكوسمي، مدير أنشطة كسب التأييد في برنامج منطقة آسيا والمحيط الهادئ بالفرع الأمريكي لمنظمة العفو الدولية، قوله: «من المحتمل للغاية أن نرى مفاوضات بين الإيغور ومسؤولين عن حكومة الصين».
 
وخلال السنوات الأخيرة، ووفقاً لتقديرات وزارة الخارجية الأمريكية، نقلاً عن وسائل الإعلام وهيئات مراقبة حقوق الإنسان، احتجزت الصين ما بين 80 ألفاً ومليوني شخص من طائفة الإيغور، والمجموعة الكازاخية العرقية، وغيرهم من الأقليات المسلمة من ذوي العرقيات المختلفة، في معسكرات اعتقال، بحسب المجلة.
 
وظل المحتجزون في تلك المعسكرات فترات طويلة دون محاكمة، وتعرضوا للتعذيب وأشكال أخرى من سوء المعاملة. كما دمّرت السلطات الصينية عشرات المساجد في منطقة شينجيانغ، حيث تتعرض الأقلية المسلمة لقمع شديد ومتواصل، وكل ذلك تحت ستار مكافحة التطرف الديني المزعوم.
 
وبحسب مجلة Foreign Policy، فقد ورد في الصفحة الخاصة بإلتيبير على موقع «لينكد إن»، أنها ارتادت جامعة جورج واشنطن وكلية كينيدي بجامعة هارفارد قبل أن تحصل على الدكتوراه في الأمن الدولي والسياسة الاقتصادية من جامعة ميريلاند عام 2015.
 
وذكرت المجلة أن إلتيبير لم تردَّ على طلبات التعليق على أخبار تعيينها، ورفض أيضاً مجلس الأمن القومي التعليق على الأمر.
 
ويقول بينكوسمي، وفقاً لما نقلته المجلة، إن تعيين شخص من أصل إيغوري في مجلس الأمن القومي يضفي تنوعاً مهماً وبصيرة هائلة لمجلس الأمن القومي، غير أن الاختبار الحقيقي هو أن تُتبِع الإدارة خطوتها تلك بسياسات من شأنها مساعدة المجتمع الإيغوري.
 
وأضاف أن تلك السياسات تتضمن «محاسبة المسؤولين الصينيين، أو رفع ما يحدث في شينجيانغ إلى أعلى المستويات الدولية، أو دعم المجتمع المحلي الذي يتعرض للتضييق والمضايقة من المسؤولين الصينيين».
 
كان كبار المسؤولين في إدارة ترامب، ومن ضمنهم وزير الخارجية مايك بومبيو، أدانوا مراراً وتكراراً ممارسات الحكومة الصينية. وقال بومبيو عن معاملة الصين للإيغور خلال مؤتمر الحرية الدينية، الشهر الماضي: «تشهد الصين على واحدة من أسوأ أزمات حقوق الإنسان في عصرنا الحديث، إنها حقاً جريمة القرن».
 
لكن إدارة ترامب نحّت تلك القضية جانباً لحساب أولويات سياسية أخرى مع بكين، وفقاً للمجلة، التي أشارت إلى أنه في أواخر العام الماضي، ألغت إدارة ترامب خططها لفرض عقوبات على الصين، لتجنب تعطيل المحادثات التجارية عالية المستوى والحساسة بين البلدين.
 
وفي يونيو/حزيران، كان من المقرر أن يعلن نائب رئيس الولايات المتحدة، مايك بنس، عن عقوبات على شركات المراقبة الصينية الضالعة في انتهاكات حقوق الإنسان، لكن ترامب أجّل كلمة نائبه إلى أجَل غير مسمّى، لتجنُّب غضب نظيره الصيني قبل اجتماعهما في قمة مجموعة العشرين الشهر التالي، بحسب  وكالة Bloomberg الأمريكية.
 
وأشارت Foreign Policy إلى أن أول تصريح علني للرئيس ترامب حول معاملة الصين للإيغور كان في الشهر الماضي، خلال اجتماعه بعدد من ضحايا الاضطهاد الديني من عدة بلدان.
 
عندما قالت جوهر إلهام، ابنة أحد علماء الإيغور البازين، إنها لم ترَ والدها منذ عام 2013، وإن هناك ما بين مليون إلى ثلاثة ملايين شخص محتجزين فيما وصفته بمعسكرات الاعتقال وأسرى الحرب، رد عليها ترامب متسائلاً: «أين ذلك؟ أين ذلك داخل الصين؟»، ثم أضاف لاحقاً إنه «لأمر صعب» بالنسبة للعائلات الذين اختفى أقاربهم في شينجيانج.
 
وتنفي الحكومة الصينية تهم الاحتجاز الجماعي، وتصر على أن تلك المعسكرات المزعومة مجرد مراكز للتدريب والتعليم، وتهدف جزئياً إلى التصدي لظاهرة التطرف الإسلامي في شينجيانغ.
 

ترجمة: عربي بوست

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر