لماذا طلبت القاهرة من قناة «CBS» عدم بث مقابلة الرئيس السيسي؟

«الرئيس شكله طالع مش حلو، خليهم ما يذيعوش».. بهذه الكلمات تحديداً أخطر اللواء عباس كامل رئيس جهاز المخابرات المصرية المقرب من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ياسر رضا، سفير مصر في الولايات المتحدة الأمريكية، للتقدم بإخطار لقناة CBS الأمريكية بعدم إذاعة الحلقة، بحسب مصدر بالرئاسة المصرية.
 
وكشفت القناة الأمريكية يوم الخميس 3 يناير/كانون الثاني، أن السفارة المصرية في واشنطن أرسلت لها طلباً بعدم نشر مقابلة السيسي . ولم تذكر القناة الأمريكية ردها على السفير المصري، إلا أنها أعلنت على موقعها أن المقابلة ستُبث في موعدها المقرر مساء الأحد، 6 يناير/كانون الثاني.
 
تعود القصة إلى سبتمبر/أيلول 2018، حين نجحت قناة CBS الدولية في إقناع الإدارة المصرية بالتسجيل مع الرئيس السيسي في برنامج 60 minutes، الذي يقدمه المذيع الأمريكي المعروف سكوت بيللي.
 
في البداية، وقبل هذا، طلبت الرئاسة المصرية من إدارة البرنامج إرسال الأسئلة لتتم مراجعتها في مصر قبل التسجيل، لكن إدارة البرنامج ردَّت عليهم بأن هذا يتعارض مع سياسة البرنامج المتعلقة بالحوارات التي يجرونها مع الضيوف، وأنهم لا يستطيعون تلبية هذا الطلب، مما جعل مصر ترفض التسجيل وقتها.
 
وبعد مفاوضات استمرت عدة أسابيع، اقتنعت الإدارة المصرية بوجهة نظر البرنامج، أن الرئيس السيسي من المهم له الظهور في هذا البرنامج، الذي سبق أن ظهر فيه العاهل الأردني الملك عبدالله، والأمير محمد بن سلمان ولي عهد السعودية.
 
من وجهة نظر الإدارة المصرية، فإن ظهوره بالبرنامج مهم، ويعزز صورته كرجل قوي، وأحد أقوى رجال الشرق الأوسط الفاعلين، مع تأكيد من القناة للرئاسة المصرية، أنه سيلاقي معاملة تليق بمكانته. وانتهت المفاوضات بالفعل بموافقة الجانب المصري على التسجيل، وهو ما تم خلال زيارة الرئيس المصري للولايات المتحدة، في الفترة من 21 إلى 27 سبتمبر/أيلول 2018.
 
وعلم «عربي بوست» من مصادر مطلعة في الرئاسة المصرية، أن موعد إذاعة الحلقة بداية عام 2019، متفق عليه من حينها، وليس مفاجئاً. لذلك رُوعي أن تغطي الأسئلة الخطوط الرئيسية من شخصية الرئيس، ومواقف مصر من القضايا الكلية والأحداث الرئيسية، وليس أحداثاً آنية، وهو ما ظهر في الفيديو الدعائي الذي نشرته القناة.
 
وأضاف المصدر: «ليس صحيحاً ما يُقال بأن مصر اعترضت على إذاعة الحوار بسبب ما قاله الرئيس، هذا ليس صحيحاً تماماً». ولم توضح قناة CBS بالتفصيل طلب السفير المصري، لكنها قالت فقط إنَّ إجابات السيسي «لم تكن من نوعية الأخبار التي ترغب حكومته في عرضها».
 
وأوضح المصدر بالرئاسة المصرية، أن ما قاله الرئيس بخصوص إسرائيل مكرر، وقيل مراراً على لسان الرئيس، الذي صرَّح في الأمم المتحدة سلفاً بحق المواطن الإسرائيلي في حياة آمنة، فضلاً عن أن التعاون الاستخباراتي في سيناء مع إسرائيل ليس سراً.
 
أيضاً ما قيل بخصوص ملف الحريات والمعتقلين السياسيين ليس جديداً، ولا يمثل إحراجاً للرئيس مطلقاً، فقد سبق أن قال السيسي نفس الكلام أثناء مؤتمره الصحافي مع الرئيس الفرنسي ماكرون، الذي أكد فيه على أن الحق الأول قبل حقوق الإنسان هو حق الحياة.
 
وأوضح أن «المعايير الغربية في الحريات وخلافه لا تنطبق على المواطن المصري الأقل تعليماً وثقافة من نظيره الأوروبي»، على حد تعبيره. وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي قال لقناة CBS News الأمريكية إنَّ مصر وإسرائيل تتعاونان لمحاربة تمردٍ مستعصٍ لتنظيم الدولة الإسلامية «داعش» في سيناء، ونفى أن يكون هناك عشرات الآلاف من المصريين المسجونين منذ توليه الحكم سجناء سياسيين. وقالت صحيفة The Washington Post الأمريكية، لا يُعَد هذان التصريحان مادةً خصبةً للأخبار، لكنَّهما لا يُمثِّلان بالضرورة أنباءً جديدة.
 
وأوضح المصدر أن الأزمة تمثَّلت هنا في «شكل» الرئيس. «السيسي لم يعجبه شكله خلال الحوار، بعدما اطَّلع على مقتطفات منه عقب انتهاء التصوير».
ونشر برنامج 60 دقيقة، مقطع فيديو مدته دقيقة، من مقابلة أجراها مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بدا فيها متوتراً، ويتصبَّب عرقاً، عندما واجهه المذيع بمجموعة من الأسئلة المتعلقة بالاعتقالات السياسية في بلاده.
 
وذكر المصدر أن الرئيس المصري «بدا مهزوزاً أمام المذيع، وهو ما يتنافى مع الصورة الذهنية التي يحرص الرئيس على تصديرها عن نفسه، كرجل قوي ومسيطر على انفعالاته وعلى الوضع. أداء المذيع وأداء الرئيس لم يكن ليخدم تلك الصورة الذهنية مطلقاً، وهذا تحديداً هو ما جعل الرئيس يكلف اللواء عباس كامل بإنهاء تلك القصة وعدم إذاعة اللقاء».
 
 ونفى المصدر أن يكون الرئيس المصري قد وبَّخ اللواء كامل أو ثار عليه: «هذا غير صحيح على الإطلاق، تحدَّثا معاً وقرَّرا اتخاذ قرار منع النشر، وتم تكليف السفير المصري في واشنطن بإخطار القناه بذلك».
 
المفارقة هنا -والحديث للمصدر- أن ذلك الإخطار تم بعد التسجيل، بعدَه بأيام وليس الآن، لكن يبدو أن القناه لم تستجب، وقرَّرت تسريب تلك المعلومة الآن كنوع من الدعاية لحلقتها ليس أكثر. واختتم المصدر حديثه: «أؤكد أن الحديث عادي جداً، وليس فيه أي مشكلة أو كلام ليس مناسباً كما يذاع على الشبكات الاجتماعية».
 
المصدر: عربي بوست

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر