السعودية ترفض ضغوط ترامب لخفض أسعار النفط، وتحرّض آخرين لتبني موقفها

قالت شبكة CNBC الأميركية إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سبق أن أخبر القادة الأجانب بأن سياسة «أميركا أولاً» ستعني دائماً أنه سيضع متطلَّبات أميركا في المقدمة قبل احتياجات الدول الأخرى، وأنه يتعيَّن عليهم فعل الشيء ذاته من أجل بلادهم، ويبدو ان المملكة العربية السعودية سوف ترفع شعار «السعودية أولاً» خلال الفترة المقبلة.
 
 جاء ذلك، في تقرير لـ CNBC الأميركية تناولت فيه السياسات السعودية المستقبلية بخصوص النفط، قالت فيه إنه على ما يبدو تتفق المملكة العربية السعودية مع تلك الرسالة. فقد تجاهلت الرياض الأسبوع الماضي حملة الضغط العام التي شنَّها ترامب لاستمرار ضخِّ الوقود بكلِّ قوةٍ وخفض تكاليفه.
 
 وبدلاً من ذلك أقنعت المملكة العشرات من منتجي النفط بخفض الإنتاج وأعلنت عن خفضٍ حاد في إنتاج السعودية خلال الشهرين المقبلين.
 
ونقلت CNBC الأميركية عن حليمة كروفت، الرئيسة العالمية للسلع الأساسية في شركة RBC Capital Markets، يوم الجمعة 7 ديسمبر/كانون الأول، قولها: «اليوم تُطبِّق السعودية سياسة السعودية أولاً». وقبل ذلك بساعات، وافقت منظمة أوبك وروسيا والكثير من المنتجين الآخرين على اقتطاع 1.2 مليون برميل يومياً من السوق بدايةً من شهر يناير/كانون الثاني.
 
ووفقاً للشبكة الأميركية، يُمثِّل القرار انقلاباً في سياسة الطاقة السعودية. خلال الأشهر الستة الماضية زادت السعودية من إنتاج النفط بأكثر من مليون برميل في اليوم، وهي خطوةٌ لاقت ترحيباً من ترامب. أما الآن فتسعى المملكة إلى خفض 900 ألف برميل في اليوم خلال شهرين فقط.
 
في ظاهر الأمر، يبدو القرار وكأنه إهانة لاذعة تحفها المخاطر في وجه حليف مهم. وتأتي في الوقت الذي يُهدِّد فيه مُشرِّعون أميركيون بمعاقبة المملكة بعد أن قتل عملاءٌ سعوديون جمال خاشقجي أحد المقيمين في الولايات المتحدة وكاتب الأعمدة في صحيفة The Washington Post الأميركية في إسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول.
 
لكن مع تخبُّط أسعار النفط في سوقٍ هابطة، شكَّك القليل من مُحلِّلي السلع في أن السعودية ستخفض الإنتاج. فالمملكة في حاجة إلى رفع سعر نفط برنت الخام بحوالي 25 دولاراً للبرميل فقط لموازنة ميزانيتها، وفقاً لصندوق النقد الدولي. وكان من الواضح أيضاً أن السعودية، التي تنتج ضعف ما ينتجه ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك، ستساهم بأكبر جزءٍ من الخفض.
 
أنتجت الرياض أقل من حصتها عندما توصَّلت منظمة أوبك إلى اتفاقٍ مع روسيا وغيرها من المنتجين لخفض الإنتاج بدايةً من عام 2017، وقد فاقت الزيادة التي ساهمت بها المملكة كثيراً ما ساهم به المنتجون الآخرون من زيادة منذ أن وافق التحالف على رفع الإنتاج في يونيو/حزيران.
 
 
وفي الوقت نفسه، ينتج الكثير من أعضاء منظمة أوبك الآخرين النفط بالمستويات التي اتفقوا عليها عام 2016 أو أقل منها.
وقال بوب مكنالي، مؤسس ورئيس مجموعة Rapidan Energy Group: «صحيح أن السعودية ستظل تسهم بنصيب الأسد في الإنتاج. لكن يهمها أيضاً أن تشهد بدرجةٍ ما روسيا وعدة دول أخرى في أوبك تمضي قدماً معها بشكل حقيقي». وما ظلَّ طيّ الغموض في ما يتعلق بالاجتماع الذي عُقِدَ الأسبوع الماضي هو مدى الشفافية التي ستتعامل بها السعودية. وبحسب ما ورد فإن المنظمة قد نظرت في خطةٍ مُعقَّدة من شأنها خفض عدد البراميل في السوق، لكنها أخفت حجم الخفض لتجنُّب غضب ترامب.
 
وفي يوم الجمعة 7 ديسمبر/كانون الأول، بعث وزير الطاقة خالد الفالح برسالةٍ باتت أوضح مما توقَّع بعض المُحلِّلين. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، ضخَّت السعودية 11.1 مليون برميل في اليوم، بحسب ما صرَّح به الفالح. وفي الشهر الجاري ديسمبر/كانون الأول، يتوقَّع الفالح أن ينخفض الإنتاج إلى حوالي 10.7 مليون برميل في اليوم.
 
وينوي السعوديون خفض الإنتاج إلى 10.2 مليون برميل من النفط في يناير/كانون الثاني 2019. قال الفالح: «إن تلك الخطوة مدفوعةٌ بشكلٍ جزئي بالتزامنا بانتهاج الخطى السليم في 2019، وإثبات أن تنفيذ تلك الاتفاقية لن يستغرق وقتاً طويلاً وممتداً في خطواتٍ تدريجية لخفض الإنتاج. نقول ما نعنيه ونفعل ما نقول».
 
 رسمياً، سيخفض أعضاء أوبك مستويات الإنتاج عمَّا كانت عليه في أكتوبر/تشرين الأول، عندما ضخَّ السعوديون حوالي 10.6 مليون برميل في اليوم. لكن الزيادة التي أسهمت بها السعودية في نوفمبر/تشرين الثاني ستجعل الانخفاض ملحوظاً بدرجةٍ صادمة.
 
في يوم الجمعة، انتقد الفالح إدارة ترامب لإسهامها في انخفاض الأسعار على مدار الشهرين الماضيين. وقال إن العملاء تحمَّلوا تكاليف النفط الخام في الخريف، مُتوقِّعين أن تُطبِّق إدارة ترامب عقوباتٍ صارمة ضد إيران.
 
غير أن ترامب قد سَمَحَ لبعضٍ من كبار عملاء إيران بمواصلة استيراد نفطها، لذا لم تضيق الإمدادات كما كان يُخشى. والآن، وفقاً للفالح، سوف يعمل العملاء على الأرجح من خلال المخزونات قبل شراء المزيد من النفط.
 
وقال الفالح: «دعونا نكون صرحاء، أعتقد أن بعض مطالب الثلاثة أشهر الماضية جاءت على خلفية توقُّعاتٍ بتوقيع عقوباتٍ صارمة على إيران، لكن (العقوبات) قد خُفِّفَت».
 
ومن المعروف على نطاقٍ واسع أن إدارة ترامب ضغطت على السعودية من أجل زيادة الإنتاج في وقتٍ سابق من العام الجاري، بينما كانت وزارة الخزانة الأميركية تستعد لإعادة العقوبات على إيران، وهي سياسةٌ دفعت الأسعار للارتفاع. ومع ذلك، لا يزال ترامب ينتهج نبرةً تصادمية على تويتر على مدار عام 2018، إذ يلقي باللائمة على أوبك لرفع أسعار النفط ويأمر المنظمة بخفض الإنتاج.
 
وقالت كروفت لبرنامج Closing Bell الذي يُبَث على شبكة CNBC الأميركية: «في الماضي، كان رؤساء الولايات المتحدة يطلبون من المملكة السعودية بهدوءٍ أن تحافظ على توازن السوق. أما الآن، لدينا رئيسٌ أميركي ينشر تغريداتٍ على الملأ ضد منظمة أوبك».
 
وأضافت: «أعتقد أن الجميع في أوبك ينتظرون رؤية ما سيفعله الرئيس ترامب بعد ذلك. هل سيهدأ بعد هذا الاتفاق، أم أنه سيتوجَّه لوسائل التواصل الاجتماعي وينتقد أوبك؟». وحتى الآن، أوقف ترامب نيرانه، وواصلت الإدارة عقد محادثاتٍ مع السعوديين.


المصدر: عربي بوست

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر