سوريا: مهلة إضافية لتطبيق اتفاق المنطقة العازلة في إدلب

غداة انتهاء مهلة انسحاب المقاتلين الجهاديين من المنطقة المنزوعة السلاح في ادلب، من دون اخلاء مواقعهم، تبدو الأطراف المعنية بالاتفاق الروسي التركي وكأنها مدركة أن تطبيقه يحتاج الى المزيد من الوقت.
 
وانتهت الاثنين مهلة إخلاء الفصائل الجهادية للمنطقة المنزوعة السلاح، من دون رصد أي انسحابات منها حتى الآن، في وقت لم تحدد هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) المعنية خصوصاً بالاتفاق الروسي التركي، موقفاً واضحاً من إخلاء المنطقة.
 
وأعلن الكرملين الثلاثاء أن الاتفاق الذي ينص على إنشاء منطقة عازلة في محافظة إدلب في شمال غرب سوريا "قيد التنفيذ".
 
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف "بالاستناد الى المعلومات التي نحصل عليها من عسكريينا، يتم تطبيق الاتفاق وجيشنا راض عن الطريقة التي يعمل بها الجانب التركي".
 
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس "لم نرصد الثلاثاء أي انسحاب أو تسيير دوريات في المنطقة المنزوعة السلاح".
 
وأضاف "لا تطبيق حتى الآن للمرحلة الثانية من الاتفاق ولا مؤشرات على تنفيذها".
 
وتوصّلت موسكو وأنقرة قبل شهر الى اتفاق في سوتشي في روسيا نصّ على إقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب وبعض المناطق الواقعة في محيطها. وأُنجز سحب السلاح الثقيل من المنطقة الأربعاء، بينما كان يتوجّب على الفصائل الجهادية إخلاؤها بحلول 15 تشرين الأول/أكتوبر. وينص الاتفاق كذلك على تسيير دوريات تركية روسية مشتركة للإشراف على الاتفاق.
 
وتسيطر هيئة تحرير الشام مع فصائل جهادية أخرى على ثلثي المنطقة المنزوعة السلاح التي يراوح عرضها بين 15 و20 كيلومتراً. وتقع على خطوط التماس بين قوات النظام والفصائل المعارضة. وتشمل جزءاً من محافظة إدلب مع مناطق في ريف حلب الغربي وريف حماة الشمالي وريف اللاذقية الشمالي الشرقي.
 
وفي أول تعليق لها على الاتفاق الروسي التركي، لم تأت هيئة تحرير الشام على ذكر المنطقة المنزوعة السلاح. وفي موازاة تقديرها جهود تركيا من دون أن تسميها لـ"حماية المنطقة المحررة"، حذرت من "مراوغة المحتل الروسي"، وأكدت أنها "لن تتخلى" عن سلاحها و"لن تحيد عن خيار الجهاد والقتال سبيلاً لتحقيق أهداف ثورتنا".
 
- "صفعة قوية" -
 
وأعلنت دمشق الاثنين أنها ستترك لروسيا "الحكم ما إذا كان جرى تطبيق الاتفاق أو لا".
 
لكن صحيفة "الوطن" السورية المقربة من السلطات اعتبرت الثلاثاء أن هيئة تحرير الشام "وجهت صفعة قوية لأنقرة". وقالت إن عدم التزام الهيئة "يضع الاتفاق على حد الهاوية ويبرر للجيش العربي السوري والقوات الجوية الروسية البدء بعملية عسكرية لطردها من المنطقة".
 
وقال وزير الخارجية السوري وليد المعلم الاثنين تعليقاً على الاتفاق "يجب أن ننتظر رد الفعل الروسي على ما يجري هناك" إلا أنه أكد "في الوقت ذاته (أن) قواتنا المسلحة جاهزة في محيط إدلب".
 
ولطالما كررت دمشق عزمها استعادة السيطرة على كامل الأراضي السورية.
 
ويتحدث محللون عن وجود تيارين داخل التنظيمات الجهادية يتعارضان في موقفهما إزاء تطبيق الاتفاق.
 
وأورد مركز "عمران" للدراسات الاستراتيجية ومقره تركيا، في تقرير نشره قبل أيام، أن التيار الاول وهو بقيادة القائد العام لهيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني "يبدي جاهزيته للانخراط في الجبهة الوطنية للتحرير" التي تضم ائتلاف فصائل معارضة مقربة من تركيا. بينما يرفض التيار الثاني الذي يقوده قيادي مصري الامر تماماً "ويدفع نحو رفض الاتفاق".
 
- "يتطلب وقتاً" -
 
وطلبت أنقرة، وفق ما نقلت صحيفة "الوطن"، "من موسكو إعطاءها مهلة للتأثير" على قرار التيار الرافض لتطبيق الاتفاق داخل هيئة تحرير الشام.
 
ويقول الباحث في مركز "عمران" نوار أوليفر لفرانس برس إن "الأطراف المعنية بالاتفاق وحتى الأطراف المحلية تدرك تماماً أنه من الصعب تطبيق الاتفاق وفق المهلة المنصوص عليها، وبالتالي يتطلب الأمر وقتاً".
 
ويضيف "مع انتهاء المهلة المتفق عليها (...) أصبح من الواضح أن المدة الزمنية وإن انتهت شكلياً، لكن الجهود مستمرة لتنفيذ الاتفاق"، مرجحا أن هناك اتجاها ل"منح الاتفاق مهلة ثانية غير معلنة".
 
ويتحدث محللون آخرون عن "هامش مرونة" في الاتفاق كون الجزء المنشور منه لم يسم عملياً المجموعات التي يتوجب عليها الانسحاب من المنطقة المنزوعة السلاح، مكتفياً بالإشارة إلى المجموعات "الراديكالية"، كما لم يحدد آلية مراقبة لهذا البند.
 
وتشكل إدلب المعقل الأخير للفصائل المعارضة والجهادية في سوريا. وجنّب الاتفاق الروسي التركي المنطقة التي تؤوي نحو ثلاثة ملايين نسمة هجوماً لوحت به دمشق على مدى أسابيع.
 
وتشهد سوريا منذ العام 2011 نزاعاً مدمراً تسبب بمقتل أكثر من 360 ألف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية ونزوح وتشريد اكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر