نازحون من الغوطة الشرقية يجدون صعوبة في التعرف على منازلهم جراء الدمار

[ جندي سوري يرافق امراة في شوارع بلدة زملكا قرب دمشق في 12 نيسان/ابريل 2018 (أ ف ب) ]

شعرت ام محمد بالضياع بين أكوام الركام والأبنية المتصدعة وسط شارع رئيسي في بلدة زملكا في الغوطة الشرقية بينما كانت تبحث عبثاً عن منزلها، بعدما طغى الدمار على حارتها وغير معالمها الرئيسية.
 
تقف الخمسينية حائرة وسط الشارع واضعة يدها على ذقنها. تتلفت بحثاً عما تستدل به على منزلها. وتقول لوكالة فرانس برس "لم أجد منزلي بعد، لقد تغيّرت ملامح المنطقة بشكل كامل، وفقدت كل علاماتها الرئيسية".
 
وتضيف ام محمد التي أقامت أكثر من عشر سنوات في زملكا قبل نزوحها الى دمشق قبل ست سنوات هرباً من المعارك، "منزلي قرب الثانوية في شارع القابون، لكنني لم أجد الثانوية ولم أجد شارع القابون".
 
تسير أم محمد نحو شارع فرعي برفقة جندي سوري يحاول مساعدتها على تحديد الأماكن بدقة. تشير بيدها الى أحد المنازل، وتدخل واحداً تلو الآخر من دون جدوى.
 
وتوضح بغصة "كانت زملكا جنة، لكنها الآن مليئة بالمتاريس والتراب، والمداخل كلّها مغلقة بالألغام (...) خاطرت بنفسي لكي أصل إلى هنا، ولن أرجع حتى أعثر على البيت وأدخله".
 
ورغم أنها ترتدي معطفاً طويلاً نسقته مع حجابها البني اللون، لكن ذلك لا يمنعها من تسلّق الردم برفقة الجندي الخبير في المنطقة بوصفها ساحة معركة، من دون أن يعرف معالمها قبل اندلاع النزاع وسيطرة الفصائل المعارضة عليها عام 2012.
 
وتختصر المراة احلامها في الوقت الراهن بأن تلقي "نظرة قد تكون الأخيرة" على منزلها الضائع بين الدمار.
 
على غرار أم محمد، تعتري الحيرة وجوه النازحين الذين فروا من الغوطة الشرقية اثر سيطرة الفصائل المعارضة عليها لدى عودتهم الى بلداتهم للمرة الأولى.
 
في زملكا أيضاً، بحث بشير الأربعيني مطولاً قبل العثور على ورشة النجارة التي يملكها، ليجدها خالية وقد تدمرت واجهتها.
 
ويقول بحزن شديد لفرانس برس "لو لم تكن الورشة على الطريق العام، لما تمكنت من التعرف عليها، واضطررت لتسلق أكوام من التراب والركام".
 
- "تركت كل ما أملك" -
 
في منطقة الزبلطاني شرق دمشق، يتجمع المئات من المدنيين بانتظار ان تسمح لهم القوات الحكومية بالدخول الى حي جوبر المجاور وبلدات في الغوطة الشرقية لتفقد منازلهم التي غادروها منذ سنوات.
 
تجلس أم راتب على كرسي صغير جلبته معها وتضع فوق رأسها بطانية تقيها أشعة الشمس، بانتظار السماح لها بالدخول.
 
وتقول المراة التي تجاوزت الخامسة والستين من عمرها وهي تنظر نحو السواتر الترابية "جئتُ لوحدي لأرى منزلي في كفربطنا، لا أعلم إذا كان لا يزال موجوداً أم تحوّل إلى ركام".
 
وتضيف "لو لم يبقَ فيه الا تراب، سأفرد هذه البطانية وأجلس في بيتي".
 
قرب أم راتب، يتجمع مدنيون بانتظار العودة الى مناطقهم. يحمل بعضهم العلم السوري، ويهتف آخرون بعبارات مؤيدة للجيش، فيما تعمل جرافة كبيرة على إزالة التراب تمهيداً لفتح الطريق.
 
الى عربين وعلى هامش جولة نظمتها القوات الحكومية لعدد من وسائل الاعلام بينها فرانس برس، تشق السيارات طريقها بصعوبة. على ضفتي الطريق، تبدو المنازل وكأنها تتمايل على بعضها البعض.
 
وبدت بعض المنازل بلا أسقف كما ان معظمها بلا شرفات أو جدران. ويتناثر الغبار بعد كل خطوة في الأزقة التي يغطيها الركام.
 
وتبدو ملامح البلدة الرئيسية وقد اختفت بشكل كامل باستثناء ساحة صغيرة قرب مسجد من دون قبّة، ولوحات قديمة خرقها الرصاص عليها تسمية "شارع عمر بن عبد العزيز- منطقة عربين".
 
واضطر فؤاد محجوب (63 عاماً) الى الانتظار مع أفراد عائلته ساعات طويلة تمهيداً للدخول الى بلدة عين ترما المجاورة لتفقد منزله ومشغل خياطة قربه.
 
ويقول لفرانس برس بينما يُمسك بيده بعصا صغيرة يرسم فيها دوائر على الأرض والعرق يتصبّب من وجهه "لقد تركت كل ما أملك على بعد أمتار قليلة فقط، أتمنى ألا يكون الدمار قد طال ورشتي ومنزلي".
 
ويضيف بينما ينظر الى حفيدته خديجة "هذه البنت لم تر منزل جدّها بعد، عمرها ست سنوات، لا تعرف عين ترما الا من خلال الصور، لكن إذا رجعنا، سأعوّضها عن كل السنوات الصعبة".

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر